"أنا والموت على أكف الضياع " بقلم وفاء الأيوبي "
أنا والموت على أكف الضياع
أنا والموت هناك على أكف الضياع ، تتجاذبنا الأماني
ها هو يحتل المساحات المأهولة في الوجدان ، وأنا أتخفى خلف الجدران
أما زال هناك ؟! ...لقد تعقبني ، إنه ينتظر في الزاوية ...
نعم أُنظُرْ معي !!إنه ينظرني
تشرئب دموعي ، وحمم نظراته تقدح الحريق .
أينقض ؟!...متى ينقض ؟؟
أربع ساعات مصلوبة على خشبة القلق ؟!
ما أمرها من نجوى !! أنينها بألف عام، عمرها عمر الدهور
في الساعات الأربع، كلهم يحدثونني، وأنا لست هناك
إني معه، قد أسرني بعينيه ، لا أستطيع منهما الفكاك
قد استحوذ عليَّ بسلطته الطاغية ، بهول معطفه يضمني إليه.
إني معه ، يريدني، ولا يحدثني ، أشعر بلفح أنفاسه على معصمي ..
.في رأسي يداخلني ، يطغى على مناجاتي.
إنه يتسرَّبُ إلى مسام جلدي ، يُخَدِّرُ مني الدم في الشراييين ....
ويهوي منجل الأرق يسحق صلب السكون
وتصهل إرادتي بدمدمة وزعيق بشهيق عنيف وزفير
أأرفض ؟! لا لا يحق لي ....
من أنا الآن ؟!! ذرة من صلصال من طين ، قطرة من مياه هذا التكوين ؟!
كل العنفوان ، كل الإباء ، اشرأب طاول عنان السماء ، ونسي هناك العنوان....
إلى أين أنا أصير ؟! أهي النهاية ؟! أنملك أمرنا ؟!
أتململ ولا صوت ، أتلاشى ولا أنين ...
أحبتي ، أنتم النجوى لعيوني ،ها نحن في احتضان ، غرباء
أهكذا هي إرادة السماء ؟!
قد هرعت حواسي إليه ،تشبثت به ، كما الغريق وقصته مع قشة المحيط.
وبسمتي ، إشراقتي ،أأنتما مني براء ؟؟
عمر قضيناه في ودٍ وتصفيق ...أينسى الصديق الصديق ؟؟! أيتبرأ الأليف من الأليف ؟؟!
والوليد أيُقايِضُ حضنه الرفيف !
أمي أنت هنا ؟!
لؤلؤك اللاهب لظى لعيوني ، لا تسكبيه فوق السرير!!
أمي ! أتخلصيني ؟! لالا لن تستطيع !!
أختي ، أين انت ؟! تقول هنا ، لكني أعلم أنها الآن في البعيد ....
أخي أرجوك ، ما بالك ؟ أتقول أنك بالدنيا لا تقايضني وبرموشك تحميني !!!
بت ظلا، بل ظلالا من أيد تأنف التربيت !!
كيف تتركني أخي الحبيب ؟!
هل أنقاد دونما عراك ، فراشة تأبى الفرار ، إلى اللهب تمضي لا تستفيق، يجذبها النور العميم،أو أنا قطرة من ألق،والشمس تلهبها،فتهفو إلى السماء،وتنعقد مع الغيوم لتهمي من جديد وتلتحق بقاع المحيط ؟
لن أنتظر سوطا لجلاد عنيف، بكرامة سأسلم له الجبين
ليتني أعرف ماهيتك أيهذا المجهول الذي يحتويني، وإلى متاهاته يجرجرني ....
يا ألله !
حالما تسترخي مني الجفون ، إلى من أوكل أمري ؟!
إنه ما زال هناك في الزاوية ، يقف، ربما يـأمل أن أغفو، وأنا يجف مني الريق ...
لم لا يرونك ؟أيها الغائب ، الحاضر في عيوني ...
أأناديك، وأتجرعُّه العلقم المرير ؟؟!
يا إله السموات ،كيف لمخلوق أن يقرر نهايته ؟!
إنك الرب أحكمت التدبير
يا إله العرش القدير ! هذا الانتظار قتال
"أكون أو لا أكون "، قالها قبلنا ...... من هو ؟؟! يا ألله! أهو العقل الآن في تطبيع ؟!
أسأكون هنا أو لن أكون ؟!وإن كنت هناك ، فمن أكون؟!
شتات الذاكرة تهوِّم في البعيد ، تأبى الرنو إلى عالم الوعي المعقود بشلحات النور....
إني هنا .... لكني هناك معه أحاوره ،أستنبش منه المهام ...
أأنا المهمة الأخيرة ؟!
أخبرني أيها الراكن على أبواب الخلود !!لا تقتلني بصمتك !
لا تتركني لأنياب الشك تنهشني، فتمزقني ،
أو لرياح الحيرة تستقويني ،فتقذف بي ،أو تتقاذفني، لتلقي بي في متاهات النسيان!
أخبرني، فأنا في فضاءات الأزمنة القصية،أغفو ،وأستفيق على شدو ورندلة !
أترندل أيها الموت ؟! ألك اليوم صيد وافر؟!
أأنا صيدك الأخير؟!
كيف نترك الأليف والخليل، الصديق والعشير ؟!
لبسناهم جلدا صفيقا، أنخلعه وهمًا على ضيق ؟؟!!
ما المنتظر؟!
أجنةأخاذة للبصرعرضها السموات والأرض؟! إليها إني مددت البصر
إذا..... أبتدئ التجذيف ؟!
أعملنا ليومنا وكأننا نعيش أبدا ،أعملنا لآخرتنا وكأننا نموت غدا ؟!
إني طامعة في رحمة المولى
نعم، سأترك كل شيء ورائي وأنطلق ...أأنطلق ؟!
إذا أغمضت العيون ، ربما استغل الموت غفلتي، واتخذني من لحظتها له الرفيق !
لِمَ أراني لا أحرِّك ساكنًا ؟!!
ما عهدت في نفسي إلا نزع جلدي إن كان عني يضيق !؟!
إلهي لتكن إشراقة الإيمان أيقونتي ، وحجر السكينة معبدي!!
أنت ربي ما شئت كان ، وما قدرت حصل !!
سأذهب للعملية الجراحية ، سأدخل في التخدير الكلي ،
سأترك نفسي لإلهي الرؤوف القدير ، أطمئن وأذوب خاشعة لحكمه الرحيم!!
لتكن مشيئتك ربي !!
إما إلى جانبك ستكون مرساتي ، أتنعم وأسعد ،
أو إلى أهلي أعود، وأمضي العمر أتوسل أقباسك الأزلية الأبدية في مخلوقاتك!!
أيكون في العمر بقية؟!
إلهي أسلمت وجهي اليك ، تغمدني برحمتك! أدخلني في جنانك!!
بقلم وفاء الأيوبي
طرابلس في 25/7/2008