مدخل :
عند جبل الطور علقت بعض نبوءات عن إني آنست نارا ثم مشت صحراء سيناء حافية لعل الله يبارك مسيرها ببعض الكرامات ، مرت الدوحات ومرت الواحات ومرت التلال حين أضناها العطش شربت النبوءة وحين أنهكها السير شطبت الصحراء لم تكن تعرف أن الله منذ البداية قد باركها بنبوءة قلبي وأنه قد أكرمها بكرامات روحي ، لم تكن تعلم كل ذلك إلا حين رأت الغزال الذي كان مرهقا مثلها تدب في أوصاله الحياة حين مرت أقدامي على أثره ، لم تكن تعرف وهي تمر الأماكن والصحاري وتحلق بعيدا بين الجبال وبين المغارات وبين السلاسل الرملية أن هناك صفيا طينته البجع وقلبه الكروان وحديثه العنادل إلا حين ارتاح وهقها على أثري .
قالت للوحي يوما : حررني من آفاق الكون ومن منظومات البناء المنطقي ، فقال لها : سأمنحك الاعتبار العاطفي الغير مشروط وسأمنحك كونا غير مسبوق وسأمنحك مرتبات عليا من الملكات القادرة على التحليق والتحرر وسأدس في طينتك بعض الملائكة ثم سأترك لك جميع الخيارات مفتوحة للبناء وللهدم فصاحت : لكني أخاف أن تتركني وحدي ، ما كانت تعرف الحبيبة ما كانت تعرف حتى حين كانت تصيح أنت ملكي ولوحدي أنني لن أتركها أبدا وأنا كل خلاياي لا تقبل النشوء ولا الارتقاء إلا بها . كانت مسكينة تحبني أكثر مني وكنت مسكينا أحبها أكثر منها لهذا بارك الله المساكين بأن رزقهم جنة من عشق ٍ لن تؤتى لأحد ٍ بعدهم .
يقولون أنها خرجت من حزني ويقولون أني خلقت من عينيها وعند الرومان جاء في أساطيرهم أننا خرجنا من أوركيدة معلقة على شعر فينوس لكن الأكيد أننا مع كل هذه الأساطير كنا نعيش قرنا بعد قرن ونتلاقى دهر بعد دهر دون أن يرف لجناح قلبنا الملاك خيال زوال وبغض النظر عن برومثيوس الذي سرق النار المقدسة من الآلهة المقدسة ليعطيها للناس كان حبنا دافئا بيد أنه هزم النار المقدّسة .