أمنيات
قليلا ما كنت اجالس شقيقي(...)لأنه من جيل الشباب الذين أقل ما يقال عنهم
أنهم سطحيون..لا يتفاعلون مع واقعهم إلاّ بأغلفتهم ..ويتقوقعون داخل أطار ذاتي بغيض.وكنت اتحاشى مناقشته الجوفاء الجافة..وحتى عندما يكون معي في مجلس، قليلا ما كنت احس بوجوده ..كان شاربه يصرخ بين سبابته وابهامه وهما يتحركان حركة آلية ..كما لو كان ينتف ريش طائر..أو ينفش قطعة صوف..وكانه بذلك يؤدي رسالته بالحياة ،أو يكسب من ورائها قوت عياله..وكان هذا المنظر يثير في نفسي الاشمئزاز والتقزز ..واتخيله احيانا يفعل ذلك بكلتا يديه ليزداد تقززا..ومرة طلبت منه الكف عن هذه العادة الخبيثة التي تقلل من قيمته في المجتمع,فرد بعصبية وقال :وانت لماذا لا تترك كتابة الشعر..؟؟!!
لست ادري لماذا كان دائما يفاجئني بسطحيته..وتفكيره الساذج ..مع انه اكبر مني سنا ..وأتمنى لو كان ملكا ,رغم اني أعلم، أن نعجة ستضيع منه، لو أصبح راعيا لنعجتين....
كانت السيدة الفاضلة,ذات الشعر الثلجي تتحدث باسهاب عن مشوارها الاعلامي والادبي..حين كانت الكاميرا تجيل باعيننا في نواحي قصرها الاثير..وتركز على لوحات فنية نادرة,وأواني مزخرفة,وأثريات وثريات قيمة.. ومكتبتها المكتظة بأمهات عصارة الفكر الأنساني....لست ادري لماذا
كنت احس وانا استقبل حديثها المفعم بالأمومة والمشحون بالخبرة..ان الملايين من العواطف والمشاعر في داخلي تقيم لها صلاة الاجلال والأحترام ,ولم ادرك سبب اهتمام شقيقي بمتابعة هذا اللقاء..كما لم أشعر بوجوده.. فكنت أتمنى لوكنت ابنا لهذه السيدة الفاضلة ،كما لم أتمنى شيئا آخر..لكنني آنتبهت الى صوت شقيقي
الذي كان يحارب شاربه الكث وهو يقول: .
لشد ما أتمنى لو أحظى بكل ما تملكه هذه الشمطاء ..ولتذهب هي الى الجحيم..
مصطفى حسين السنجاري