السلسلة الذهبية في علم الاجتماع
بقلم خالص جلبي
المجتمع نقاط اتصال من الأشخاص، وشبكة علاقات اجتماعية، قوية من توازن أهواء الأفراد بتعبير الفيلسوف البليهي، إذا شد الفرد الخيط من الشبكة تقطعت، فتورم الفرد مستحيلا إلى قارض اجتماعي وتمزقت الشبكة الاجتماعية وضوى المجتمع، كما يفعل من يخالف إشارات المرور والتهام القانون بالواسطة.
ولنسلط الضوء على فكرة (السلسلة الذهبية) أكثر كي نفهم في ضوئها معنى الموت الاجتماعي ؟!!
مامعنى أن (معاملة) ما في أي قطاع اجتماعي لاتمشي إلا بطريقة (الدفع المتتابع) مع شيء من مزلقات الحركة من (وساطة أو رشوة)؟! إن هذا المرض خطير ومؤشر لأزمة اجتماعية؛ فالعملية الاجتماعية أياً كانت، حتى تنجز، تتكون من سلسلة من الأفعال الاجتماعية، يقودها الأفراد الاجتماعيون من خلال معادلة (حق - واجب).
أي أن الواجب الذي يؤديه فرد في سلسلة (آ) ستكون له حقاً في سلسلة (ب) مثل العلاقة بين (علاج طبي لمريض) و (استخراج رخصة قيادة سيارة في مصلحة المرور) و (نقل رسالة بريدية) فالعملة أي ( الخدمة الاجتماعية) هي عملة ذات وجهين (حق - واجب) فما كان حقاً لفرد هو واجب للتأدية في ذمة آخر.
والاقتصاد هو ثلاث أعمدة من الخدمات والسلع والنقد ...
وهذه العملية الاجتماعية مهمة في كل (حلقات السلسلة) بمن فيهم الفرَّاش وحامل الأوراق، لإنه يكفي أن (تنام) المعاملة في (درج) أو يضطرب التعقيم في مرحلة طبية، أو يهمل أي موظف الخدمة الاجتماعية أن تضطرب السلسلة كلها وتحل الكارثة!!
وهذه الحقيقة القاسية والمؤسفة هي لب العملية الاجتماعية.
قد تكون (السلسلة الاجتماعية) مكونةً من عشر حلقات بين الرئيس والسكرتير والضارب على الكمبيوتر والمدقق وانتهاء بحامل الأوراق، ولكن يكفي أن تضطرب (حلقة واحدة) من هذا السلسلة كي يجهض النشاط الاجتماعي برمته؛ فهذا قدرنا نحن البشر، أننا لاننجز الحضارة الا من خلال العمل المشترك الخلاق.
وهذه المشكلة هي أس الأسس في التركيب الاجتماعي، عندما يكون المدير جبارا، والموظف شارداً، والمدقق لايعرف الدقة، والناسخ يجهل أبسط تصريفات النحو في خط هيروغليفي، والقاعد خلف السنترال نائماً؟! يكفي الخلل في (حلقة مفردة يتيمة) ولو كانت كل (السلسلة) من الذهب الخالص أن تحل الكارثة، فتصبح سلسلة تنك وخارصين.
وهي كافية لتتوقف السلسلة أن تمر بها ( السيالة الكهربية) الاجتماعية، وبذا ينطفيء الضوء الاجتماعي وتسود الفوضى، ويدخل المجتمع ليل التاريخ، ويبدأ المجتمع في التسرطن بتضخم الذات، وبداية التحلل الحضاري، وتفكك قطع (الماكينة الاجتماعية) الى موادها الأولية، وهي مؤشر الموت، كما يحدث في عفن الجثث وتفسخها.
إن المجتمعات حين تموت لايموت أفرادها بل تتمزق شبكة التعاون فيها، وهي ماقصه القرآن علينا أن لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون .. أثم إذا ماوقع آمنتم به؟؟ آلآن وقد كنتم به تستعجلون... قل أي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين..