ناحَ القصيدُ فسحَّتْ بينَ أيـدينا
********** أشباهُ همس ٍ تداعتْ من مآقينا
تذروا الرياحُ رمالَ البين ِ من غدِها
********** يا صاح ِفاشربْ على التِّهمام ِواسقينا
ليس َ الصباحُ على باب ٍ فيوقظنا
********** ولا النفـير ُ من َ الأجداث ِمُثنينا
قدْ أرهقتنا عِظات ٌ لم تُعِد ْ سَلَبا ً
********** وما استثـارتْ لهمْ ِ همـما ً قوافينا
ما دامَ أنا على صَمَم ٍ أطالَ بهم
********** فانسَ العتابَ ودعْ عنك َ المُمفِتّينا
عجِّـل علينا و َدعنا نستزيدُ بها
********** موتـا ً يُردُّ لعلَّ الموت َ يُحينا
واقرعْ كؤوساً تدانتْ في الجنونِ إذا
********** بينَ الكؤوس ِ صِبـانا عاد َ يُدنينا
أَهوَ السرورُ تجلّى في مجالسِـنا
********** أم مسُّ جنٍ وذا حـال ُ المصابينا
ناشدتك َ الله َ ُتنسينا بصُهْبَتِها
********* وطن ٌ يباع ُ و ألوان ٌ مخازينا
ذنبٌ يخفِّفُ عن ذنب ٍ و يدرؤه ُ
********** ربي وعفوُكَ منْ قلَـم ٍ يجازينا
ما نفعُ ذكرى إذا كانتْ مكبَّلة ً
بالوهْم ِ تُسقى و بالأعذار ِ تروينا
منْ كانَ ميْتاً وإنْ دبَّت به ِ قدم ٌ
لا ُيقتفى أثراً أو ْ يُرتجى حـينا
يا ألفَ ألفٍ أقامتْ في السرابِ وهمْ
سَقَطُ العبيد ِ وإن ْ زعموا الأفانينا
كم ضلَّ سعي ُ وإن ْ وَرِمت ْ غلالتُه ُ
وبدت ْ حصاداً وغرَّت في المصلينا
قرأوا الكتابَ ولكن ْ ما وعواْ خبرا ً
أوَ كانَ غايَتُهُ رسما ً وتلـحينا
وقصَّرَ البعضُ في طولِ الإزارِ وقد
أعفى لحـاهُ فجلّى في المؤدّينا
وإذا استفاضَ فرابعة ٌ له ُ سكنا ً
و كـمْ تمنىّ يمينـاً ِ منْ أوالينا
يَلِدُ الليالي َ إن ْ عزَّت ْ ولادتُها
ويستطيبُ جموحـا ً في المغالينا
يوماً يصلّي لدينار ٍ سيأكله ُ
وغداً يصوم ُ و يشدو كانَ ماضينا
أوَ غيرَ هذا يهزُّ العرشَ منتقما ً
منْ أمة ٍ ما أفلحت ْ لا دنيا و لا دينا
لو أنَّ صخراً ُينادى لاسْتَبَنْتَ له ُ
عشراً من ِ الآذان ِ بلْ خيلا ً يُلبينا
لكنَّه ُ العارُ قد ْ علقت ْ سلاسِله ُ
فغدا لهمْ حبسا ً و غَدَواْ مساجينا
بعض ٌ يغنّي على موّال ِ قاتله ِ
ويدَّعي الفوزَ و الطوفـانُ آتينا
والبعضُ ينخرُ في خُلْف ٍ ويشبِعُهُ
سقيا الشقاق ِ و ينصبُها براكينـا
حلفُ الطغاةِ وخزي ٌ أن يُظنَّ به ِ
سوى هَـلاك ٍ لحـاضرنا وبادينا
كم من بلادٍ أصابَ الحقدُ فلذتها
وقد تسلَّل َ من ْ خَوَرِ المريدينا
متى يؤمَّـلُ في خصْم ٍ عدالتُه ُ
ومتى الولايةُ في كنف ِ المضِّلينا
ومتى يوسَّدُ أمرأ كلَّ مرجفة ٍ
وكيفَ بالكفرِ لا التقوى تأسّينا
ونخطبُ الأسرَ أحراراً ونُبلِغُه ُ
ما حار َ فيه ِ و ُنهديه ِ صياصينا
ونُشْرِعُ الفلكَ فوقَ النار ِمحتفلاً
بها ونزعم ُ أنَّ الماءَ حامينا
وقفَ القديمُ على طلل ٍ يُحاوره ُ
ونحن ُ نندب ُ حالا ً سوف َ يطوينا
لا يخدعنَّ ضجيجٌ في ظواهرِها
فللمـدائن ِ وشـم ٌ قبل َ يهوينا
من كلِّ سانحة ٍ أبصرتُها كسفا ً
تخفى و تجـلو ، شداد ٍ لا يبالينا
صعقا ً وحرقا ً و تدميراً ومقتلة ً
ترثُ الديارَ خرابا ً ليس َ يُجدينا
ُحبلى أراها ومسخ ٌ في حُشاشتها
أما المخاض ُفقيح ٌ شقَّ غِسلينا
سودُ اللياليَ ليست سودَ في غدِها
إذا النهـارُ قتام ُ الوجهِ عامينا
أمس ِ اللذي نحيا سيقولُ نادبُه
يا ليتَ أن َّ يديه ِ ما برحتْ أيادينا
ما ارتاحَ منا سوى سلف ٍمضى أَنفا ً
من لوثة ِ العار ِ عزَّ اليومَ ناعينا
لسنا نلومُ ولا عتب ٌ على زمن ٍ
