|
شَهيدَ غَزَّةَ لا شِعْري وَلا كَلِمي |
يُوفِيكَ حَقّاً وَقَد أُحْييتَ في الكَلِمِ |
فأينَ رِزْقُ قَريضٍ بِتُّ أقْرِضُهُ |
مِمَّا رُزِقْتَ لَدىَ الرَّزّاقِ والحَكَمِ |
وإنْ أقَمتُ قُصوراً مِنْ ذُرا فَعَلُنْ |
فَهَلْ تُباري قُصورَ الخُلْدِ في القِمَمِ |
وَأيْنَ قَدْري إذا ما ساقَنا مَلَكٌ |
إلى المَليكِ وَكانَ القَدْرُ بالهِمَمِ |
فاشْفَعْ كَما شِئْتَ قَد أوتيتَ مَكْرُمَةً |
وَذاكَ خَصْمُكَ في الأصْفادِ فاخْتَصِمِ |
وَاسْألْ طُغاةَ الدُّنىَ والحَقُّ مُنتَصِرٌ |
مَنْ مِنْكُمُ اليَوْمَ أمْسىَ غَيْرَ مُنْهَزِمِ |
وَاذْكُرْ زَماناً لَهُمْ في الأرْضِ مُنْصَرِماً |
وكَيْفَ عاثوا فَساداً دونَما حُرُمِ |
شادوا لِطُغْيانِهِمْ صَرْحاً بِزائِلةٍ |
وَكُلُّ صَرْحٍ طَغىَ إنْ عادَ يَنْهَدِمِ |
غَرَّتْهُمُ القُوَّةُ الحَمْقاءُ تَدْفَعُهُمْ |
إلىَ الحَضيضِ بِلا دينٍ وَلا قِيَمِ |
وَهُمْ كثيرٌ وَإنْ كانوا سَواسِيَةً |
قَدْ سادَ وِسْواسُهُم والسَّمْتُ في الخَدَمِ |
أغْواهُمُ الكُفْرُ فانْساقوا جَبابِرةً |
واليَوْمَ سيقوا إلىَ الجَبَّارِ مُنْتَقِمِ |
وَكُلُّ عَيْنٍ لَهُمْ في العَرْضِ زائِغَةً |
تَرىَ بِدايَتَها في سُوءِ مُخْتَتَمِ |
فانْظُرْ مَنازِلَهُمْ في بِئْسَ هاوِيَةٍ |
وَاشْهَدْ مَصارِعَهُم في سَاحَةِ النَّدَمِ |
فَأيْنَ هُمْ مِنْ مُنِيْراتٍ مُعَلَّقَةٍ |
بِالعَرْشِ تأوي لَها رُوحُ الشَّهيدِ سَمي |
وَأيْنَ هُمْ مِنْ جِنانِ الخُلْدِ تَدْخُلُها |
فَتِلْكَ عَدْنٌ وَتِلْكََ الحُورُ فابْتَسِمِ |
وَخُذْ مَكانَكَ بَيْنَ الصَّحْبِ مُتَّكِئاً |
عَلىَ الأرائِكِ وَانْظُرْ ها هُنا وَدُمِ |
فَذاكَ وَعْدُكَ في الأخْرىَ تُناظِرُهُ |
وكُلُّ أمْرِكَ في الأولىَ لَمَا يُضَمِ |
وَكُلُّ شَأْنِ الدُّنىَ قَدْ باتَ مُنقَضِياً |
وَكُلُّ شَيءٍ بِها أفْضىَ إلىَ العَدَمِ |
فاذكُرْ بَلاءََكَ في الدُّنْيا وَغابِرِها |
فَقَدْ بُليتَ بِمُرِّ القَهْرِ وَالألَمِ |
إذْ أخْرَجَتْكَ ذِئابُ الإنْسِ غاصِبَةً |
أرْضاً وَداراً وَزَيتوناً إلىَ الخِيَمِ |
مَحَوا فَلسْطينَ حَرْفاً في خَرائِطِهِمْ |
