أوقع على بياض الورقة البريئة إلا من أحلامي بأني وقعت فريسة لــردة حلم لم يبلغ الحلم امتهن الاحتراق تحت أشعة الشمس وقرر الانتحار في قلب الأرق ..
وأقر بــ الموافقة على تسليم رقبتي إن كان نصل ذاك السيف الذي يشهر صليله في وجه الصباح يقنع بريقا يداعب قلادتي كلما راقصه الكهرمان ..و سأعلقني على حائط ذاكرة لن تتداعى مهما تتوعدها الريح ..ولو كانت للريح ذاكرة خراسانية لما اصطدمت بإرادة أحدهم مرة أخرى .
أوقع .. قلبا وقالبا على أن الحلم الذي يخشى الشمس لا يستحق أن يؤثث مدن فاضلة / فارغة من السكان بين أجفاني فأنا عطر لا تفهم الأنوف لغته ..وزهرة عاجية تبقى مزدهرة في كل الفصول , تدمنها البيئة بقدر أطوار ذاكرة الشذى والعبير ..تساؤل جانبي ما رائحة عطر شممته مؤخرا ؟
(لا أذكر بالتحديد ولكني مازلت احتاج إلى العطر.هكذا حاجتنا للعطر وكل شيء جميل يشبه العطر , كالصدق / والشجاعة / والنبل / والترفع عن الصغائر..هل العطر له ذاكرة كأن يتذكر أي أنف شمه ذات يوم ؟
كذلك هو بحاجة لأنف يشمه ولكن لا مجال للتذكر).
وأبصم على صفحة ما أعلاه بأن السماء تخشى لغة الأرض وتنحني من علوها حتى غدت لحافا من الماء في سويعات الهطول , كما تغدو كحصاة من الضوء في ليالي غير مقمرة لتبدو يد الدفء الحانية ترش عطر الأمل في أذهان الحالمين والموجوع وأن غد جميل لناظره قريب وان كان عن أجندته الحافلة بالهزائم غريب ..
أوقع بكامل إرادتي على أوراق لا تطيق ارتجاع الحبر , هناك عندما ابتكروا بصمة جماعية على أن نقول نعم لكل حاكم في يوم انتخابه خوفا من أن لا نمنح موتا جميلا ..
أوقع على توقعي .. على أني لا أعدكم بأن أكمم أغنيتي ولا أجبركم على تجرع ألحانها وقد يموت المغني وتبقى الأغاني ..ولا أعدكم بأن أضع إصبع الفضول في فم الصمت وأستخرج من نسيجه عنوة خيوط الأسرار عندما ينفلت جزء من جزئه واصل موصول بحياكة لم تجرحها إبرة قاسية تذعن لخيط واهن ...
الغبار يترصد الزوايا والعيون المشردة تبحث عن ملاجئ الفوضى وللصمت المقدس عندي مكانة لا يبلغها كائن ..كحديث الأماكن المألوفة في حنايا ذاكرة الطفولة عندما تسقط بصدفة مقصودة أوراقها الخضراء لأن الخريف لم يمرر على خضرتها يد الاصفرار .
أوقع وأنا مغمضة بكامل وعيي على منح وثيقة موتي لمقصلة تتربص بي إذا لم أنجز من هذا اللهاث خلف مزاعم الخطوات ما يستحق الحياة ..
ليست للحياة حياة إذا تسلق هامها الموت .والموت لا يعني نزع ثوب الروح من هيكل البدن وإنما الموت الحقيقي تلك التي تدب به الحياة بلا حياة , الموت بلا موت هو الحياة .
كجدلية الوجود والعدم الأول يأخذ من الثاني وجوده والثاني يسلب الأول انعدامه ..
وأنا الموقعة أدناه بأن كل من لن يرضى عني فأنا ارضى عنه لأنه فقط وضع لي النقاط على الحروف وبيّن لي لماذا لم يرض عني رغم ما يغري الرضا بي ولماذا لم يرض آخر عني مخالف له لسبب أكثر إقناعا وهنا اراجعني وأرجعني من مسافة بعيدة كنت قطعتها على ظهر السراب ,وكل سراب يلمع كذبا يؤدي الى حقيقة باهتة.
وأنا الموقعة على يقين بأن الحلم لو أفلت يده من يدي لن أذهب به إلى شاطئ الآمال ولكنني سأصنع حلما آخرا لن يتخلى عن مجاراتي في الحوار واستدراجي للاستفزاز و سأصنعه من ظلي .
ولظلي مهنة قديمة لا ينوي التقاعد عنها ,, ففي كل أمسية ينكفئ ويثني قوامه ليلملم أكبر قدرا من مسافات أقتطعت من أصابع الندم بطعم لسعة نحل كلما أمتلأ صحن الساعة من ركود الحركة.
ثق بأن العطر الفائح أمامك لا تشمه باختيارك ولكن يمكنك أن تدعي بأن رائحته لا تعجبك , فقط لكسب لحظة آنية , أو لنزوة إنتصار قصير التنفس وليسقط الفرح الذي لا يتنفس الحرية .