يا أيها الباكـــي ، حق لك البكـــــاء
في زمـــن لا يستطيـــع الجميــع البكـــاء كما تبكي أيها السبتي
أيها السبتي عذرتك .... حين نهيت النفس عن طمع ، وتركت الرشيد يحتفي بولديه الأمين والمأمون ، ولم يكن يعلم _رحمه الله_ أن أحدهما سيقتل الآخر.
أيها السبتي يا رجلا فيه رأيت نفسي ذات يوم ، فوبخت نفسي وقلت لها : لا يزال أمامك الكثير في طريق الوجد حتى تبلغي المجد ، وحتى تحصلي على ما حصله عليه السبتي.
أيها النور الممجد في الأرض ، والذكر العاطر في السماء ، أيها السبتي ما حال خديجة الحموية ، ألا تزال تبث في نفسك الفضول ذاته يا ابن العشرين حتى تعرف من أي طهر تشكلت الحموية؟
أذكر يوم بكى عليك الرشيد يوماً ، بعد أن سلمه خاتمك وصيك عبد الله بن الفرج ، الذي كنت تعمل عنده جصاصاً ، تحمل الطوب وتعلي البناء ، بثلاثة دراهم .
أذكر يوم كنت أنا وأنت أيها السبتي في مجلس الرشيد ، فنصحته أن يأخذ بسيرة عمر بن عبد العزيز ، فلما رأيت الرشيد يتوسع على نفسه في المأكل والمشرب فأمسكت بيدي وخرجت بنا سوياً إلى بيت خديجة الحموية.
هنا أخذت أنا وأنت الطريق ،وجعلت تأكل من رزق ربك بعد أن تكد ببدنك.
وتركتني في رمضان ، باكياً عليك ، على شبابك العشرين ، وأنت تدفع بخاتمك إلى وصيك عبد الله بن الفرج.
أيها السبتي نم هانئاً ، لأنك عشت في حياتك كادحاً في طلب الآخرة ، ومن عاش كادحاً في طلب الآخرة نعم بحياة الآخرة
رحمك الله أيها السبتي