وَأطْلقوا وَصْفَ إسْرائيلَ بِالزَعَمِ |
سََبْعونَ عاماً وَمازالَتْ مَجازِرُهُمْ |
في كُلِّ سِفْرٍ لَدىَ التَّاريخِ كَالوَرَمٍ |
وَكُلُّ سَطْرٍ بِها يَصْطَكُّ مِنْ فَزَعٍ |
وَكُلَُ حَرْفٍ بِها يَلْتاعُ مِنْ جُرُمِ |
فَاقْرََأ هُنالِكَ أحْداثاً مُرَوِّعَةً |
بِدَيْرِ ياسينَِ والأقْصىَ وَما انْكَتَمِ |
فَالعًيْنُ وَالْلِدُّ والصِفْصافُ أوْ صَفَدٌ |
أصابَها القَرْحُ مِثْلَ القُدْسِ والتُّخَمِ |
وَتِلكَ حيفا وَيافا إنْ تَسَلْ وَجَمَتْ |
وَخانُ يونُسََ أوْ نابُلْسَ تَتَّهِمِ |
وَهاتِ قَبْيَةَ وَالطَنْطورَ أوْ رَفَحَا |
تَحْكي لِرَمْلَةِ والسَّمُّوعِ عَنْ الأََََثِمِ |
حَتَّىَ المُخَيَّمَ في لُبْنانَ سائِرَهُ |
بِهِ الكَوارِثُ مِنْ صََبْرا لِكُلِّهِمِ |
وَمَزَّقوا جَسَداً قَدْ كانَ مُتحِّداً |
إلىَ شَتاتٍ وَأجْزاءٍ وَمُنْفَصِمِ |
أَمْسَتْ فَلَسْطينُ ثَكْلىَ بَعْدَ دَوْلَتِها |
وَقُسِّمَتْ بِقَرارٍ مِنْ خَنا الأُمَمِ |
فَمَهَّدوا الأرْضَ لِلصُّهْيونِ يَقْطُنُها |
في القَلْبِ مِنْ أُمَّةِ الإسْلامِ بِالضِيَمِ |
فَكانَ ما كانَ مِنْ حَرْبٍ وَمُعْتَرَكٍ |
وَصارَ ما صارَ مِنْ خُذلانِ بالقِمَمِ |
وََمِنْ صِراعٍ وَثَوْراتٍ بِلا عَدَدٍ |
إلىَ لِجانٍ وَتَسْليمٍ بِلا غُنُمِ |
وَضاعَ حَقُّكَ حَتَّىَ بِتَّ مُحْتَجَزاً |
في ضَفَّةٍ أو قُطاعٍ أو لَدىَ ابْنِ عَمِ |
وَفي الظَّلامِ يَدُ الموسادِ زاحِفَةٌ |
وَسُمُّ فَرِّقْ تَسُدْ تُخْفيهِ في الدَّسَمِ |
فَأوْقَعَتْ فِرَقاً في الشَّرْكِ غافِلةً |
وَاسْتَقْطَبَتْ فِئَةً مِنْ بائِعي الذِّمَمِ |
فَكانَ أَنْ أَضْعَفَتْ أَيْدي مُقاوَمَةٍ |
وَكانَ أَنْ شَتَّتَتْ جَمْعاً لِمُلتَئِمِ |
وَحانَتِ السَّاعَةُ المَضْبوطُ عَقْرَبُها |
لِلَدْغِ ما عَقَروا قَبْلاً بِنابِهِمِ |
شَقُّوا الصُّفوفَ لِكَي تَرْضىَ بِما فَرَضوا |
وَأخْضَعوا سُلْطَةً أَضْحَتْ كَما النَسَمِ |
بَذَلْتَ جَهْداً لِلَمِّ الشَّمْلِ فَاخْتَلَفوا |
وَرُمْتَ حَلاًّ لِرَأبِ الصَدْعِ لَمْ يُرَمِ |
فَكَيْفَ تَرْضىَ بِتَوقِيعٍ كَما اشْتَرَطوا |
عَلىَ صُكوكِ فَلَسْطينَ لِمُسْتَلِمِ |
