قال جحا الحكيم :
هذه القصة حدثت قديما في عصري:
كنت ممتطيا صهوة حماري نتأمل في الحياة
أنا أتأمل فيما أراه ، وهو أيضا يتأمل فيما يراه!
وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث إذ برز لنا يهودي
(وكان اليهود في هذا الوقت مثلهم مثل أهل الذمة يعيشون بيننا
لهم ما لنا وعليهم ما علينا.)
وقد عرفت أن هؤلاء الأشرار لما تحكموا الآن يفعلون ما يفعلون من قتل وتدير لا يرقبون فينا عهدا ولا ذمة)
المهم!
أشار لنا اليهودي يريد أن يركب معنا إلى حيث يريد في طريقنا.
فأردفته على الحمار
وكان حماري في هذا الوقت قويا فتيا ليس كحميركم الهزيلة
فقال اليهودي كأنه يشكرنا :
ما أجمل حمارك!
ففرحت، ومضينا ، وفي منتصف الطريق قال اليهودي بعد فترة صمت طويلة:
"ما أجمل حمارنا!"
وإذا بحماري يهيج ويلقي بي أنا واليهودي على الأرض.
فقلت له ما هذا يا حمار؟!
فقال : لست أنا الحمار بل أنت.
قلت له : لماذا (رحمك الله) ؟
قال هذا اليهودي طماَّع خدّاع.
لقد بدأ بقوله: "حمارك"
والآن يقول : "حمارنا"
وعما قليل سيلقي بك ، ويقول لك:"ما أجمل حماري!"
فقلت له: طيب ألقِ به هو.
فلم تلقي بي أنا أيضا ؟
قال : حتى تفيق وتصحو، وتفهم ما كان يدبره لك هذا الماكر.
قمت ألملم نفسي، وأنفض عني تراب الطريق.
ومضيت بحماري العزيز إلى غايتنا مخلفا هذا الحقيرَ ورائي، يتجرع مرارة الخيبة والحسرة.
وعندما وصلنا إليكم هنا في عصركم ذكرني حماري بهذه القصة القديمة.
متسائلا:
لماذا لم ينتبه الناس هنا كما انتبهتُ ؟
لماذا تركوا للماكرين كل شيء؟
بلادا
وخيراتٍ كثيرة
أليس فيهم حمار رشيد؟
عمكم جحا وحماره العزيز
(من مذكراتي عندما كنت جحا الحكيم في موقع حبيب إلى قلبي)
مصطفى