أزاهيرُُُُُُُُُُُُُُُ الإبداع
تم نشرها بجريدة" الحياة الجديدة "الفلسطينية
أويركا:هي الكلمة التى قالها العالم اليونانى أرشميدس ؛عندما كان في البانيو يستحم، ثم خرج عريانا يجرى فى شوارع أثينا يقول: وجدتها.. وجدتها! ومن أويركا اشتقت كلمة " هوريتسكس " أى علم مبادئ الابداع.
عزيزي القارئ ..تريد أن تصبح مخترعا ، مكتشفا ، مبدعا. حاول أن تجرب أى شئ. فـدنلوب الرجل الإنجليزى الذى اخترع الكاوتش كان يحاول إصلاح لعبة أحد أطفاله. أما بندكتوس أسقط زجاجة نبيذ على الأرض؛ فلاحظ أنها تهشمت كلها ولكن ظل الزجاج متماسكا! هنا اكتشف مادة اسمها (كولوديون) التى طورها، حتي أصبح زجاج السيارات يتهشم دون أن يتناثر في عيون الأشخاص.
و كل شخص يستطيع أن يبتكر، ويبدع ، إذا أراد. والإرادة تفعل المستحيل.
غيرصحيح أن المبدع يولد مبدعا. فالإبداع سلوك إنساني خلاق، يكمن في داخل كل فرد. يتفق فى حالات تحفيز المدارك واستشارة الأحاسيس فى وسائل عديدة؛ ليوجدوا أفرادا متميزين لديهم ملكة الحضور الدائم والحيوى للعقل الباطن. وكذلك باستطاعتهم الحصول على أنسب الحلول، وأفضلها من مجموعة خيارات مطروحة ، أواستنباط مجموعة رؤى وتطورات مبتكرة لمسألة ختمت على أنها مستعصية. لذا يعد الإبداع: موهبة كامنة فى كل إنسان كبقية المواهب المستترة. تحتاج هذه الموهبة إلى إثارة، وصقل، وممارسة نوعية، دائبة كى تكون الملكة حاضرة. فالتربة الخصبة تنتج بوفرة، أما إذا كانت قاحلة؛ وجب علينا تخصيبها.
إذن كيف تُخصب - تربتك الذهنية - مُخيلتك؟ وكيف تخطو نحو الإبداع؟
الطرق عديدة؛ وأهمها فى رأى:
أولا: عليك بالرقص فوق جمودك الثقافي حتي تنهكه؛ ليسقط مغشيا عليه! فالعقل يحتاج إلى مددٍ ثقافى، وعلمي، وأدبي غيرمنقطع. يحتاج إلي تواصل مع الثقافات الأخرى. وخطاب المولي- عز و جل - إلى نبيه - عليه السلام - أكبر دليل. قال تعالى" و قل رب زدنى علما ".
ثانيا: استفد من أحلامك، واستثمرالعروض الليلة في خلق تصورات جديدة غيرتقليدية.
ثالثا: ثق بنفسك. الكاتب البريطاني شكسبير؛ لم يصل إلى قمة المجد؛ إلا بعد إنتكاسات غيرإعتيادية فى مشواره الأدبي، وربما غطت ألف رفض لنتاجه الأدبي من قبل الصحف. و بمواصلة الطرق المتواصلة للعقل؛ استطاع أن يقدم أعمالا إبداعية فريدة خلدت اسمه إلى اليوم.
رابعا: إن قال الجميع بأنك مخطئ ؛ فأنت خطوت خطوة إلى الأمام. وإذا سخروا منك فقد خطوت خطوتين.
ذلك أن الأفكار الإبداعية؛ هى أفكارجديدة غيرمألوفة للناس ، والناس بطبيعتهم..تُعارض المتميّزون.
خامسا: خصص وقتا فى يومك للتأمل ، والتفكير. فـالتفكير: هو محاولة لرسم حالة معينة و التصرف بموجبها ، ولكى يكون الرسم دقيقا؛ لابد من جُهد يُبذل لتحقيق تطابق الصورة الداخلية التي في ذهننا مع الصورة الخارجية التى في الواقع. ثم دوّن أفكارك، وأى أفكار تخطر ببالك أثناء اليوم .
