منذ الحرب العالمية الثانية والمسلمون يتعرضون لحملة تضليل هائلة، تريد أن تهدم و تقضي على البقية الباقية مما يحمله المسلمون من أفكار وأحكام نابعة من إسلامهم؛ لتبقى الدول الكافرة هي المسيطرة على بلاد المسلمين، ولتحويلهم وسلخهم عن دينهم وتاريخهم، وليتم ربطهم بالدول الكافرة، ربط عبد بسيد، لتتحكم بهم وتنهب خيراتهم، بدل أن يكونوا منافسين لها في الساحة الدولية أو أقله أن يكونوا حجر عثرة في طريقها لتنفيذ ما تريده من أهداف وغايات في العالم.
وهذه حالة حرب حضارية بيننا وبين الغرب، وهو أمر ظاهر للعيان، ولكن هذه الحرب لها أشكال متعددة، فهناك حرب عسكرية، وهناك حرب فكرية ثقافية، وهناك حرب اقتصادية، وهناك أيضاً حرب إعلامية أدواتها وسائل الإعلام.ومن هذه الوسائل الخبيثة الترويج لمفاهيم الإباحية والاختلاط بين الجنسين تحت دعاوى "الفن والتطور"، وانتشار الترفيه الساقط والخلاعة بشكل يتنافى مع أبسط الأسس الثقافية للمجتمع الإسلامي،عبر برامج تلفزيونية كتلك التي تسمى بتلفزيون الواقع-Real TV كبرنامج ستار اكاديمي
الذي تبثه LBC الفضائية
هذا النوعية من البرامج الهدامة ظهرت في الفترة القليلة الماضية وهي برامج تعتمد على الواقعية والطبيعية في التصوير وتسلسل الأحداث !!لا تحتاج إلى إعداد ولا تحضير، وإنما تعتمد اعتمادًا كليًّا على مخاطبة الغرائز، والعواطف، واستنهاض الفضول لدى المشاهد، وذلك من خلال تسليط البث على لحظات اختلاء محرم بين رجال ونساءٍ يجمعهم صفة التفاهة، وعدم البراءة، يقوم اجتماعهم من أوله إلى آخره على الفوضى الأخلاقية، والتحلل من روابط الإسلام، والقيم الرفيعة التي نشأت وتربت المجتمعات الإسلامية عليها، ثم وضعوا أرقامًا للهواتف ليتصل بهم الشباب والشابات ليصوتوا على أفضل نموذج من هؤلاء النجوم في عالم الضياع0
وأما عن اهداف هذه البرامج فأول ما يجب أن نعرفه هو أن هذه البرامج لا علاقة لها من ناحية الأهداف لا بصناعة النجوم، ولا باكتشاف المواهب، ولا غير ذلك، وليس لها إلا هدفان رئيسان عند من يقوم بعرضها وتسويقها:
الهدف الأول: تضليل العقول وتخدير المشاعر ومن ثم تجهيل الرأي العام وإختطافه لتوجيهه حسب المراد وبمعنى آخر صناعة رأي عام مبني على اغتيال الوعي العام و لا نجد في بيانه عبارة أبلغ، من عبارة القرآن، وهو: إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، إن الإنسان لو أعمل ذرة واحدة من عقله لاكتشف أن الهدف الرئيسي من هذه البرامج هو إشاعة الفاحشة في المؤمنين، وإرادة الميل لأمة سارت في منهجها على صراط مستقيم، وليس شيءٌ أدل على ذلك من مناخ الاختلاط بين أولئك الشباب الذي حرصت عليه هذه القنوات، ثم تشجيعُهم على التفاعل البيني، وكسر الحواجز، ثم يضيفون على ذلك الملابس الفاتنة للفتيات، مع التشجيع وغض الطرف عن حالات الالتماس الصريح بين هؤلاء المختلطين، بالضم، والقبلات، والنظرات،والضحكات.. ثم النقل الفضائي الموجه على مدار الساعة، وهذه الأمور لا تدع مجالاً للشك في أن الأمر ما هو إلا إشاعة للفاحشة في الذين آمنوا، وليس هناك أهداف مجردة، وإنما هو مشروع تقويضي لمكتسبات الأمة يمثل فيها أولئك الشباب المشارك الطُّعمَ، والشباب المشاهد الهدف.
الهدف الثاني: تحقيق المكاسب المالية الكبيرة والسريعة بأعمال غير مكلفة دنيويًّا، وإن كانت تكلفهم كثيرًا عندما يقفون عند رب عظيم نهى عن الإفساد في الأرض بعد إصلاحها، وضاعف العقوبة على دعاة الضلال0
وأما كيف يحققون هذه المكاسب؟ فعن طريق فتح اعتماد خطوط الهاتف في كل دولة والحصول على الأرقام، وبعدها يتم اقتسام عوائد المكالمات بين فاتح اعتماد الخط وهو القناة، وبين مقدم الخط وهو شركة الاتصالات، وهكذا تفنن أصحاب هذه الفضائيات في الطريقة التي ينظفون بها جيوب الجمهور، ولا عزاء للمتصلين المغفلين والذين يدفعون فواتير هواتفهم لهذه القنوات. والذي يدلك على صحة هذه الكلام الحرص المستميت من هذه القنوات أن توجد أفرادًا من كل الدول ليناصر التافهون من كل دولة صاحبهم وتضمن أكبر عدد ممكن من الاتصالات التي تعود عليها بالربح الوفير0
وقد بلغ عدد المتصلين على أحد هذه البرامج وهو برنامج ستار أكاديمي مايلي:
السعودية: 11 مليوناً وثلاث مئة ألف متصل… مصر: 23 مليوناً ومائة وخمسة وسبعون ألف اتصال
لبنان: 18 مليوناً وخمسمائة وستة وثلاثون ألف اتصال… الكويت: 300 ألف اتصال
الإمارات: مليون ومائتان وواحد وعشرون ألف اتصال …اليمن: سبعة آلاف اتصال
سورية : 16 مليوناًَ وتسعمائة ألف وثلاثة وثلاثون اتصال…
الأردن: 8 ملايين وثمانية وسبعون ألف اتصال…
والآن إذا جمعت عدد الاتصالات فسيكون مجمل الاتصالات أكثر من سبعين مليون اتصال..!
