|
الحرص قد يجعل الأحرار عبدانا |
وقد يصوغ من الأموال أوثانا |
إذا رأيت قلوباً بالندى جبلت |
فاصنع بها في أثاث البيت جدرانا |
كم قصة في كتاب الله ناطقة |
يعيدها الناس في دنياهم الآنا |
أصحاب جنة رضوان وقصتها |
قد أنزل الله فيها الوحي قرآنا |
قد كان صاحبها في الفضل ذي شيم |
أندى من الروض أزهاراً وأفنانا |
فما بكى حوله الأيتام من سغب |
ولا شكى عنده المضعوف حرمانا |
لا يكتفي بزكاة الزرع يبذلها |
حتى يضيف إلى الإحسان إحسانا |
وأشرق الصبح فياض الندى عبقاً |
يختال نوراً وأنداء وريحانا |
وأقبل الشيخ يمشي في مهابته |
متوجاً بوقار الشيب |
يحدو خطاه إلى البستان راعشة |
ومايزال شباب القلب |
رأى عجائب صنع الله قد رسمت |
ما يسحر اللب أطيافاً وألوانا |
والورد في الحلل الخضراء تحسبه |
زمرداً ضم ياقوتاً ومرجانا |
ترى الفواكه مما يشتهون بها |
طلعاً وطلحاً وأعناباً ورمانا |
والطير ترسل في تسبيح خالقها |
مايعجز الفصحاء اللسن تبيانا |
ما صوّر الله لا يرقى له بشرٌ |
سبحانه في علاه ألف سبحانا |
وكان للشيخ أبناءٌ قد ازدهروا |
وأورقوا في ربيع العمر فتيانا |
وحين شارف قرباً من نهايته |
وإن يوماً وشيك البين قد حانا |
أوصى بنيه بأن تبقى مكارمه |
إرثاً يقيم لهم في المجد بنيانا |
لا تنبتوا الشح بعدي في مزارعكم |
لاتجعلوا جنتي بالحرث نيرانا |
فما احتجزت عن الأهلين ثروتها |
يوم الحصاد ولا أهملت جيرانا |
لا يستر الخزّ في بدو ولا حضر |
من كان من حلية المعروف عريانا |
النمل تبني قراها في تماسكها |
والنحل تجني رحيق الشهد أعوانا |
والنهر يسقي العطاشى من مناهله |
رياً ورزقاً ويبقى النهر ملآنا |
وفارق الشيخ دنيا لا يدوم بها |
غير الثناء لأهل الفضل عنوانا |
فبدل الإخوة |
الأبناء |
وأضمروا خطة نكراء غادرة |
كانت عواقبها ويلاً وخذلانا |
وأقسموا أن يهبّوا مصبحين إلى |
جمع الثمار ولا يألون كتمانا |
كي لا يراعوا بمسكين يطالعهم |
في طمره لاهث الأنفاس جوعانا |
فأرسل الملك الجبار |
نقمته |
ألقت بأشجارهم صرعى فما تركت |
حتى لأغصانها الأوراق أكفانا |
غدوا على حرثهم صبحاً فما وجدوا |
في الحقل نبتاً ولا في الأرض بستانا |
ضل الطريق بهم بل ضل مذهبهم |
وصار مبصرهم في النور حيرانا |
وقال اوسطهم إني نصحت لكم |
فلم أجد بينكم للنصح آذانا |
الله يعلم ما تخفي الصدور وما |
يكون سراً يراه الله إعلانا |
ماذا ظننتم بعلاّم الغيوب إذن |
أكان جهلاً بكم أم كان نسيانا |
خزائن الله ملى لانفاد لها |
سبحانه قال "كن"فالأمر قد كانا |
إن الألى حرموا المسكين قد رجعوا |
أذلّ |
وقد مضى قدرٌ لم يمحه ندم |
مكر البخيل يحيل الربح خسرانا |
إن رمت جنة رضوان فكن حذراً |
ولاتكن واحداً من أهل ضروانا |