"رسالة الـى ميتة"
"أمنحك وردة من روحي فامنحي روحي بعضا من الفرحـ "
صباح جديد وحلمـ ، أرقب الجميع ويراقبني الجميع، لست اذري ما الذي حصل، قيل لي مند سنوات أنك رحلت ،لم أبكي عليك ساعتها تصدقين ذلك. !! لكنني اليوم أبكي عليك بعد مرور عشر سنين على وفاتك، فقد أيقنت أنك لن تعودي مجددا إلي، أيقنت اليوم أن روحك حلقت للبعيد كي تحضن كل غائب فضل السفر عنا، أيقنت اليوم أن زمن حكاياتك انتهى وما عاد للحكايات مكان غير الذاكرة.أمازلت بخير. ؟هذا السؤال يقتلني فمازلت لليوم اسأل نفسي ذات السؤال الأبله. أوجدت راحتك في الموت.؟هل التقيت بتوأم روحك الذي أبت روحك أن تودعه فعانقته عند مرور شهر على رحيله .؟ أخبريني فقد مللت السؤال .تعرفين أنني الأسبوع الفائت ذهبت لقبرك كي أتلو على روحك بعضا من آيات الذكر، ما زلت لا أصدق أنك ترقدين تحت التراب، فكلما ذهبت لزيارة قبرك يخيل إلي أنك تسكنين بيتا من طين، وأنك ذات شتاء سوف تأتين إلينا لتقولي بصوتك العذب:
-طردني الشتاء من بيتي الطيني فأتيت كي أمكث عندكم حتى بداية الربيع .
أمازال الشتاء لم يطردك من بيتك الطيني.؟ قد اشتقت لك،اشتقت كي أجلس على حجرك كي تسمعيني حكاية الأمير والحذاء، اشتقت كي أرتشف الشاي من يدك،اشتقت كي أنام بحجرك فمند رحيلك لم أنم بهدوء كما تعودت .تعرفين أن فقيه الحي دوما يقرأ عليك سورا من القرآن ،وأبي يدعو لك بالمغفرة عنك كل صلاة، وأمي مازالت تسألني عنك كل يوم وتقول:
- إنها بخير أعرف ذلك زارتني أمس في منامي كانت تلبس ردائها الأبيض وتربت على كتفي بفرح وتقول:
-سوف آتي لزيارتكم هذا الشتاء.
مازال يذكرك الجميع، فهل تذكريننا بالمثل.؟ أما زلت تذكرين وجهي كما أذكرك.؟ أما زلت تهمسين باسمي كما أهمس باسمك كل يوم.؟أما زالت قبلتي مطبوعة على جبينك البارد.؟ تذكرين تلك القبلة.؟وأنت ممددة على الأرض، يلف جسدك ذلك التوب الأبيض ، تسللت خفية عن الجميع للغرفة التي ضمتك في آخر لحظاتك، اقتربت منك أمسكت بيدك وسألتك أن تطيلي البقاء معنا لكنك لم تجيبيني، كانت رموشك متهدلة على جفنك وكأنك نائمة، تحلمين بحلمـ جميل ،لم أرد ساعتها أن أوقظك منه فطبعت قبلة على جبينك مثلما تعودت أنت أن تطبعيها على جبيني دوما حين النوم، دخلت أمي علينا الغرفة وجدتني ما زلت أمسك بيدك فأجهشت في البكاء وأبعدتني عنك ،بعد لحظات قليلة حملوا جسدك فوق لوح خشبي بارد كجبينك، ضمني أناس كثر في ذلك اليوم، وبكى لأجلك الجميع ،عداي أنا، فقد كنت أكيدة أنك سوف تعودين عند المساء، انقضى ذلك المساء ولم أرك، وانقضى فصل الصيف ولم أرك، وبعدها تعاقبت الفصول في هدوء فقد تعودت غيابك عنها ،لكنني لم أتعود ذلك مازلت ككل ليلة أجلس على طرف سريري أنتظر لبرهة من الزمن أن تدخلي عبر الباب كي تقبلي جبيني وتحكي لي حكاية المساء، مازلت أنتظرك كي تشتري لي قطعة الحلوى ،فمند رحيلك امتنعت عن أكل الحلوى.
فهل تزورين حلمي هذا اليوم لتقدمي لي قطعة الحلوى؟ اشتقت لمذاقها الحلو منك واشتقت لك أكثر.
أحبك وحدك للأبد
فيـ ليلة غاب عنها القمر عند الساعة الواحدة كانتِ الساكنة بأعماقي كتبت هذه الرسالة.