موعد اللقيا يطرق باب الليل ليودعه مع أفول النجوم وتولى الظلام متواريا بستائره الثقيلة ...
أمد يدي إلى ميقظي أُسكته .. يلحُ حتى أستجيب له . يأخذُ بيدي , وأنثر بعضاً من الضياء على وجهي . تأخذني خطواتي إلى أصوات متفرقه متقاطعة بلكنات تتباعد لكنها تتوحد ذاتَ المعنى بل ربما ذات الحروف .
خلف ستارة داكنة أكتب آثارَ خطاي . تتبعني ستارة أخرى ببكر الضياء ..
في موكب مهيب الأنوار تزفني جمهرة ٌ اعتادت مرافقتي في ذلك الطريق ...
تعالت أصوات ُ ضحكاتٍ مخمورةٍ تتهاوى على باب أول تقاطع .. نظرتُ إلى وجوهٍ سوداء أظنها رافقت عمر الليل جلوساً في ذات المكان . هممتُ بإلقاء السلام فوجدتُ التيه يعلو العيون ورائحةَ العبث تحيط بالعقول . ما إن أقتربتُ وقفَ فمِلتُ إلى جانب الطريق الآخر فاراً فلا أعي ما يحدث لأنه كذا لا يعي ما يدور ...
أهرولُ إلى موعدي قد يتعداني فلا ألحق به وأعود صفراً ...
ملثمُ الوجه يلبسُ خوذتهُ ويضعُ نظارة ً سوادء تجهزاً . يهرولُ إل موعدهِ على حافة التقاطع تنتنظره الحافلة إلى موقع عمله .
أهرولُ .... يهرولُ لربما يتعداه السائقُ ... رآهُ من بعيد جرى ...
هممتُ أن أجري إلى مبتغايَّ تذكرتُ أني أكتبُ الأثرَ فزرعتُ السكينةَ واصطحبتُ الوقارَ ....
دنوتُ منه كادَ أن يكونَ هيكلاً عظمياً . يحملُ بيدهِ قارروة ً يعاودُ تناولها ملياً في نفس طويل طويل .... يسيرُ من تقاطع ٍ ليصفعهُ جدارُ التقاطع الآخر.
أشمُ نسيمَ الصباح أملأُ صدري نشوة َ الطهر ... يشمُ قارورتهُ بنشوة الشهوة المفتقدة ولذة المعانقة للمرة الأولى ...
تمتمتُ ببعض حروفي التي أعتادها ... هزى بصوت تتكسر فيه الحروف فتتداخل تتوه عن مضمونها تدغدغ ُ بعضها . سيلاً من قذائف الشتائم الصاروخية الموجهة إلى أين ؟ لا أدري لكني تفاديت هدرها مشيحاً بوجهي عنه , فأشاح بيده يتماسك بحبل الهواء عله يحفظ توازنه من السقوط ليتمايل فأقفز مبتعداً عنه ....
لم يأبه بالمارين كاد أن يدوسني بسيارته الرياضية التي لا يظهرُ منها , لكني كنت لقدري أكتب أثري في نهاية التقاطع حيث أريد ... مر مرورَ الصوت .. هدَّأ من سرعتهِ . نظر إلىَّ مخرجاً لسانه . تعلو وجهه ابتسامة سخرية ممزوجة باعياء اليقظة وجنون الليل , وغرور الشباب ...
ذاك الذي يقف على كل تقاطع يسبقني , ويلحقني , يحدثني , يتخفى من مرافقيَّ ..
: انـْظـُرْ إلى اليسار في هذا التقاطع , أول باب في هذا الممر المظلم , فقط عندما تـَراكَ ستفتحُ لك تعرِفكَ جيداً وتشتهيك !!! .. ألا تذكر أمس عندما ابتسمت لكَ وتكاسرت خاصرتها أمامك ... : ألح في حديثه إليَّ
: نعم هي التي قالت لكَ انتظركَ .. إلى اليسار ... إلى اليسار ... يلحُ عليَّ .
: كأني لا أسمعه .
: هي جميلة بحق لكن ليس هذا موعدي الذي أرغبهُ من تنتظرني أجمل ...
صفعتـُه سقط َ أرضاً هرولَ خلفي .. دنوتُ من مرادي . دلفتُ بسرعة متمتماً عادة َ حروفي . لكنه ما استطاع متابعتي , لقد فر يعلو صوته الكريه , يسبُ نصيبهُ الويلي الأسود .
وجوه ٌ مشرقة ٌ حقاً . هنا في ركني المعتاد بقيتُ حتى الموعد تقدمتُ قليلاً وجدت الباب مفتوحاً رفعتُ يدي سكبتُ حاجاتي سَلـَّمتُ واستسلمتُ ... دندنتُ في مكاني المعتاد حروفي بعدما كتبت أثري هنا .
انتهى الموعد ...
وضعتُ قدمي بالخارج وجدته منتظرني ليأخذَ بيدي عائداً . لكن الشمس كشفت عوج التقاطعات فاختفى بعضها .
غير أني عندما دونتُ من ممرها المظلم وجدتُ نور الصباح كساه فما رأيت بابها .
طرقت بابي تمتمتُ حروفي . قـُبلة ً على جبينها رسمتها . تذكرتُ أنها أول تقاطعني
عانقت سكوني أفترشت بكوري , ارتميت على تقاطع يديها , تِهتُ في تقاطعاتها ....
من ارشدني وهجهها فلم أخطئ في تقاطعاتي ....