ملاحظات بشأن الإمام مالك
وجهتها لأبناء أختى
ثم رأيت أن نتشارك فيها
لكل إمام فى قلبى رونق خاص و مشهد مميز
لعلى أبينه لو كان فى العمر بقية إن شاء الله
و لكن وقفاتى هنا مع تلك الملاحظات لتشاركونى التأمل و العمل بما يوجبه التدبر إن شاء الله
و تكتبوا تعليقاتكم لنفيد بها الناس
ولكى نعلمها للصغار و الناشئة ليعلموا كم كان سلفنا أبطالا
و للكبار ليخففوا من تربيت و هدهدة الجيل
والد الإمام مالك ( اسمه أنس ) كان رجلا مشلولا مقعدا !
يصنع النبال و يبيعها ليعيش !
و لم يكن عالما !
و كان يشجعه و يثبته للتعلم !
** يعنى والده لم يطلب منه أن يعمل أى مهنة ليريحه ....
** والده لم يقبل الصدقة و هو مقعد ...
** لم يكن والده رجل أعمال و لا موظفا مستقرا
بل كان رجلا فقيرا مشلولا ... و خرج ابنه عالما
** لم يكن يوفر له سيارة للمدرسة ولا اشتراكا فى النادى
و لا مكتبة دسكات كمبيوتر و لا مصروف للحلويات
.. و رغم المعاناة .... كان ما كان ....
فما أروع الأبن و ما أروع الأب ...و ما أروع الأم
الصبورة المربية ( اسمها : الغالية ) ....
** كان الإمام مالك فقيرا أيضا بعد استقلاله فى الحياة
لدرجة أنه ورد فى سيرته أنه :
باع سقف بيته لينفق , حيث نقضه و باع خشبه !
يعنى سقف البيت خشب , لا يحمى من الحرارة تماما و لا من الصقيع !
و لا مراوح و لا دفايات
و لم يترك طلب العلم و ينام من الزهق و القرف
و لم يعرض عن التدريس و يعمل بمهنة تدر دخلا بل تحمل الفقر و زوجته معه ...طلبا للعلم
زوجته كانت من الإماء ( سرية )....
يعنى لم يتزوج بنت عائلة
رغم أنه جلس للفتوى و برز نجمه و هو ابن 17 سنة ...حين شهد له سبعين عالما أنه أهل للتدريس !
** استمر فقره بعد الزواج لدرجة أن المعاصرين قالوا :
أنهم يشهدون أن ابنة الإمام كانت تبكى من شدة الجوع !
*** لم تكن تبكى طلبا للأيس كريم و لا الفسحة
بل من الجوع .....
***فتح الله عليه المال بعدها و ربح فى تجارته !
***مكث يجمع كتاب الموطأ سنوات طويلة
و قال كتبت بيدى مائة ألف حديث !
100000حديث
لم تكن أقلامهم باركر أو شيفر أو بلية دوارة
فتخيل صعوبة الكتابة ..!!
و الكفاح المستمر !!
كانت أقلامهم من الخيزران
تتكسر فيضطر لبرى غيرها
و تؤلم فى مقبضها فليست من البلاستيك الناعم
و الأحبار من الأصباغ الرديئة بمقاييسنا
و الورق من الجلد الجاف و شتى لحاء الأشجار
يعنى مسألة برى الأقلام بالسكين !
و تصبغ اليد من الأحبار !
و رائحتها فى الأنف , كما أنها ليست معالجة ضد التسمم !
و فرد الأوراق قبل الكتابة مهمة سخيفة مملة ! تكلم عنه السلف أنه مهمتهم التقليدية حين يفترون من المطالعة أو يأتى ضيف يشوش عليهم !
فلم يكن يكتب فى دفتر سلس لولبى الكعب
و لا فى الصفحات المصقولة المستوردة
و لا يكتب على الكى بورد الحساس !
ثم مهمة نشر الأوراق لتجف الأحبار بعد الكتابة !
و إيقاد السراج بالزيت المتعب للعين !
فليس هناك أباجورة مكتب و معطر جو !
و الضوء الخافت البسيط !
فليس هناك مصابيح فلورسنت و لا هالوجين و لا تنجستين !
