الأماكن الفارغة
رسالة إلى رجل في المنفى...
صباح الوطن ياسيدي...تأجج وجه هذا الصباح نهضت وأنا مغرورقة بالدمع أتدري لماذا؟
لأن المكان فراغُ بدونك..وهذي الجوانح بيتُ قناديله هاجرت...
وأمك موعكة بالحزن أمك..أمك التي أحسهاتأخذ بيدهذاالمكان حين تخلد للنوم تدسه تحت وسادتها
وحين يؤذن أبوقاسم لصلاة الفجرأراهاتخرجه من تحت الوسادة وهي تردد دعاء الصباح تفرشه وهي تنادي
عليِ..
:أين سجادتي أين نائلة؟
لاأخرج إلا حين تناديني..فــ باحة البيت الجدران الشبابيك الممرات كل البيت تلمه بيدها وتدسه تحت
وسادتها لاأخرج إلاحين تناديني أتيقن حينها أن هذاالبيت طفلها الآخر ينام معهاويصحو حين توقظه
يطير الحمام إلى أمك ياسيدي يحط المسافات بين يديها يقول لها
:أعيدي إليك صبيا"تغلغل في بطنك ذات حين..
وأسمع كيف تغني الحمام لأمك...وأناأحضرقهوة الشتاء..
أتدري بلادك هذا الشتاء أصبحت فاتنة ..غسلت وجهها بالرياح وارتدت ثوب العناد فطار إليك المكان
ألاتحس بأن جدران منفاك جزء من شبابيك يوم الزفاف..
وأن رائحة قنديل منفاك تشبه رائحة شعري....
وأن الشمس في منفاك دافئة كشمس الوطن..
وأسمع صوت الحمام يغني لأمك وأناأمشي إليهاتراني فتقفزخلف عيني أمك..وحين أضع القهوة تـنحني
أمك لتأخذها تغمض عينيها تخبئ سرب الحمام حتى تعود
كما خبأتك في جوانحها تسعة أشهر...
وحين كبرت قرأت قصيدة حبك فمرت أصابع أمك على شعرك الأشقر تتحسس شيئا"
اسمه الشعور...
وحين ختمت القصيدة قالت: لمن؟
قلت:لـ نائلة.......صفعتني أمك آنذاك وأحسست أنت بالألم فتحت باب البيت وقالت
اخرجي يا نائلة
أتذكرياسيدي!
وحين حل المساء نزلت إلى أمك التي لاتنام إلافي باحة البيت حين يكون الزمان شتاءا"وصيف
قرأت عليهاقصيدة اخرى فـمرعليك الرحيل........
وطاربك إلى المنفى..!!
سمعت صراخ أمك نزلت بسرعة ماذاحدث؟
:سرقوه يانائلة.......
:لماذا؟
:أهدى قصيدة حبه للوطن.....
غريبون هؤلاء البشرقصائدحبك لي تنفيني خارج صدرك وقصائدحبك للوطن تنفيك إلى المنفى..
غريبون هؤلاء البشر لم أبك على صدر أمك...لازلت غاضبة منها
كنت أريدأن أسمعك وأنت تغني..
أعيدوا إليّ بغداد..
أيها السارقون طعم الحب..
أدري أنها تحولت إلى شمس ٍ في سطح بيتكم..
أو صارت لوناً قرمزياً في إحدى لوحاتكم..
أو تحولت إلى قبيلة ٍ من زهر تسكن في مزهريتكم..
أعيدوا إليّ بغداد..
أعيدوني إلى نائلة..
أنني مغرقةٌ بالدمع هذا الصباح..فديوانك لازال محتجزاً في الحدود..
وليلة أمس سمعت النجوم تغني قصائدك الآنية..
لم أنم..وحين أطل الضياء..
اختفت النجوم..
فبكيت ياسيدي!!