وكيف َ ننكرُ ما خذلتْ مواضينا
منْ سرَّهُ العيش ُ معلوماً عواقبه ُ
لا شكَّ لاه ٍ وليتَ الداءَ يُعدينا
يوما ً سنُذْكرُ إن ْ خلَفَ الزمانُ لنا
صحبا ً تمرُّ على جدَث ٍ يغطينا
لعلَّ زائرَنا في رحْلِه ِ خبر ٌ
كيف َ الصَّباح ُ غدا في وجه ِ وادينا
وكيفَ أمستْ على الأغصان ِ قبَّرةٌ
تنأى و تقربُ من أبواب ِ حطَينا
قد أنكرتْ كلَّ وجه ٍ باتَ يرقبها
ثمّ استقامت لعلَّ الريحَ ُتدنينا
هل خبَّروها بأنَّ الذاهبين َ مضواْ
والخلدُ لوْ حقَّ أهدوهُ فلسطينا
لا يُنقذنَّ بكاءٌ منْ قضاءَ ولو ْ
ملأ َ البحارَ وروىَّ الأرضَ سبعينا
يا صانع َ الصَّبر ِأفرغْ ما انتُدبتَ له ُ
ُكرمى لعين ِ محبّ ٍ و احتسبْ فينا
لعلَّ منهُ دعـاءً أو يطيبَ لـهُ
سقيـا التراب ِ و قرآنا ً يواسـينا
من كان َ يقوى على أوجاع ِ سكرته ِ
حينَ الحِمام ُ تربّى في مرابينا
قلب ٌ تفطَّر منْ وجع ٍ يكابده ُ
والعين ُ تأسى وإنْ َصدَحت أغانينا
يا أخت َ أندلس ٍ ما عُدْت ِ مُفردة ً
أوَ تذكرينَ وقدْ أعطوا ْ قرابينا
فإذا بهنَّ إلى حين ٍ وهل فطِنت ْ
هزلُ الشياه ِ إذا أنسأت َ تسمينا
والذئبُ ما طَعِمَ القرى لهُ سبب ٌ
أن ْ يستزيد َولو أمعنت َ تحصينا
يا يوسفُ الكيد ُما شفيت ْ مصادره ُ
من مكر ِذات ِهوىً أو غدر ِ شانينا
لكلِّ دهر ٍ وإنْ قلب َ الزمانُ قذى ً
جُبٌّ تحضَّرَ و الفرعونٌ والمينا
لهفي عليك ِ غداة َ اليُتْم ِ من قمر ٍ
قد أبخسوه ُ وإن قبضوا الملايينا
يا ليت أن سيوفَ الترك ِما صدأت
ولا تقسـَّم َ بين َ الغرب ِ والينا
هبهُ التمنَي وفي بعض ِ الرجاءِ أسى ً
ولا أُسـاة َ لأحـلام ٍ تُمـنّينا
كم سوفَ يُهرق ُمن دمنا بسيف ِ هوىً
وكمْ كربلاءَ سنُهديها السلاطينا
دم ُ الحسين ِ تغشّاها ، فهل فلحتْ
من بعده ِالناس ُأم أضحتْ سكاكينا
كنا و كانت لنا الدنيا على وجل ٍ
واليوم ضاقت ْ على ِمقة ٍ عوادينا
لله ِ حالُ سليل ِ المجد ِ مرتهنا ً
بالغار أبدلهُ ذلٌّ الحمى طينا
حتى كأنَّ كرىً ما انفكَّ يزعمه ُ
ضاع َ التليد ُ و أمسينا مَلومينا
أنحن ُ من ْ ملكَ القرونَ إذ خضعتْ
ولو دعونا أجابَ الدهرُ آمينا
أنحنُ من بلغَتْ في الأرض ِ شوكته ُ
تكبِّرُ اللهَ و الملكـوتُ مُصغينا
أنحنُ من ملئَ التاريخ َ صفحته ُ
بيضاءُ أنقى و عطرَّها الرياحينا
أنحنُ من شهدت ْ له الدنيا عدالته ُ
بيدِ السماحةِ قد أرسى الموازينا
أنحنُ من بدعَ السياسةَ تحفة ً
ساسَ الخلائق َ لا عصرا ً ولا لينا
أنحنُ من حمل َ العلومَ ميقظَهـا
منْ طولِ هجر ٍ وللخَلق ِ مُداوينا
وكانَ منا بطونَ الراح ِ مُنديها
للخُلْق ِ والمجدِ قد كنَّا العناوينا
فكيفَ نختمُ سوداً في صفائحنا
وكيفَ نُغضي على ذلٍ رواقينا
وكيفَ نبقى على وهم ٍ يخدِّرنا
وكيفَ نرقبُ في صُدفٍ أمانينا
بالبيضِ لا بيدِ الحروفِ منبلج ٌ
صبحُ الكرامةِ يا وطني تهانينا
فيكِ الضراغمُ قد سدرت تعاهدنا
بذلاً ويرخصُ للأوطانِ غالينا
هذي أسودُ فلسطين َالتي انطلقتْ
ما ضرَّها الكيدُ أو وهنُ المعاقينا
هنا السلالةُ و الأحفاذُ تصدُقها
وهنا الدماءُ و فياتٌ سيفدينا
من كلِّ شبل ٍ لُبانُ العزِّ حصَّنه ُ
يدُ القضاءِ يداه ُ حين َ يرمينا
ومن أخيَّة ُ لمْ تدنسْ ذوائبها
ولا تربَّتْ على فزع ٍ مغانينا
ومن كتائبَ قد برَّت مغالظها
فيها الشيوخُ ضياءٌ في ليالينا
أملٌ يُجَّددُ في نصر ٍ تسطِّره ُ
همم ُالأشاوس ِلا دعوى الدعّيينا
أيمن اللبدي