** ورد فى سيرته الصحيحة أن ابنته فاطمة كانت تحفظ الموطأ !
** منا من لم يقرأه ولا مرة
بل لم ير شكله
و ليس فقط لم يحفظه
و لا يعرف تفسيرا لأحاديثه التى أفنى عمره لتصل لنا !
بل و لا يعرف حتى كم عددها !
و لا لم قالها الرسول صلى الله عليه و سلم
هل قيلت للفقهاء فقط !
أم الفقهاء مهنتهم استنباط الأحكام الدقيقة !
الأحاديث و القراءن قصد بها كل مسلم ..
و المتشابه منها هو ما خص به الفقهاء !
و ليس كل الأحاديث فى الفقه !
*ورد فى سيرته أنه :
كانت ابنته فاطمة تجلس أثناء الدرس خلف الباب ,
فلو أخطأ من يقرأ على أبيها دقت الباب فأمره الإمام
أن يعيد ليتنبه لموطن الخطأ !
** لم تكن سافرة
** و لم تكن تضيع وقتها فى الشبكة العقربية
و لا
و لا
و لا
** فى يوم من الأيام حكى أحد طلابه
أن خادمة الإمام مرت به حين جلس على بابه ينتظره للخروج فجرا , ليصحبه كما يفعل يوميا ,
فنام الطالب من الإرهاق , فلما مرت به سائرة خلف الإمام خارجة معه للصلاة .. قالت : قم يالكع
إن شيخك صلى الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة !!!
يعنى يبيت فى الشارع طلبا للعلم !
و شيخه المسن عابد فتح الله عليه ما لا تعليق عليه !
و بلغ من قلة طعامه و شرابه ما بلغ
!
و الخادمة عابدة خلف مولاها
و ترى الكسل عارا على الشباب !
و تنكر المنكر و تنصح
و هو لم يغضب منها
فهى تحتد فى التربية , ..
و هو يعتبرها كأمه التى تؤدبه
بل اعتبرها أعجوبة و كتب القصة فى تاريخه ليقرأها الأجيال بعده
***
جلس الإمام أبو يوسف علامة الأحناف ثلاثة أعوام على باب الإمام
مالك ليسمع سبعمائة حديث !
و قال : سمعتها من فيه بلا واسطة !
و كان فرحا و يعتبرها مزية و مفخرة و فضلا !
700 فقط فى ثلاثة سنوات لينال شرف سماعها من أصلها فيتجنب الخطأ ..
و منا من لا يحفظ سبعمائة فى ثلاين سنة
فضلا عن فهمها
و ضبط السند
مع سهولة العلم فى زماننا و تيسره لمن طلبه
.....
.....
*** كان يقول لا أدرى فى كثير من الأسئلة !مرة أجاب عن 32 سؤالا من بين 48 سؤالا !
** أنا شخصيا لم أسمع كلمة : لا أدرى من يوم أن وعيت ...
لا فى برنامج تلفزيونى (( للفتوى )) و لا راديوا
و لا فى دروس العامة و لا الخاصة المباشرة !
إلا مرة واحدة حين سأل رجل شيخا فى الكويت عن حديث فقال لا أعرفه و لا أعرف صحيح أم لا !
و قد جلست للعلم فى شتى البلاد !
وقد يكون غيرى سمعها لكنها قليلة و الله أعلم !
و قال لى سائق يوصلنى يوما لما قصصت له الخبر
: لو سأل الناس أحدا اليوم عن 48 لأجاب عن 50 !
***بعد أن جلس مالك رحمه الله للفتيا رجع إليه اثنين من شيوخه للسماع منه و الجلوس أمامه كطالبين للعلم !
يعنى الواقعة دليل تفوقه العجيب .. نعم ...
لكن هناك ملاحظة ثانية
أنه لا استكبار عندهم و هم شيوخه .. فنعم الجو العلمى الخلقى .. إنه - و الله أعلم - الصدق مع الله ...
و لا استنكار أن يكون الطالب أعلم و أن يسبق
و أنا لم أر و لم أسمع أستاذا فى جامعة يسأل طالبا , ممن أصبح مدرسا مثله , لا فى الطب و لا فى غيره
و الله يعلم أن من الطلاب من قد يعلم أكثر بكثير
لكنهم يرونها عارا
ويفضلون الجهل ...إلا من رحم الله
ثلة من الأولين و قليل من الأخرين ...
أما أجدادنا فرحمهم الله جميعا ....