ما رميتَ وإنما الله رمى
النعلُ من جلدٍ لدابَّةِ بيدرٍ
كانتْ تحبُّ وكان يشرقُ حولها صبحٌ منيرْ
كانتْ كذلكَ تلثُمَ الأعشابَ تفرح في الأثيرْ
ولذا فإنَّ النعلَ يشعرُ مثلَها
ويحسُّ أكثرَ من بنيْ العربانِ...
لا تبخلْ عليهِ برميةٍ
واضربْ بنعلكَ في الفضاءِ يعودُ ورداً
سوفَ يملأ أرضكَ الخضراءَ في صبحِ الأملْ
من عصفِ نعلكَ يضحكُ الأطفالَُ يجتمعُ الأحبةُ حولَ ذكرى للبطلْ...
وغداً وما أدراكَ!!
سوفَ تفيضُ أرجاءُ العراقِ بخيرها
وتضاحكُ الأطفالَ والشبانَ
تمشيْ شامخاً في بيدرٍ للحبِّ
ترشفُ قهوةً عربيةً في العصرِ تحتَ كرومِ بيتكَ فانتفضْ
من عتمةٍ للفجرِ تحصدُ ما رميتَ:هواءَ حُلمٍ دونَ بارودٍ ودونَ روائحِ القتلى
وتسمعُ ما ذراهُ جدودُ أرضِكَ من سلامٍ رائعِ القسماتِ في هذا الترابِ
ترى عيونَ صبيَّةٍ نظرتْ بحبٍّ مفعمٍ عفويةً
كروائحِ التفاحِ في طرقِ القرى
وغداً سيزهرُ من حضارتهِ العراقُ
تسيرُ في قصرٍ بُنِيْ من عهدِ كنعانٍ وتسمعُ في الظهيرةِ بينَ جنبيهِ الصدى
يندى بذكرِ عوالمٍ شعَّت على هذا المدى
وإذا قضيتَ يسيرُ من يصغيْ إليكَ وأنتَ تشرقُ في الفضا
والنعلُ يحفظهُ بنوكْ
***
أنتَ الفراتُ وأنتَ دجلةُ أنتَ بابلْ
ما زالَ للأوطانِ خيطانٌ،جلودٌ في المعاملْ
فاضربْ بنعلكَ تمطرُ الدنيا قنابلْ
وتهيءُ الصبحَ البهيجَ غداً لينتشَ من دمائكَ أقحوانٌ أو سنابلْ!
***
اضربْ بنعلكَ وانتفضْ
هيَّا انتفضْ
أتُرَاكَ تحسبُ أن هذيْ الحربَ سوفَ تزولُ من تلقائها؟!
ما بينَ أن يمضيْ عن المظلومِ وحشٌ بعد نهشتْ نيوبُهُ لحمَهُ
أو أن يفرَّ بخوفهِ مثلَ الذيْ بينَ الحذاءِ إذا رُميْ
أو ظلَّ يبكيْ في القَدَمْ
هذا أوانكَ بينَ أن تبقى وأنْ تذويْ على حدِّ العدمْ
ومتى تزولُ الحربُ؟ حينَ تصيرُ شيخاً طاعناً بالقهرِ أم لمَّا تموتْ؟!
هذا أوانُكَ لو رميتَ جعلتَ ما ترمي بهِ أيلاً وهذيْ الأرضَ منهُ عَشْتَروتْ
فاضربْ بنعلكَ تهطلُ الأرجاءُ أعناباً وتوتْ
الوقتُ وقتُكَ فانتفضْ
هيء لعرشكَ فوقَ هاماتٍِ تذلُّ بساطَ عزٍّ وانتفضْ
من ذا يظلُّ سواكَ-بعد النعل-هذي رميةٌ خجلتْ أبابيلٌ أمامَ شموخها
يا دامَ نعلُكَ ما رميتَ وإنما اللهُ رمى!!
***
الوقتُ وقتكَ
لنْ يعودَ
فإن رميتَ فأنتَ للدنيا حياةٌ
أو وقفتَ فأنتْ ميتٌ
أيْ نعمْ
وبأي عُمْرٍ سوفَ تحيا؟
الموتُ حولكَ
في دروبِ الليلِ في دمعِ الصغارِ
وصبحها الأعمى
وفي يومٍ تروحُ به ولا تدريْ أترجعُ ميِّتاً أم تختفيْ!!؟
فلتُسمعِ الدنيا صراخَ النعلِ في كَفَّيكَ
سوفَ يفيضُ دجلةُ
والفراتُ كأيِّ شيخٍ سوفَ يبسمُ
بينَ عينيهِ الحكيمةِ تقطرُ الدمعاتُ
لؤلؤها يشعُّ عليكَ حينَ يراكْ
يكفيكَ يا هذا الفراتُ يراكْ
ما أنت؟
أنتَ!
فلا تماطلْ وانتفضْ
واضربْ بنعلكَ لا يهمُّ يكونُ مقاسهُ في الأربعينَ
أقلَّ...أكثرَ...لونهُ البنيُّ أحلى من علمْ!!
فوراءَ هذي الرميةِ الأولى...أتدريْ؟
قد ترى...لك ما ترى
فاضربْ بنعلكَ وانتفضْ
هيا انتفضْ!!
عمر سليمان
20/12/2008