كانت لحظة الوداع تحتمل الرضا المعلن والغضب المغلف المستتر خلف عاصفة الوداع ...
فالوداع لوحده حالة تعاش خارج وداخل نطاق الروح والبدن..وتؤخذ كالدواء المر الذي لابد من تجرعه ...
قد يكون الوداع حالة نقاهة وإسترجاع المواقف الجميلة التي تختفي أثناء التوتر لكنها تكون أجمل عندما يهدئ الوداع تلك الإنفعالات التي تتوالد في الإحتكاك بالرغم من إننا من الصعب ان نبتعد عن بعض ولكن البعد والوداع يكون بمثابة البلسم الشافي بحيث يمكننا من الإحتفاظ بأجمل المواقف بدلا من الإنسياق خلف الإستنزاف العشوائي الذي أدمن فيه الإحتراق النوم الهادئ المطمئن في حضن حفيف اللهب ليعلو الرماد قمم جبال المحبة ......
فأشجار الحديقة بحاجة الى مقص البستاني كي تتخلص من التراكمات الموجعة ثم تبدأ بانبعاث الحياة في وريقاتها من جديد.....لتجر أنهار النسغ في جذور تحلم بلحظة ضوئية وميسم يتوضأ تويجه في قطرات ندى تداعب إنعكاس شعاع الشمس بعد أن كانت الشجرة تشكو الكثافة وتهدل ظلال الظن حينئذ كان يصمت الصوت وتعلو نبرته في طقوس الحزن ...
تأتي الدمعة في خيلائها تسحب ذيل فستانها مختالة في سيرها دون ان تشعر بأن خطواتها تغرز أسنة رماحية على الأهداب الحزينة وقد تشوه منظر المآقي ...وقد تشكو هذه الدمعة من طول المسافة التي استهلكتها في مدة السير وجعا يترك آثارا عصية على التلاشي وذاكرة مؤلمة ممتدة في عمق اللحظات المهيمنة الطافية فوق أسطح بحور القلب .........
ولكن اليقين الذي لا يلين هو إنني أقوى من ثمة قطرة لا تلبث امام الزفير العاصف بالإرادة نحو حصاد الفرحة..............
الفرحة شعور كامل الوصف وحالة برزخية تنتابنا سريعا بلذة لا نشبع منها ولا نجوع والاستمرار فيها يعد من رابع المستحيلات مما يجعلنا أن ننغمس بها الى حد التفاني ...في لحظات مقدسة لا تفارقنا فيها قطعة سجادة
الصلاة وتداعب الثغور تلاوة الروح لآيات قرآنية يقطف منها الفؤاد ثمار الوداد وفي قمة الأمن والسلام تعد أطراف الأصابع ثلاث أخماسها بالتسبيح ..كي لا تنفلت هذه اللحظة التي أتت دون سابق إنذار ...
كي لا تتطاير مع هبوب النسيم الذي يمر على نوافذنا باستحياء ...ولن أتنازل عن لون العطر فيك حتى وإن كان قصيا في ركن لا يصله غير نور القلب .......
الفرحة لا يترجمها التعليل أو يفسرها التحليل حالة شعورية عصية على التصنيف ومحاولة تشريحها يعد من البدع المنحرفة عن المألوف ...
الفرحة دفقات تأتي على الدفعات ونبضات القلب لا تعطي لها أكثر من الثواني التي تتأرجح بين الواحد والسبعين دقيقة حتى تستوعب بقية الكائنات الحسية في الشرايين غدقها داخل حجرات القلب وهناك يتم كرنفال غير بديهي مما يصعِّب مسألة الإستعداد لتقبلها وخاصة عندما ننتقل من وجع مستديم إلى حالة من النقاء الملائكي الذي يطلي جدران الروح بقزح الطيف وينقيها من كل بصمة أو لوثة قدرية سابقت الريح ذات يوم إلى هذا المكان ولكن هل عرفت بقية الكائنات المتوددة للفرحة بأن الفرحة جاءت الي في هذا التوقيت ؟
وكأننا نحب ونهوى الحزن نحن نتحفظ على لحظات الفرحة ولا نظهرها سوى في العيد الذي ننتظره من حول إلى حول..قد لا تعلمني الفرحة السباحة ولكني
استطيع أن اعبر إلى الشاطئ الآخر برفقتها ...
قد لا تخالف الفرحة الفطرة الربانية لتصنع لي أجنحة الباز او قوة الصقر في التحليق ولكن يكفيني بوجودها ان أطير ببهجة ..قد تجعل تنينا في اعماقي يطلق من فمه الورد ....قلبي لا يتسع لكائنين لذا أفرغت ذاكرته من كل شيء لأنه الآن ....
.
.
جاري
.
.
تحميل الفرحة في قلبي