عندما تفقد المزيد كل يوم وتحاول أن لا تفقد شيئاً آخر في اليوم الذي يليهِ وترى أنكَ ما زلتَ تفقد صحتك وعمرك وإحساسكَ بالوقتِ والضحك والألم،من شدة الألم، وبعد يوم تقوم بفقدان أشياء أكثر، وقد تصل لمرحلة ميؤسةٍ منها ولا تجد ما تفقده في صباح يوم آخرَ ، وأنتَ في هذا كلهُ كنتَ فاقداً ومفقوداً منذ بضع سنين،،
ليس في عمركَ عمرٌ ، ليس في قلبكَ قلبٌ ، غير حزنٍ وحطام،
لرحيل دون كفّ ، أو سلامْ،
أنتَ ما عشت لكي تعرف حبّاً ، دون موتْ ...
فأكتب الصمتَ فلا جدوى من القولِ ...
سوى القول بصمتْ ..
*
*
*
وبعد انتهاء الصمت ترملت ألف قصيدةٍ كحد أدنى ، وبضع مئات من القطع النثرية الحزينة القلقة أيضاً،
وثلاثة قصص غير مكتملة ، وخمسة مقالاتٍ حسب ما أذكر !
وكانَ أن خرجت المدينة برحلة نحو الشمال في يومٍ مشمسٍ آخر ، ولكن دون أن يعلم بها صاحب العلاقة ، ودون أن يضع بصمتهُ الثملة فوق حبر طريقها ،
فاكتشفوا أن رحلتهم مزوّرة ، ثم عادو بعد سجنٍ وترحيلٍ بحافلةٍ صغيرة جداً إلى بوابة المدينةِ قبل مغيب الشمسِ ، صامتين،
وبقيتْ فيروز وحدها تغني " صارلي شي ميّة سني ملشوح بهالدكان..ضجرت مني الحيطان ....."
فذكرتني بكِ ،
ثم قمت هارباً نحو البابِ ، فوجدت حرف التاء أمامي ! فذكرني بكِ ،
ثم ركضت إلى عملي الذي لا تعرفينه ! فوجدتُ كلّ الخارجين من صيدليّةٍ تحمل اسمكِ!على واجهتها
يذكروني بكِ ، حاملين أمراضي مع أدويتهم ،
فمن أيّ مهربٍ نحوَ وجهةٍ أخرى لغيركِ أمضي ، ؟
*
رحلة العمرِ الطويلِ الصعبِ في أقسى الضروف
علمتني كيف أن الوردَ يفنى..
في يدَي طفلٍ شغوف...
علمتني كيف أحبو فوقَ أحزانِ الكتابة..والكآبة ..
مذنبٌ جداً لأنّي ... كنتُ في دربِ هداكْ...
كيف أمشي ثمّ أمشي ثمّ أمشي
دونَ إدراكٍ لذاكْ...
فاقداً للوعي جداً... حاملاً ورداً وعطراً
ليس في عقلي سواكْ...
رحلة العمر الطويل الصعبِ في بؤسِ هواكْ ،
علمتني كيف أن الحب شيءٌ
ليس فيه السعدُ إلا لحظتين ...
لحظةً فيها أراكْ .....
لحظةً فيها تطوقني يداك
بعدها في ثانية ...
يصبح السعدُ بعيداً ..تصبح الأحلامُ جداً نائية ...
*
رحلة العمر الطويلِ الصعب في عشقِ فتــاة ...
علمتني كيف أنّ الموتَ ..عفواً ..كنتُ أعني بالحياة !
لم يعد بينهما فرقُ كبيرْ...
لم يعد للشعر في قاموسي مغزى
كلّ ما فيه من المعنى حقير ...
ليس في كفي دواةٌ ..تكتب الشيء المثير
لم يعد للحبر لونٌ ..لم يعد كفّي حريرْ
*
وأي حريرٍ سوف أشتري بما أجنيهِ من بؤسِ مصيبتي لجسدٍ باع انوثتهُ لرجلٍ ليس له علاقة بالحب لا من قريب ولا من بعيد ...
تغير لون الحب جداً ، أصبح قاتماً جداً ،
لم يعد لافتتي التي حملتها ، لم يعد قضيتي الكبرى ،
ولمضي الأسباب التي كانت تدفعني للكتابة بعيداً جداً ،
أصبحت الكتابة بحد ذاتها تنتظر أول حافلة متوجهةٍ إلى اللا مكان ،
بحجزٍ مسبق .
الإهداء ..
إلى الحلاوجي ..
وهو يبيعُ حلواً لفمِ الزمانِ المرْ ..
إلى أحمد ..
وهو يقرأ لإبنهِ الرضيع قصيدة حامد زيد الجديدة ،!
إلى جوتيار ..
بغض النظر عن دموعي التي لم يرها سوى حروفاً !
إلى عمّار ..
وذكريات الساعة ، وخزرج ..
إلى عبد المهمين ..
بعد اكتشافي أنه تزوج دون أن أعلم ..ورزق بطفلة !
إلى عبدالله ..
وهو ينتظر نهاية الشهر ..لتأتيه " صامدة "
إلى معن ...
في رحلة البحث عن بيروت ،
إلى حسين ..
وهو ياكل المزيد من أطباق البيتزا !
إلى أكرم
وابنه الشقي ... أحبكما
إلى حكمت ،
بعد انتهائهِ من جعل عشرة اشخاص يحبونه اليوم ..
إلى ماجد المهندس !
وهو يغني "محتاجك "
.