لزج ذاك الحجر الذي تتلبسه روح العصيان ويرتدي لكل عيد سعيد قميص التمرد وكأنه أصيب بلوثة مس مباغتة لم تكن في حسبان "أقصى التوجس" , وينفلت ضوءه الزجاجي من بين الأصابع في تردد الصوت و ارتداد البحة التي تهز خواصر الصدى حين لا اسمع صوتك .. و طغيان جرحي يميط من الدروب آثار خطوات الصبر للعابرين من ذاك الوجع , متناسية بأن ما حدث هناك لابد و أن يحدث هنا ولم العجب والتعجب ..
فيأتيني صوت الليل جاثيا على أوتار قيثارة حلم داهمها الفجر قبل أن تستريح من وعثاء العزف , ساهيا بأن الأرق كان سيد المواقف , باعثا للسخرية والركض خلف ظلال الطرائف ..
هل كانت الأحلام الغائبة عبارة عن رائحة تبحث عن الأنف ؟
أم كان للأنف حسابات أخرى مستعينا على خيانة الحواس بانتهاك الإحساس ؟
عبث ذلك الوجع الذي يرصع جباه الأنين إذا لم يتحمل صليل سيوف الليل الغاشم , وانتظار يحد سكاكين التمادي مسلطا نصال الرعب على رقاب تتربص بانبلاج فجرٍ يتسلل من نافذة العهد ..
والعهود مصلوبة على عقرب الساعة السام ما بين الإنعتاق و الاعتناق لأن العزف على أصابع جمر المعاناة , معاناة المعاناة وأناة الصبر والحلم في درب ليس له نهاية , غابات أوجاع دائمة الجرح وذاتية الرواء ..و لهذه الروح ما يشفع من أكوام غبار شيده زمن العصف الذي كان يساقط من النخيل شظايا صفرة الجريد , وكان ظني البديهي إنه لمعان البلح والزبد على أطراف الشاطي لالئ البسمة.. حتى باغتتني بأسئلة حبلى في جواب خديج ..
أعرت سمعي لصوت يخرج من أعماقي و يقول : أو أليس الصبر والصمت إزاء كل هذا نبوءة الحكمة ؟
وجاء الصوت مكللا بالحرج وكأنه أجبر على تقبيل قنفذا أورثه ببسمة دامية بل كأنه دعي الى مائدة عامرة بجماجم آلامه وألفيت ذاتي تحيط بي من كل جهاتها لتؤكد إن الأرض مازالت تدور دون ان تُشحن بالبطارية , وأن المطر مازال يوزع حصص السقاء لكل بقعة جف طينها , والثريات تراقص الدجى في الليالي حتى تقتفي أثر آخره , ولماذا النظر من ثقب نافذة آيلة للإغلاق لماذا؟ ..
بل ربما هذا سماد لحقول بلاءٍ أُخرْ ..واستمرار لتلك العلة والضرر ..إجترار لانتكاسة القمر في السحر ..
وما بقي من الحلم ينتظر النضوج على أيادي المواسم المقبلة ..وهل يتأهب الغد لمراسم الإجابة التي أثبتت معامل الطب عجزها أمام الفشل الوظيفي لبنكرياس الحقيقة ؟.