كَظَمْتَ غَيْظَكَ حِيناً لا تُجادِلُهَمْ |
وَرُحْتَ تَصْبِرُ أحْياناً عَلىَ الكَظَمِ |
فَقاطَعوكَ لِكي يََقْضوا عَلىَ فِئَةٍ |
أبَتْ عَلىَ نَفْسِها اسْتِسْلامَ لِلرِمَمِ |
حَتَّى انْتَفَضْتَّ وَلَمْ تَرْضَخْ لِسُلْطَتِهِمْ |
فَلَنْ تُوَقِّعَ مَهْما كَانَ مِنْ نَقَمِ |
فَتِلكَ أرْضي بِإذْنِ اللهِ أُرْجِعُها |
وبِالجِهادِ وَبَذْلِ الرُّوحِ والغُرَمِ |
ويافَلسْطينَ مَهْما مَرَّ مِنْ زَمَنٍ |
فَأنْتِ عائِدَةٌ يَوماً إلىَ الرَحِمِ |
فَلا اعْتِرافَ بإسْرائِيلَ أقبََلُهُ |
وَلَنْ يَعودَ الحِمىَ إلا بِمُقتَحِمِ |
فَحاصَروكَ لِكي يُمْلوا شُروطَهُمُ |
فَكُنْتَ في غَزَّةَ العَزْلاءَ كالهَرَمِ |
وَما تَراجَعْتَ يَوْماً قَيْدَ أُنْمُلَةٍ |
وَما تَنازَلْتَ عَنْ حَقِّ لِمِلْءِ فَمِ |
وَهَل يُفارِقُ حَقاً غَيْرَ ذي أرَبٍ |
وَهَلْ يُوافِقُ غَبْناً غَيْرَ ذي وَصَمِ |
ولَيْسَ مَنْ يَرفَعُ الرَّاياتِ لاهِيَةً |
كَمَنْ يُخَضِّبُ ثَوْباً في الوَغىَ بِدَمِ |
وَسائَهُمْ فيكَ إسْلاماً لا تُقايِضُهُ |
مَهْما يُحاوِلُ عَبدٌ مِن بَني نَعَمِ |
أصْبَحْتَ رَمْزاً لِمَنْ لا يُشتَرىَ أبَداً |
وَمَنْ يُجاهِدُ لا يَلوي عَلىَ أمَمِ |
وَغاظَهُمْ فيكَ عَزْماً لَم يَلِنْ أبَداً |
حَتّىَ وإنْ فاضَ فِيكَ الكَيْلُ بالضِيَمِ |
فلَمْ يَكُنْ لَهُمُ كي يَكْسِروكَ سُوىَ |
آلاتِ جَيشٍ تُبيدُ الأُسْدَ في الأُجُمِ |
لا بِدْعََ أنْ يَزحَفوا والغِلُّ يَسْبِقُهُمْ |
فَهُمْ عَدُوُّ وبِالمِرصادِ مِن قِدَمِ |
فَكَمْ ناهَضوا دَوْلَةَ الإسْلامِ مُذْ نَهَضَتْ |
وَناصََبوها عَداءً كَيْفَما التُّهَمِ |
وَحارََبُوكَ جَميعاً وَيْلَ مُعْتَرِضٍ |
يَأبىَ انْصياعاً كَما القُطْعانِ وَالغَنَمِ |
ما اسْتَهْدَفوكَ بِحَرْبٍ حِينَ سَطوَتِهِمْ |
إلا لِكَي يَقْهَروا الإسْلامَ مِنْ نَقَمِ |
فاذكُرْ صُمودَكَ حينَ الكَرِّ مُحْتَدِمٍ |
بِرَبعِ غَزَّةَ يَوْمَ الحادِثِ العَمَمِ |
بَرْقُ وَرَعْدٌ وتَدميرٌ ومَحْرَقَةٌ |
سَفْكٌ وقَتْلٌ وَإزْهاقٌ بِمُرْتَطِمِ |
بِالصَّقْرِ والنِّسْرِ والأسْيافِ قَدْ قَدِمَتْ |
