دراسة تحليلية لقصيدة الشاعر يوسف أحمد (حظي أسود )
نقف أمام لوحة شعرية رائعة تجسٍد قضية كبرى لشخص متشائم برع الشاعر في تقمص شخصيته بطريقة غريبة مما يدلُ على المقدرة الفنية على التعايش الحقيقي للوضع النفساني لمن يروى على لسانه الحدث ..!!!
الأحداث التي وردت في ثنايا النص مؤلمة حيث لا تشكل قضية فردية ذاتية وإنما هي قضية معضلة وتشكل نقطة تقاطع من المحيط إلى الخليج لأبناء الوطن الذين سحقهم بركان الاستغلال والاحتكار على أيدي من يتربعون على عرش الحكم وبأيديهم يصنع وينفذ القرار ..؟؟
القصيدة بمجملها تصور رحلة عذاب لشخص عصامي مثابر تقهره الظروف وتوصد أمامه كل الأبواب رغم المحاولات المستميتة لنيل هدفه الذي يقبر دون هوادة ....!!!
رغم المواقف المفصلية في القصيدة لكننا نلمس الانسجام والتوافق للنتيجة الحتمية ما بين العنوان والخاتمة التي شكلت دلالة دامغة على أنَ نقع الشهادات وشرب الماء عنها أمر طبيعي لمن وصل إلى هذا الحد من الإحباط .
فهذا الإنسان انطلق من عالم المريخ مهملا لتحط به الركاب على عالم الأرض حيث الإنسان أسد ضراوة وقسوة ....فلو فكر في العودة إلى المريخ ثانية لسبقه أناس يوصدون أمامه الأبواب مما يدل على استحالة تحقيق أي هدف في ظل عالم مسعور شره ..؟
إنَ الإنسان المتشائم في القصيدة رغم المكابدة والعناء يرى أنه متميز بعقله لكن هذه السمة لاتجدي نفعا أمام المعضلات لقد فكر في كل جوانب الحياة لكنها لم تسعفه في تحقيق أي منها فانطلاقا من الفضائيات إلى الاستيراد إلى رعاية الأغنام
إلى أن تبرق في مخيلته فكرة المقاول فيحلم بالشوارع والمدارس لكن العطاءات تحال على غيره جهارا نهارا رغم أحقيته في ذلك .
تتلاشى الأحلام وتذروها الرياح في ظل عشيرة أوصلته لجة الماء ليعود عطشان ويقتله الظمأ..!! فتوهمه أنَ فناء بيته يحوي بئر نفط ليحرق به وهنا نجد البراعة في التصوير وف استخدام الأسلوب التهكمي اللاذع لحقد الإنسان على بني جنسه .
ورغم الإخفاقات المتوالية إلا أننا نجد التصميم مع تدني سقف المطالب عند المتشائم فيحاول ان يعمل تاجرا بسيطا في الحارة التي لم تشفع لها بساطتها عند موظفي الرقابة والجمارك والضرائب من المداهمة تحت شعار طائلة القانون
لم يبق أمامه إلا أن يطرق باب التسول على فتات الأغنياء ومحسني الجوامع ليكون مصيره في زنزانة رهن الاعتقال بحجة ارتكابه جنحة مخلة بالأخلاق العامة....!!ّ!
وأخيرا لم تسعفه شهادات التميز في الحصول على وظيفة لرسوبه في امتحان أوجد لهذا الغرض لم يبق مجال للتفكير بعد تلاحق الإخفاقات إلا أن ينقع شهاداته ليشرب ماءها المر ..؟؟
مفارقة غريبة أن يهزم إنسان مثابر طموح بهذه الطريقة المزرية ...!!!