بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قبل الإفطار ( 12 )
أما بعد
تقول العرب :
جزاني جزاء سنمار
هل تعرفون من هذا السنمار
ومتى يُضرب هذا المثل
سنمار هذا هو بنّاء رومي بنى قصراً للنعمان اللخمي كأحسن ما يكون البناء
فجازاه بأن ألقاه من فوقه لكيلا يبني مثله لغيره
فقيل جوزي جزاء سنمار
ويضرب لمن يجزى على الإحسان بالإساءة والغدر
وهنا مربط الفرس
ومن هنا سأنطلق بكم أحبائي إلى موضوعنا لهذا اليوم
من قبل الإفطار فسيكون موضوعنا عن:
|
الغدر |
|
|
|
فكم طوق الغدر جيد صاحبه طوق خزي وأوقعه في المهالك حتى ضاقت
عليه الأرض وهلك وهو في زمرة المنافقين.
وكلنا يعرف قصة ثعلبة بن خاطب الأنصاري
الذي أنزل الله فيه :
( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقنّ ولنكونن من الصالحين ،
فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون . )
(التوبة 75 ــ 76 )
وملخصها أن ثعلبة هذا أتى إلي النبي صلى الله عليه وسلم وقال له يا رسول الله
ادع الله أن يرزقني مالا وفيرا
فقال له النبي " ويحك يا ثعلبة ، قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه "
فألح عليه ثعلبة مرة ثانية وثالثة
وعاهده قائلا :
" والذي بعثك بالحق نبيا لئن رزقني الله مالا لأعطين كل ذي حقٍ حقه "
فقال صلى الله عليه وسلم
"اللهم ارزق ثعلبة ما قال "
فاتخذ ثعلبة غنما فنمت كما ينمو الدود
حتى ضاقت عليه المدينة فنزل بأحد أوديتها
ثم بدا يتخلف عن صلاته في المسجد مع أنه كان يسمى حمامة المسجد
ولما نزلت آية الصدقة بعث النبي برجلين وعرفهما نصاب الصدقة وكيف
يأخذانها فمرا على ثعلبة
فما أن رأى كتابهما وقرأه حتى قال
"ما هذه إلا الجزية أو ما هذه إلا أخت الجزية ،
إذهبا حتى ارى رأياً "
فرجع الرجلان إلى النبي الذي ما إن رآهما إلا وقال قبل أن يتحدثا :
"يا ويح ثعلبة "
فنزلت الآيات الكريمة "و منهم من عاهد الله ..... " الآيات
فلما بلغ ذلك ثعلبة ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يقبل منه صدقته
فرفض النبي وقال :
" إن الله منعني أن آخذ منك صدقتك "
ولما انتقل النبي إلى الرفيق الأعلى رفض أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أن يقبلوها منه.
ثم أنه هلك في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه
فانظر حفظك الله إلى سوء عاقبة غدره ونقضه عهده كيف أذاقاه وبال أمره
وأي سوء أقبح من غدر يسوق إلى النفاق.
ذكرت لكم هذه القصه لترون معي ماذا يجر الغدر على صاحبه
اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيبئات أعمالنا
وصلى الله على نبينا محمد
وألقاكم بمشيئة الله في حلقة أخرى من قبل الإفطار غدا إن شاء الله
ودمتم
مع أطيب تمنياتي وتحياتي
د.جمال مرسي |