|
بـــأي عــذر ٍ إلى الـتــاريـخ نـعـتــذرُ |
مـمّا أسـاءت لــه سَــوْءاتُـنـا الكُــبَـرُ |
أزرى بـنـا حـين خـاطـــرنـا بـذمـتـنـا |
فاجـتاحـنـا ضـاربـاً نـاقـوسـه الخـطَرُ |
جواً .. وبحراً .. وبراً ، في مـصـائـرنـا |
تحكَّم النسرُ .. والتمساحُ .. والنمِـرُ |
و نـازعـتنا الجـهاتُ الستُّ وجـهـتـنا |
الـفـوقُ والـتحـتُ ثـم الأربَـعُ الأ ُخَــرُ |
فـي كمب دافيد إجـرامٌ أعِـدَّ ، وفي |
أوسلو اجتماعٌ ، وفي مدريد مؤتـمرُ |
و زُعــزعــت ثَـمَّ أعــلامٌ و أشــرعـةٌ |
مـن السـفـينـة ، والألـواح والـدسُـرُ |
والريـح قاصفةٌ .. والشمس كاسفةٌ |
والبـدر منخسفٌ .. والنـجـم مـنكـدرُ |
وعُـطلت طـرق الإحساس في دمنا |
الـذوقُ والشـمُّ والأسمـاعُ والبـصَــرُ |
عشرون واثنـان ، شالت من بيارقها |
ثـلاثـةٌ ، وأطـيـحَ الـتـسعةُ الـعَـشَــرُ |
فـلا قريـشٌ ، ولا بكـرٌ ، ولا جُـشَــمٌ |
و لا تمـيمٌ ، ولا قيـسٌ ، ولا مـضــرُ ! |
مـمـالـكٌ ما أقـيـمـت حـولـهـا جُــدُرٌ |
لـكـنـهـا قـد أقـيـمـت بـيـنـهـا جُــدُرُ |
برقُ الصواعق ، رعدُ الطائراتِ ، إلى |
غيم الحرائق،شاموا الغيثَ وانتظَروا |
فـبـال بـوشٌ عـلـى آنـافـهـم كـرَمــاً |
فـأعلَنـوا الشكر ، ظنّـاً أنهم مُـطِـروا |
لـم يبـق من ديـننا ، أو من عروبـتـنا |
إلاّ الـدعـايـةُ ، والأسمـاءُ ، والـصُــوَرُ |
و جـمـلـةٌ مـن شـعـاراتٍ نــرددهــــا |
يـكـاد مـن ثـقـلـها الـتـاريـخُ يـنـأطــرُ |
نعود يا قدسُ ، لكن أين كيف متى؟ |
لاضوء في الأفق يستهدي به النظرُ |
ولا تَـهــِن يا عراق المجد ، نحن هنا |
و لا حـقـيـــقـةَ إلا الكِــذبُ و الـهــذَرُ |
ما نـحـن إلا صـغـارٌ في حـقـيـقـتـنـا |
و بـالـقـيـاس إلـيـنـا يـكـبـرُ الصِّــغَــرُ |
عــوراتُـنـا كـلـهـا لـلـعـيـن ظـاهـــرةٌ |
أمـّا الـضـمـيـر لـدينـا فـهـو مـسـتـترُ |
مـحـرمٌ في لـُهـانـا ، والـرؤوسُ عَـثـا |
فيها جُمادى ، وفي أجـوافِـنـا صَـفَـرُ |
واستحكم الذل واستشرى الهوانُ بنا |
حـتـى قـبـلنـا بمـا لا تـقـبـلُ الـحُـمُـرُ |
نُـهـيـبُ بالحـظ يـسـتـبـقي بقـيـتـنا |
و الـحـظ ليس لـه دخـلٌ ، بل القـدَرُ |
لمّا اقـتـفـيـنا هـداةً ضـل سعـيُـهـمُ |
ساروا بنا كيف شاءوا، لا كما أ ُمِـروا |
قال اذهـبوا (حيث ألقَتْ) إنكم بشرٌ |