وتتمثل مخاطر هذه البرامج ب:
أولاً: دعم بعض دوائر التوجيه في بعض البلدان العربية لمثل هذه البرامج لإشغال المسلمين عن قضاياها الحقيقية،التي تتمثل في قضيتهم المصيرية بإعادة الحكم بما انزل الله.
ثانيًا : إن هذه الفضائيات غزت كثيرًا من البيوت،وهذه البرامج اكتسبت من المشاهدين من الجنسين شيئًا كبيرًا، فوجب التحذير منها، ذلك انها تعتمد على أسلوب سحق الفضيلة والأخلاق الكريمة في نفوس الشباب والبنات، وتهدم المفاهيم الصحيحة عندهم، وتزيل حاجز النفرة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، وهي تختزن رسالة إعلامية خبيثة موجهة بعناية، وهدفها الرئيس تنمية الاندماج بين الجنسين، وإشعار النشء أن لا إشكال في بناء العلاقات والصداقات بين الجنسين، وأن قضية تحسس الفتيات من الفتيان وطقوس الفصل بين الجنسين، والحدود في علاقاتهم هي أمور لا صحة لها، ومع كثرة مشاهدة الشباب والفتيات لهذه الرسالة الإعلامية الخطيرة يألفونها، ثم قليلاً قليلاً يعتاد المشاهدون على رؤية الحرام, ويعايشونه لحظة بلحظة، ورويدًا رويدًا حتى يعتادوا العيش بنفس الطريقة التي تقدم لهم، وهكذا تنحر كل فضيلة في المجتمع، ولا يبقى من القيم والمثل الكريمة إلا الشعارات الجوفاء.
ثالثًا: تعتمد هذه البرامج على أسلوب التتفيه والتخدير لطاقاتٍ تستطيع بالإيمان أن تعمل الكثير، وتسعى لتغييب عقول بهدايتها تنفع مجتمعها الكثير، وأي جيل سيتخرج لنا في المستقبل إذا ربيناه على الليالي الحمراء، وعودناه على مسابقات الرقة، ونجومية التعري؟!!، كيف يراد لهذا الجيل أن يحرر الأقصى.. وأن يطرد الغزاة؟!!
ان هذا الاعلام وهذه الفضائيات تربي أجيالا ليكونوا قنواتٍ لعبور العدو، وأدواتٍ لخدمته، تريد أن تخرج تافهين يشتاقون لمن يمسك بخطامهم، لن يناصروا قضية، ولن يطلبوا حقًّا، ولن يحفظوا شرفًا ... سيتربى على مثل هذه البرامج حتمًا جيلٌ يسلم للعدو مفاتيح الحصون الأخيرة للإسلام ..ويرحب به في دياره وعند أهله وشرفه كما فعل أشياعهم من قبل!!
رابعًا: هذه البرامج تجعل هؤلاء النجوم قدوات يتأثر بها الشباب فتتخلخل المثل العليا عند أجيالنا، وهذا يحصل شئنا أم أبينا عند أبنائنا إذا شاهدوا قناة كاملة تنقل نقلاً مباشرًا لإقامة مختلطة لمجموعة من النساء وأشباه الرجال، وتنقل بالصوت والصورة سلوكهم الرخيص غير الهادف، وغير البريء، وأكلهم ونومهم وكل شيء في حياتهم، فإذا شاهد الإنسانُ الغرُّ هذه العناية بهؤلاء الأفراد سيظن أنهم جاؤوا من كوكب آخر، وأن لهم ميزة تجعلهم يستحقون هذا، فيحاكونهم ويعجبون بهم، وهكذا ينشرون الفساد في المجتمعات، والشريط الإخباري أسفل الشاشة يعزز هذا الإفساد فهو يحمل رسائل غرام لا تقل مجونًا عما تحمله الكاميرا.
ومن المؤسف ان نجد شعوبٌ ومؤسسات تستنفر جهدها ووقتها ومالها.. لإنجاح مراهق أو مراهقة في الغناء, وفي إثبات أنه الأكثر (بسالةً) في الصمود حتى آخر السباق! وتحتفل البلاد التي يقترب (نجومها) من التصفيات, وتبدو كأنما تُهيئ نفسها لإطلاق قمرٍ فضائي في مداره, أو كأنها ستهدي للأمة قائدًا ربانيًّا، أو فاتحًا عظيمًا!
مراهقون ومراهقات يرقصون على ضفاف نشرات الأخبار المثقلة بالاحتلالات والشهداء, وكلما سقط منهم واحد في التصفيات بكت عليه الأمة كما لم تبكِ سقوط بغداد!
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يكرم هذه الأمة بخليفة مسلم غيور يحفظ لها دينها ويجاهد بها في سبيل الله إنه ولي ذلك والقادر عليه
المصدر