أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: موعد مع شخصية هامة .........قصة بقلم بوفاتح سبقاق

  1. #1
    الصورة الرمزية بوفاتح سبقاق أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2008
    العمر : 55
    المشاركات : 83
    المواضيع : 26
    الردود : 83
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي موعد مع شخصية هامة .........قصة بقلم بوفاتح سبقاق

    لا تقلق يا هذا ، أنت على الأقل ودعت أهلك و ذويك .
    - ما يحزنني هو عدم معرفة سبب وجودي هنا ...
    - ومن منا يعرف سبب وجوده هنا أو هناك إلا الله يا بني .

    فتح عيناه على هذا الحوار فإذا به يجد نفسه وسط غرفة صغيرة
    بدون تهوية ، حوالي عشرين رجلا منهم الجالسون و النائمون و آخرون
    خلف الباب يسترقون السمع .
    تبدو على وجوههم علامات الحزن و التساؤلات العديدة و القاسم المشترك
    الوحيد بينهم هو اللحية ، غير أنهم يختلفون في شكلها و حجمها ن فهناك من أطلقها بقوة في حين تعمد آخرون التقليل من كثافتها و تنظيمها .
    - مرحبا يبدو أنك من مجموعة ليلة أمس ، هل أنت معني بالحملة الأخيرة ؟
    - كنت سائرا في طريقي ، أوقفوني و أركبوني سيارتهم و قالوا لي لديك موعد مع شخصية هامة ...
    - و هل تعتقد بأن هذه هي قاعة الإنتظار ؟ أي لقاء هذا الذي يرمي بك هنا أنت واحد من الجميع و جهز نفسك لما هو آت ، أنت تعيش الحلقة الأولى من مسلسل غير منتهي .
    أراد أن يرد عليه و يبعد عنه هذا التشاؤم ، نظر حوله و لم يرى ما يبعث على التفاؤل أو الأمل ، هذا هو المكان الذي يطلقون عليه الحضيض .

    و مازاد في دهشته هو طبيعة الوجوه التي لا توحي بأي خطر على المجتمع
    يبدو أن أغلبهم من قطاع التعليم ، فاللغة العربية حاضرة بقوة في أحاديثهم
    الأقلية المفرنسة تحبذ مقولة اللغة الوطنية لكي تفك أي إرتباط مع العرب و المشرق .

    إستوعب الحقيقة المذهلة ، إنه في مـأزق كبير و من الواضح أنه ضمن مجموعة من المعتقلين السياسيين و عليه أن يكشف للسلطات هذا اللبس
    و لكن أنى له ذلك ، و هل هؤلاء الأشخاص لا يحبون الوطن ؟ بالتأكيد كل واحد يعشق وطنه بطريقته الخاصة ، حتى من يقوم بإنقلاب يرفع شعار الوطنية و ينادي بالحفاظ على المصالح العليا لبلاد ، و من يسفك دماء
    الأبرياء يعتبر الأمر ضريبة الحرية و جسر ضروري للمرور نحو الإستقرار
    القاتل و المقتول كلاهما يرفع سلاحه بإسم المبادئ و المثل و التضحية و الحفاظ على مكاسب الأجداد و مستقبل العباد .

    مرت الأيام رتيبة و مملة و لم يسأل عنه أحد ، نفس الأحاديث و الوجوه و الأكل ، المتغير الوحيد هو الزمن ، في البداية كانت تأتي بعد الأخبار عن الأوضاع المتقلبة في البلاد ، ثم نظرا لعدم وصول أي معلومات ، أضحت الإشاعات محورا للنقاش ، غير أنه تفطن لتلك اللقاءات المتكررة بين مجموعات معينة ، فدخل في إحداها ، فعرف حقيقة الأزمة و فهم خلفيات الإنسداد السياسي و خبايا اللعبة الديمقراطية ، لأول مرة يجد نفسه وسط مناضلين من الطراز الرفيع ، حاول تبادل الآراء و التأثير عليهم ة لكنه
    وجد نفسه ينساق إليهم نظرا لكثرة الحجج و البراهين لديهم على فساد الأنظمة و ضرورة الرجوع الى الأصل و أن لا صلاح لهذه الأمة إلا بما صلح به أولها .
    بعد شهور عديدة أدرك بأنه يقيم بمدرسة و ليس سجنا ، فهناك مواعيد
    للنقاش و التشاور و أخرى للعمل ، هكذا إجتمع رجال مع بعضهم كان من الصعوبة بمكان جمعهم في الخارج ، وجد قناعاته تتغير شيئا فشيئا ، ليس ثمة حكم بل نادي خاص يدير شؤون الناس ، و ليس هناك قانون بل كل ما في الأمر ديمقراطية شكلية إرضاءا للغرب .
    الأمر الوحيد الذي لم يكن معروفا ، ساعة الإفراج و كيف سيكون هناك إطلاق سراح بدون محاكمة ؟ لم يظهر أي شيء يوحي بعودته الى عائلته و بدا و كأن إقامته ستطول الى وقت غير معلوم ، أصبح متيقن بأن الذين قرروا إدخاله الى هذا الجحيم ، منشغلين بأمور أخرى .