على المجاز ، وإلا لستمُ البشَـرُ !! |
|
مـن أي بـقـعـةِ رمـل ٍ عُربُنـا خُـلقـوا |
الناسُ حَـطّت على المريـخ صـاعدةً |
و نـحـن في هُــوّةٍ عـمـيـاءَ نـنـحـدرُ |
و النـاسُ وحَّـدها بـغـيٌ ، و واحـدُنـا |
في ذاته اثـنـيـن مقسـومٌ ومنشطرُ |
غـابـاتُ نـاس ٍ تـهابُ العـينُ كـثرتَـها |
كـأنـهـا الـشـوكُ ، لا ظـلٌّ و لا ثـمــرُ |
نـــام الـزمـانُ وهــم يـقـظـى لآونــةٍ |
حتى إذِاستيقظت أعداؤهم شخَروا |
و البعـضُ قبل قيام المحنةِ انبطـحـوا |
و البعضُ قبل اشتعال الفتنةِ انصهروا |
و البعضُ قد أسلموا للغرب صـانعِـهِم |
و بـالـعـروبــةِ و الإسـلام قـد كـفــروا |
و هم بأسمى معاني القتل ماقُتلوا |
لكن بأوطـا معاني الأسر هم أ ُسـروا |
يا قـدسُ لا تـَرْجُ مـنـا نـجــدةً أبــــداً |
و لا يَـغُــــرَّنْـــكَ أنـّا مـعـشــرٌ كُـــثُـرُ |
ناموسُنا عاد كالناموس ِ ،إن عَصَفتْ |
ريـحٌ ، يـغـيـبُ ، فــلا عـيـنٌ و لا أثَــرُ |
و يا عراقُ أغِـثـنـا أنتَ ، مُـتْ عَـجـِلاً |
لـيـغـتـذي بـك هذا الـدود والحـشَـرُ |
ثـلاثـمـائـةِ مـلـيـونٍ تــضـيـقُ بـهـم |
بـقـيـةُ الـوطن المـنـهـوب لو قُـبـِـروا |
نبـيـع عشرين مليـوناً ، يعيـشُ بهم |
عـشـرون لـصـاً ، ليقـتاتوا ويتّـجــروا |
لا ديـنـنـا ، لا غـنـانـا ، لا عـروبـتُــنـا |
لا جـذرُنـا الحـر ، لا تاريـخُـنـا العـطـرُ |
أضفت على قُبحنا من حسنها طرَفاً |
بـل ليـس يـظـهـر مـنـهـا عـنـدنا أثـرُ |
و كـلــنـا أمـــراءٌ ، لامــنـــاص لـــنـــا |
من العـبـيـد سوى تـنـفـيـذ ما أمـروا |
و كـلـنـا عـظـمـاءٌ ، لا نُـطـيـقُ لــهــا |
رَدّاً إذا نَــهـبَــتْ أقــواتَـنــــا الــهـِـرَرُ |
و كـلـنـا حُـكـمـاءٌ ، لا يُـقــــاسُ بـنــا |
إلاّ هَــبـنَّــقَــةُ الـقـيـسيُّ و الـنـفَــرُ |
و كـلـنـا حـلـمـاءٌ ، مــن بَــلادتِــنــــا |
كـأنـنـا في مـسالـيـخ الـردى بــقــرُ |
و كـلـنـا عـلـمـاءٌ ، مـن جَـهـالـتـِنــــا |
يَـهـمـي البـلاءُ علـينا مثـلما المـطرُ |
و كـلـنـا أدبــــاءٌ ، مـن ثـقـافـتــنـــــا |
تُـشـــوّهُ الـقـيـمُ الـعُـلـيـا و تـنـدثــرُ |
و كـلـنـا شـُعـراءٌ ، مـن حَـمـاسَـتـنـا |
تَحمى الأسِــرّةُ حتى تَـقدح السُّـرَرُ |
... ... ... |