أفْيالُ إبْرَهَةٍ والنَّجْمُ في العَلَمِ |
جاءَتْ إلىََ كَعبَةٍ أضحَتْ مَآذِنُها |
رَمْزَ الجِهادِ وََشَقَّتْ داجِىَ الظُلَمِ |
وَأنْتَ أعْزَلُ لا تَحْميكَ أسلِحَةٌ |
فَقَدْ مُنِعْتَ مِنَ التَّسْليحِ وَيحَهُمِ |
وَقادَةُ العالَمِ المَوصومِ قَد مَرِضوا |
جَميعُهُمْ بالعَمىَ والبُكمِ والصَمَمِ |
لكِنَّ أيدِيَهُمْ لِلعَزلِ قابِضَةٌ |
فَكنتَ وَحدَكَ والأحزابُ في تَمَمِ |
وَرُحْتَ تَسْألُ رَبَّ النَّاسِ مُحتَسِباً |
خَيْرَ الجِهادِ وَتَثبيتاً بِمُلتَحَمِ |
قاتَلْتَ تِرْسانَةً للهودِ تدْعَمُها |
قُوىَ الصَّليبِ وأشْياعٌ مِنَ النُّظُمِ |
ما بَيْنَ مُسْتَتِرٍ يُخْفي خِيانَتَهُ |
وَسَافِرٍ كافِرٍ يَغْلو مَعَ اللَمَمِ |
ما كانَ حِلفاً لِغَزوٍ بَل لِمَجزَرَةٍ |
تُفْني الدِّيارَ بِمَنْ فيها بِمُجتَرِمِ |
فَبِالصوارِيخِ والفُسْفُورِ أبْيَضِهِِ |
أرْدوا النِّساءَ وأرْدوا الطِّفْلَ والهَرِمِ |
لَمْ يَكسِروكَ بِرَغْمِ النَّسْفِ فادِحِهِ |
وَلَمْ يَصُدُّوكَ رَغْمَ الثَكْلِ واليُتَمِ |
وَقَفْتَ وَقفَةَ عِملاقٍ بِمَوقِعَةٍ |
بِلا نِزالٍ فلا سَيْفانِ بَل حُمَمِ |
خَلْفَ الحُصونِ تَوارَوا تِلْكَ عَادَتِهِمْ |
فالجُبْنُ خِصْلَتِهِمْ والخَوْفُ في الوَسَمِ |
فَمِنْ مُدَرَّعَةٍ أو حِصْنِ طائِرَةٍ |
يَرمونَ قُنْبُلةً والغَدْرُ في اللَغَمِ |
وَما تَوانَوا فَكانوا مِنْ شَراسَتِهِم |
يُلقونَ أثْقالَهُمْ في الضَّوْءِ والعَتَمِ |
وَقَد خُذِلْتَ فلا تَسْليحَ مِنْ عَرَبٍ |
وَقَدْ عُزِلْتَ فلا تَصْريحَ مِنْ عَجَمِ |
وَغَلَّقوا دُونَكَ الأبْوابَ تَطْرُقُها |
فَليْسَ مِنْ مَنفَذٍ إلا بِمُلتَزِمِ |
قَدّوا القَميصَ فَما أغْوَتْكَ حاجَتُهُم |
فَكانَ سِجْنُكَ دونَ الصَّحْبِ والحُلُمُ |
وَخَابَ تَأويلُهُمْ في حَسْمِ مَعْرَكَةٍ |
فَلا فَلسْطِينَ بِاسْمِ الحَلِّ والسَّلَمِ |
وَالغَرْبُ يََسْعىََ لِطِفلٍ ما لَهُ وََطَنٌ |
وَلَيْسَ عُدوانُ صُهيونٍ سُوىَ الوَحَمِ |
وَشَعْبُ غَزَّةَ في السَّاحاتِ يَرجُمُهُمْ |
وَهَلْ لِمَنْ حَمَلَتْ إثماً سُوىَ الرُّجَمِ |
فما رَمَيْتَ ولَكِن قَدْ رَمىَ صَمَدٌ |
