|
قمرٌ لا يغيبُ " |
لبنانُ نجمُكَ ولَّى بَعْـدَ ذِي يَكــَنِ |
والأرضُ أضحتْ بُعَيْدَ الرُزْءِ باكيـةً |
والطيرُ أَمْسَـى لفَقْدِ الحِبِّ ذَا شَجَنِ |
والقلبُ أِظْلَمَ مِنْ زُرْءٍ ومِـنْ حـَزَنٍ |
والدَّمْعُ أسْبَلَ مِثْلَ العَـارِضِ الهَتِنِ |
فَقْدُ الرِّجَالِ كفَقْدِ المَاءِ فِي ظَمَــأٍ |
أو فُرْقَـةِ الرُّوحِ عِنْدَ المَوْتِ للبَدَنِ |
يَا هَامِرَ الغَيْثِ كَمْ أحْيَيْتَ مِنْ مُـهَجٍ |
وكمْ سَـقَيْتَ لُبَابَ الفِكْـرِ ذَا فِطَـنِ |
سُمِّيتَ فَتْحِي وآلُ العِـزِّ مِـنْ يَكَـنٍ |
لو هَانَتِ الأرْضُ مَا هَانُوا ولمْ تَهُنِ |
قدْ كنتَ شَيْخِي لأهلِ الفِكْرِ سـَـاقيةً |
فَتْحٌ مِنَ اللـهِ لولا اللـهُ لمْ يَكـُنِ |
يا منْ سَمَوْتَ عَنِ الدُّنيَا وَزُخُـرُفِهَا |
والحُرُّ يَسْمُو عَنِ الأوْشَـابِ والعَفَنِ |
كمْ عِشْتَ حرًّا عَزِيزَ النَّفْسِ ذَا أَدَبٍ |
يَسْمُو فؤادُكَ يا شيخِي عَنِ الضًَّـغَنِ |
شــعاعُ فِكْـرِكَ فِي الآفاقِ تعرفُـهُ |
أرضُ العروبةِ مِنْ شَـامٍ وَمِنْ يَمَنِ |
ما ازدانَ لبنـانُ إلاَّ بعدَ مـَوْلِـدِهِ |
كأنَّهُ قَمَـرٌ فِـي صَـفْحَـةِ الوَطَنِ |
واليومَ فارقتِ الأوْطَــانَ طلَّـتُـهُ |
وَغَابَ عنْهَا شَدِيدُ البأْسِ فِي المِحَنِ |
وودَّعَتْـهُ طرابلـسٌ وقـدْ لبسـتْ |
عَبَاءَةَ الغَـمِّ تشـكُو غَيْبَةَ الحَسَنِ |
وقدْ تردَّتْ مُسُــوحَ الحُزْنِ باكـيةً |
لمَّا لَبِسْـتَ أبَـانَـا حُلَّـةَ الكَـفَنِ |
مَضَـى الفَقِيدُ وفِي أكْفَـانِهِ دُرِجَتْ |
مَعَـالـِمٌ في دُرُوبِ الخَـيْرِ لمْ تَبِنِ |
معالمٌ فِي سـِـمَاءِ المَجْدِ سَـاطِعَةٌ |
تهدِي القلوبَ بِفِكْـرٍ وَاثِقِ السُّـنَنِ |
يا مَنْ سـكنْتَ بقلبِي غَيْرَ مُرْتَحِـلٍ |
طولَ الحياةِ ولمْ تُعْرِضْ عَنِ السَّكَنِ |
وجْدِي عليكَ إِمَـامِـي مَالَهُ سَـكَنٌ |
قدْ كادَ حُـزْنِي عليكَ اليومَ يقتلنِـي |
شبَّتْ بقلبِي شُـجُونٌ لا انْطِفَاءَ لَهَا |
وَعَـادَ قَلْبِي بِحُزْنٍ غَيْرِ مُكْــتَمِنِ |
هَوَتْ عَلَيَّ سِــهَامُ الرُّزْءِ نَافِـذَةً |
وكلَّ حينٍ جِيُوشُ الغَـمِّ تَطْرُقـُنِي |
آهٍ عَلَى زَمـَنِ الآلامِ كَـمْ عَصفَـتْ |
بِالْقَلْبِ رِيحٌ مِنَ الأحْزَانِ تُؤْلِمُنِـي |
قدْ كانَ صوتُكَ قَبْل المَوْتِ يُؤْنِسُـنِي |
واليومَ ذِكْـرَاكَ للأشْـجَانِ تُسْلِمُنِي |
فارقتَ أرضـًا وما فارقـتَ أفئـدةً |
تحيَا بحبِّكَ فِي الإسْـرَارِ والعَلَـنِ |
قدْ ذاع صِيتُكَ فِي الآفاقِ يملؤُهَــا |
طِيـبــًا تَرَدَّدَ بَيـْنَ الأَنْفِ والأُذُنِ |
أحْرَزْتَ شيخيَ بالإسْـلامِ مَكْرُمـَةً |
مَا كانَ يعرفُهَا كِسْــرَى وذوُ يَزَنِ |
طوَى الزَّمَانُ عليهمْ ثَـوْبَ تربتِـهِ |
وحسنُ ذكرِكَ لا يطوَى مَدَى الزَّمَنِ |
قدْ كانَ سيفُكَ للإســلامِ مُنْصَلِتـًا |
يُعْلِي اللـواءَ وَيُبْرِي هَامَـةَ الوَثَنِ |
وكـمْ بذلتَ لديـنِ اللهِ مــِنْ دُرَرٍ |
وكمْ دفعتَ لعـزِّ الدينِ مِـنْ ثَمَـنِ |
جُوزِيتَ خَيْرًا عَنِ الإسْـلامِ يَا أَبَتِي |
جنَّاتِ ربِّي إلهِ العَـرْشِ ذِي المِنَنِ |
يا ربِّ فاجعلْ لهُ الفردوسَ منزلـةً |
نِعْمَ المُقَامُ وَمَا أَحْـلاهُ مِنْ سَـكَنِ |