سادسا: ضاعف قوة تحملك الذهنى. فقوة التحمل تجعلنا نحافظ علي تفكيرنا متّقدا ، متوهجا حول المهام الإنسانية التي على عاتقنا تجاه أنفسنا فى تطوير قدراتنا الشخصية لإفادة المجتمع فيما بعد.
كيف نتحمل؟ نتحمل بعدم استسلامنا لقاتلات الأفكار، وبتنسيق تفكيرنا قدرالمستطاع. وكى نصل للتنسيق فعلينا؛ حصرالذهن في موضوع ، اعتزمت معالجته ، أوشرعت في التفكير فيه.
يقول وليم مارستن الأخصائى في علم النفس:
" العقل الإنسانى يصبح أداة مدهشة الكفاءة إذا ركزتركيزا قويا حادا "
وهذه القدرة تُكتسب بالتدريب ، والمرونة ، والصبر. لأن؛ الإنتقال من الشرود إلى حصرالذهن محكما ، هو ثمرة الجهد. والحمد لله الذي أكرمنا بنعمة الإسلام؛ فالصلاة تمرين علي ملكة حصر الذهن و ذلك عن طريق الخشوع .
سابعا: تعلم الإنصات إلى الآخرين و تقديرآرائهم.
ثامنا: شجع غيرك علي الإبداع . مثلا: إذا عرض عليك شخص ما ، فكرة جديدة ، وغريبة، فلا تستخدم في ردّك : "نعم .. ولكن ينقصها كذا و كذا." لأن؛ هذا يتسبب فى إحجام كثيرمن الناس عن طرح أفكارهم، بل قد يتسبب فى قتل بعض الأفكار الجيدة، وهى في مهدها. إن الأسلوب الإبداعى الأمثل هو: "نعم .. و." لأنها ؛ لا تركز على السلبيات. وإنما؛ تطالب بأفكار جديدة أخرى ، دون أن ترفض الفكرة المطروحة. ولسان حالها يقول: نعم أؤيدك ولكن ماذا عندك من أفكار أخرى؟ وذلك حتي يتم حصر كل الأفكار، ومن ثم اختيار الأنسب.
تاسعا: في حياة كل منا الكثير من المشكلات التي تدغدغ القلب، والعقل معا. وربما ترسلنا إلى الحزن الشديد، لدرجة عدم الرغبة في العمل أوالدراسة! حتي الآن - وإلى الأبد- لم يجد العلماء وصفة لمقاومة الأحزان؛ أفضل من الإيمان بالله - سبحانه وتعالي- والتسليم بقضائه، وقدره ، كخطوة أولى. ثم محاولة التشاغل عن الأحزان بالعمل، وبالمشاركة العائلية، والإجتماعية، وإلتماس سُبل الترويح عن النفس، وشغلها عما ينهشها من أحزان.
حتي لقد طالبنا عالم النفس الأمريكى وليم جيمس؛ " إذا لم نستشعرالسعادة الحقيقية في حياتنا ، أن نتصرف كما لو كنا سعداء". لأن هذا التظاهر بالسعادة والإبتهاج، قد يخفف عن النفس بعض شقائها ، ويعينها علي إحتمال الحياة. تماما كما ينصح الأطباء من يعانون الأرق، بالإستلقاء في الفراش فترة الأرق، ولو عجزوا نهائيا عن النوم. فيتحقق للجسم عن طريق الإسترخاء بعض ما يحققه النوم الطبيعى من راحة و تجديد للنشاط. لأن؛ ما لا يدرك كله لا يترك كله.
وأنا أحاول أن أترك شيئا في الحياة .. وأنت صديقى القارئ يجب أيضا أن تحاول.
حاول لأنك رائع و قادرعلي الأروع .
بقلم / أسماء عايد