فَليْسَ رَمْيُكَ إنْ أحْصَيْتَ كَالرَقَمِ |
وَما كَتَبتَ شُروطاً دونَ مُقتَدِرٍ |
في الذِّكرِ أقسَمَ بَعْدَ النُّونِ بِالقَلَمِ |
لاقَيْتَ جَحْفَلَ صُهيونٍ بِلا عُدَدٍ |
فَفَرَّ مِنكََ فِرارَ المُذْنِبِ الأَثِمِ |
فَكَيْفَ لَوْ كانَ في أيْديكَ أسْلِحَةٌ |
مِن صِنْفِ أسْلِحَةِ التَّدْميرِ مِثلَهِمِ |
فَقَدْ صَبَرتَ إلىَ أنْ جاءَ مُلتِحِماً |
جُنْداً لِجُنْدٍ فَذاقَ المَوْتَ والصَّلَمِ |
وَما استَطاعَ اقتِحاماً للمَدائِنِ فَما |
لَدَيهِ الشُجاعُ الذي يَعْلو ذُرا السَنَمِ |
فَلَيْسَ يَعْرِفُ حَرْباً في مُواجَهَةٍ |
وَليَسَ يَعْرِفُ الاسْتِشهادَ والشَمَمَ |
فَكُلُّ غاياتِهِ دُنْيا تُهَدهِدُهُ |
فَكَيْفَ يُبلي بَلاءَ الليْثِ في الأَكَمِ |
فَذاكَ جُندٌ جَبونٌ لا يُنازِعُهُ |
في الجُبنِ جُرْذٌ فَقُلْ لِلعَيْنِ لا تَنَمِ |
وَجَرَّ أذْيالَهُ وَالذُّلُّ يَلحَقُها |
وَعادَ أدْراجَهُ جَيْشاً لمُنْهَزِمِ |
أَمَنْ يَفِرُّ يُباري الرِّيحَ يَسْبِقُها |
كَمَنْ يَكِرُّ يُباري الرُّوحَ في القَسَمِ |
وَمَنْ يُريدُ نَصيباً لا بَقاءَ لَهُ |
كَمَنْ يُصيبُ مُراداً في الخُلودِ نَمي |
لَو حُورِبَتْ أََيَُّ أرْضٍ مِثْلَ حَربِهِمِ |
لاسْتسْلَمَتْ دونَما شَرْطٍ بِلا نَدَمِ |
لَكِنَّ مِثْلَكَ يَحْيا في مَبادِئهِ |
وَدونَ تَفْريطِهِ فيها طِلا النُجُمِ |
وَكانَ مِنْ سُخْفِهِمْ أنْ يَدَّعوا كَذِباً |
بِأنَّهُمْ حارَبوا للسِّلْمِ مِنْ كَرَمِ |
سَمّوا جِهادَكَ إرْهاباً يُرَوِّعُهُمْ |
وحِزبَ شَرٍّ بِلا خَيْرٍ وَلا قِيَمِ |
وَقَدْ تَحاجَوا فَما راجَتْ لَهُمْ حُجَجٌ |
فَكُلُّ ذَلِكَ يَسْتَعصي عَلىَ الفَهِمِ |
فَأيُّ سِلْمٍ مَعَ المُحْتَلِّ مُغْتَصِباً |
وَأيُّ سِلمٍ إذا القِسْطاسُ لَمْ يُقَمِ |
وَمَنْ يُريدُ سَلاماً لَيْسَ يَفرِضُهُ |
فَرضاً بِمَذْبَحةٍ للطِّفْلِ في الظُلَمِِ |
شَهيدَ غَزَّةَ حَدِّثْ أيَّما شَرَفٍ |
فَقَد بُليتَ فَلَمْ تَجزَعْ وَلَم تَلُمِ |
لَكَ الفَخارُ فَقَدْ أرْدَيْتَ مُعْتَدِياً |
فَرداً بِلا قُطُزٍ أوْ غَوْثِ مُعْتَصِمِ |
وَما تَوَلَّيْتَ حِينَ القَصْفِ مُلتَهِماً |
