هذه القصيدة بنت السرعة والملل والأثر الاستخدام السيئ للتكنولوجيا (وهو ما لفت له الدكتور سمير في قصيدتي السابقة عن الحب الافتراضي وإدمان النت)..
وهذا عذري والسماح منكم، والوزن اعتمدته سمعياً وليس تقطيعاً..
الملل القاتل
في كل صباح
مع فنجان القهوة أجلسْ
أقرأ في الصحف اليومية
أسمع مذياعاً يهمسْ
أكتب فوق الأوراق
المنثورة في المكتب
أبياتاً للنرجسْ
لا للأرض ولا للحب..
أخربش تجريداً وكلاماً
يكتبه مفلسْ
وأمزق أوراقي في ضيقٍ
من سخف الفكرة والمجلسْ
أرسم وجهاً يضحك حيناًً،
في الغالب أرسمه يعبسْ
أرتشف القهوة من فنجان
عاف شفاهاً لا تنبسْ
عاف عيوناً تكتم حباً
ألَقاً مللاً غضباً تحبسْ
* * *
أخطو بين المكتب والحاسوب
ببطءٍ مَرَضيّ خطواتْ
أنهض عن كرسيّي،
تلتفّ الكرسي
كرقصة صوفي حول الذاتْ
ثم أعود وأجلس
ثم أقوم وأجلس
مرات تلو المراتْ
تنتظر الكرسي نهاية
مللي اليومي وروتين الأنّات
أحيا عادياً
لا كلماتٍ، لا أشياء مفاجئة،
تخنقني الغصات
لا حبٌ يأتيني من خلف الغيم،
ولا أخبار تفرحني، لا عملياتْ
روتينٌ، ملل يوميٌ،
إدمان حاسوبي النكهة.. والحركاتْ
وأظن بأني قائد جيش
يتشد نصراً
أطلق رشاش الكلماتْ
وأصارع شاشة موقع نِتٍّ
أتمترس خلف الكيبورد
كواقي الطلقات
أختلق الأعذار لإدماني
فكرٌ، شعرٌ، ورباطٌ في ثغر،
وقضيتنا تتلقى الصدماتْ
أقرأ أخباراً
عن قريتنا الكونيّة
كي أفهم كيف
أرد هجوم الفيروسات
أقرأ ذلّة أمتنا، وتآمر حكام القنوات
وأفكر في سعر البترول وأسعار العملاتْ
وأعدّ على وجه العرب اللكماتْ
وتلامس كفي قلبي كي أنزع منه الحسراتْ
من فيض الملل الدامي أقرأ صفحات الوفيات
واليوم ذُهلت.. فحين نظرت
قرأت نتيجة ذاك الملل الكامن في نفسي
قالوا فيها: ((ياسر مات!)).