الـثــأرُ يـُلـغـى إذا ثــارت غـرائــزُنــــا |
قـد تـخطر القدسُ في أذهان قـادتنا |
فــلا يـكـــونُ لـهـا وزنٌ ، ولا خَـطَـــرُ |
و لا تُــؤثـِّـرُ فـي وجــدانـهــم أبَـــــداً |
إلاّ ( العيون التي في طرفها حَـوَرُ )! |
بـنـى لـنـا أوّلـونـا الـمـجـدَ شاهـقـةً |
عـِمـادُه ، و علـيـنـا هَـدمُ ما عَـمَـروا |
هل سائل ٍ نـفـسَهُ بالجـدِّ أو فَــرَضاً |
مـاذا نـقـول لـهـم لو أنـهم نُشِـروا ؟ |
|
يـا أمّــةً فـي ظــلام الـلـيـل قـابـعـةً |
ضـيّعـتِ حـزمكِ مذ ضيـّعتِ طـائـعـةً |
وصـيـةً كـان قـد أوصـى بـهـا عُـمَــرُ |
فـالآن فـاسـتـنـجـِِدي لـلثـأر أغـربــةً |
تُـعـلي النـعيـق ، ولا نـابٌ ولا ظُـفُـرُ |
أو فـاعـلمـي أنـهـا حـربٌ صـلـيـبـيـةٌ |
صَـمّـاءُ عـمـيـاءُ ، لا تُـبـقـي ولا تَـذَرُ |
إذِ الـعـراقُ غـدا بــالـحـرب مـبـتَــدَءاً |
فـيـا لَـســوأةِ مـا يـأتـي بـه الـخـبـَـرُ |
فـــلا الـكـويــتُ و لا الأردنُّ آمــنـــــةٌ |
و لا الـحـجــاز و لا مـصــرٌ و لا قـَطـَـرُ |
بـيــادرٌ حــول نــار ٍ أوقِـــدت عَـبَـثـــاً |
من لم يـطُـلـه لهـيبٌ طـالـَه الشّـرَرُ |
فـلـتـرجـعـي لـكـتـاب الله مـعـلِـنـــةً |
أحـكـامَ ما سـنّـتِ الآيـاتُ و الـسـوَرُ |
و لْـتـَرفـعـي بـدلَ الـتـيـجـان عـاليـةً |
راياتَ عزٍّ ، هي الأقـمـاطُ و الـخُـمُـرُ |
(وفــاءُ) (آيــاتُ) (إيـمـانٌ) و زمـرتُــهــا |
و (درةٌ) حـســدت أمـثــالَــهُ الـــدررُ |
بـهــؤلاء يُـشَـقُّ الـفـجــرُ مـنـبـلـجــاً |
إن فجّـروا هدفاً ، أو إن همُ انفـجروا |
لا بــالـذيـن إذا قـِــط ٌّ تَـثــــاءبَ ، أو |
دجـاجـةٌ قَـوقَـأتْ في حَـيـهم ذُعِـروا |
دعـوا أطـَيـْفـالـنـا يـحـمـون عـزتَـنـــا |
فـــربـمـا قـلّـدونــا إن هــمُ كَـبــــِروا |
الأمـرُ أكـبَرُ من طـفـل ٍ و من حـجـَرٍ |
و الطـفلُ أكـبَرُ من أمـر ٍ له ائـتـَمَـروا |
أسـلافُـنـا أدركـوا هــذا و حـكـمـتـَـهُ |
فـكان من أجـل هـذا يُـعـبـَدُ الحَـجـرُ |
يـا مـسـلـمـونـا ، و يـا أحـرار أمـتـنـا |
تـنـبـهـوا يـا أ ُلي الألـبـاب واعـتـبروا |
النـصـرُ أقـرب مـن حـبـل الـوريــد إذا |
شئتم ، و شرطه ميسورٌ ومخـتـصَـرُ |
( إن تنصروا الله ينصرْكم ) إذاً فضَعوا |
في البالِ (إنْ) ، و ثِقوا أنّا سننتصرُ . |