وَما تَوانَيْتَ حينَ المَوْتِ في نَهَمِ |
وَزُدْتَ عَنْ كَعْبَةِ الأبْطالِ تَمْنَعُها |
وَلَيْسَ مِنْ زَمْزَمٍ أوْ أشْهُرٍ حُرُمِ |
حَرَّمْتَ غَزَّةَ والأعْداءُ تَطلُبُها |
وَما التَفَتَّ إلىَ نُوقٍ كَمُنْصَرِمِ |
فَارْتَدَّ صُهْيونُ لِلدَهْماءِ مُنْسَحِباً |
مِنْ غَيْرِ مَنٍّ وَلا سَلْوىَ وَلا غِيَمِ |
وَراحَ يَقْذِفُ مِنْ بُعْدٍ قَذائِفَهُ |
فَقُبْحَ حَرْبٍ لِذي الرِّعْديدِ والبَشِمِ |
وَاغَتالَ جِسْمَكَ أنْذالٌ بِقُنْبِلَةٍ |
وبِالمُحَرَّمِ مِنْ صارُوخِ أوْ دَنَمِ |
فَجُدْتَ بِالرّوحِ حَيّاً لا تُراوِدُها |
وَلا تُراوِدُ فيكَ الجِسْمَ كي يَدُمِ |
فارَقْتَ دُنْيا بِها الإنْسانُ مُقْتَتِلٌ |
أعْماهُ كُفْرٌ بِمَنْ سَوّاهُ مِنْ عَدَمِ |
وَلَيْسَ كُلُّ بَصيرٍ مَنْ لَهُ بَصَرٌ |
وَلَيْسَ كُلُّ ضَرِيرٍ مَنْ يُقالُ عَمي |
حَرَّرْتَ نَفْسَكَ مِنْ سِجْنٍ بِفانِيَةٍ |
وَدُونَ قَيْدِكَ مُرُّ النَّزْفِ والأَلَمِ |
وَالحُرُّ يَبْقىَ عَزيزاً ما جَرىَ دَمُهُ |
والعَبْدُ يِبْقىَ ذَليلاً ما جَرىَ لِدَمِ |
نَصَرْتَ رَبَّكَ بالإقْدامِ مُحْتَسِباً |
وَأيْنَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلٍ بِلا هِمَمِ |
كَفاكَ رَبُّكَ بالإيمانِ عَنْ هُبَلٍ |
فَكانَ نَصْرُكَ بِسْمِ اللهِ لا الصَّنَمِ |
ويَومَ نُبْعَثُ نَحْيا مِنْ مَراقِدِنا |
وَأنْتَ حَيٌّ مَعَ الأحْياءِ لَمْ تَنَمِ |
شَهيدَ غَزَّةَ ما نامَتْ لنا مُقَلٌ |
وَما جَبُنَّا فَسَلْ مَنْ قادَ وَاتَّهِمِ |
وَلا تَقُلْ في شِعوبِ المُسْلمينَ كَما |
قالَ الأعادي وَقُلْ ما شِئْتَ في النُظُمِ |
فَالأُسْدُ راسِفَةٌ في القَيدِ مُرْغَمَةً |
لَوْلا القُيودِ لَلَبَّىَ ألفُ مُعتَصِمِ |
وَتِلكَ دُنْيا وَأيَّامٌ يُداوِلُها |
رَبُّ الأنامِ الذي إنْ شاءَ يَقْتَسِمِ |
غَداً تَعودُ إلىَ الإسْلامِ دَولَتُهُ |
إذا حَرِصْنا عَلىَ المِنْهاجِ في الكَلِمِ |
شَهيدَ غَزَّةَ قَدْ أحْيَيَتَ لي قَلَماً |
وَكُنْتُ أسْجَيتُهُ في قَبْرِ ذا العَلَمِ |
بَذَلْتُ حَرْفي وَلَنْ أُوفيكَ يابَطَلاً |
وَإنْ لَثَمْتُكَ مِنْ رَأسٍ وَمِنْ قَدَمِ |