    ذات صباح لاحظ أن ساحة السجن يسودها نوع من السكون على غير العادة و الوجوه تبدو متحفزة لشيء ما ، حتى تحركات الحراس يسودها
    شيء من الحذر و الغرابة ، كل شيء يدل على إمكانية حدوث أمر طارئ
    و فيما هو مستلقي على فراشه ذالك المساء ، سمع صراخا و ضجيج و طلقات نارية ، أسرع بالخروج فأبواب الزنزانات مفتوحة على مصراعيها
    إنه تمرد داخلي كبير و الصراع بالأيدي و المعدات متواصل و الرصاص
    يتهاطل من كل الجهات و الأجساد تتهاوى و تسقط في دماءها ، في حين أخذ بعض الجرحى يحاولون النهوض عبثا ، و يصرخون من الألم ، أخذت مجموعة أخرى تهلل و تكبر ، اللون الأحمر يملأ المكان و المشهد لا يقارن سوى بأفلام الرعب الدموية ، شاهد أحد الحراس يفتح الباب الكبير ، أسرع العشرات من المساجين بالهروب في حين فضلت القلة البقاء في زنزاناتهم
    وقف يتأمل المجزرة مندهشا ، قدماه في حالة تجمد تام و تفكيره مشلول
    وجد صعوبة في إختيار وجهته و فجأة داهمه تيار الوعي فلاحظ أن أغلبية الأحياء توجهوا نحو البوابة الكبيرة ، هرع نحوهم و هو مدركا بأن يد الله مع الجماعة .
    خلف الأسوار كانت الفوضى عارمة ، سيارات و آليات عسكرية و قوات مكافحة الشغب ، كل الأسلاك الأمنية موجودة و الناس الذين في الخارج لم يفهموا شيئا ، المهم أن كل شخص يسعى الى الفرار بجلده ، المساجين يجرون نحو كل الإتجاهات و الرصاص يعزف كل أنواع الألحان .
    وجد نفسه مع مجموعة يعرفها ، من حسن حظهم كانت الغابة قريبة ، ساروا عبر الوهاد و الجبال ، لا ينظرون خلفهم و لا يتوقفون و من حين لآخر كانوا يسمعون أزيز المروحيات ، فكانوا يختبئون ثم يواصلون المسير ، المنحدارت الجبلية تتطلب الحذر الدائم في حين تبدو الوديان الجافة أقل خطورة .
    بعد يوم من المسير وصلوا الى منطقة آمنة و معزولة و دخلوا وسط كهف شاسع ، أخذ كل واحد جانبا منه و بقي أحدهم في الخارج يحرس .
    - لقد نجح الهروب الكبير و نجحت الخطة ، ستتكلم وسائل الإعلام المحلية و الدولية عن هذا الإنجاز البطولي المميز .
    - و لكن الى أين نتجه ؟ و متى ستتوقف ملاحقتنا ؟
    - لا تقلق يا أخي ، أنا إبن المنطقة و أعرف كل خباياها، سنصل الى مبتغانا قبل حلول الفجر .

    إستمع الى كلامهم و إقتنع بما لا يدع مجال للشك بأن الأمر مجرد نهاية حلقة و أن المسلسل ما يزال مستمرا .

  2. #2
    الصورة الرمزية سعيدة الهاشمي قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    المشاركات : 1,346
    المواضيع : 10
    الردود : 1346
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    الأخ المبدع بو فاتح،

    لقاء جديد مع حروفك التي تعري الواقع بصورة مباشرة صادمة تخلق في ذهن القارئ بحرا من الأسئلة

    التي تظل أجوبتها عقيمة منعدمة، ما بال سلطاتنا عمياء تقتاد الناس دون جهد لمعرفة الحقيقة وحتى لو

    عرفتها يكون الوقت قد فات ومسلسل التعذيب تعددت حلقاته على شاشة الجسد مرارا وتكرارا حتى ألفه

    وما عاد يؤلمه، هل في الهرب حل؟ أم أنه كما قلتَ حلقة جديدة من حلقات مسلسل أظن نهايته لن تكون

    في كل الأحوال سعيدة ووردية، بل نهاية حتى وإن شاب آخرها بعض الفرح والنصر فطريقها مليء بالجثت

    والدماء التي روت الأرض ورسمت علامة كبرى للاستفهام. هل ديمقراطية الكلمة تستدعي خارطة

    من الألم والترهيب؟

    تحيتي ومودتي.

  3. #3

  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    قصة بتطور حدثي وتداع قاد نحو ذروة التوتر في لحظات الهروب والخاتمة الموجعة تصرخ بحقيقة الواقع القمعي الذي يعيشه كل من يحمل أو يوحي مظهره بحمل فكر أونهج غير ما يحمل النظام
    الفكرة جميلة والأداء طيب والنص وفّق في توصيل مراده بالقوة والتأثير المطلوبين

    دمت بخير أيها الفاضل

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  5. #5
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    موعد بلا ميعاد طرق بابه بلا استئذان وزجه في دائرة لا يعرف عنها شيئا سوى انغلاقها
    حال الكثيرين في الوضع الراهن ممن انقلبت حياتهم دون معنى فتحول البعض الى مقاوم والآخر الى هارب
    قصة بفكرة عميقة
    إعجابي وكل التقدير

  6. #6
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,137
    المواضيع : 318
    الردود : 21137
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    قصة مؤلمة بواقعيتها ـ وحلقة من مسلسل مؤلم يتكرر بنفس المشاهد في كل البلاد العربية
    بتصوير معبر ومؤثر نجحت في إيصال الفكرة بسرد قصي شائق وطرح موفق.
    دمت بكل خير
    .نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. الشبكة ....قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 05-07-2022, 10:21 PM
  2. خيانة زوجية ... قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 30-04-2019, 07:27 AM
  3. إعترافات رجل مهم ....قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 04-12-2015, 10:57 PM
  4. الوفد المرافق له...قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 06-09-2014, 01:52 PM
  5. الوفد المرافق له .... قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-07-2008, 10:38 PM