الروايــــة ... القصــــة .. والأقصوصـــــة
لقد انتقلت القصة من مفهومها القديم إلى مفهومها الفني الحديث المسمى بالأقصوصة أو القصة القصيرة كجنس مستقل بعد أن اشتهرت لدى كل الشعوب
وأصبحت من أحب الأنواع الأدبيـة إلى القــراء في عصرنا الحاضرلأنها تلائمهم من حيث سرعة قراءتها في الحيز الصغير التيتشغله .. والزمن المحدود الذي تستغرقه
القصة هي الحياة كما يقول تودوروف ولا يمكن لشعب أن يتواجد دون أن يضمن رؤاه وخصائص هويته الأكثر غموضا في الحكاية وقد عرفت القصة لدى العرب بأشكال متنوعة كالخبر والحكاية والمثل والمقامة والنادرة وتعددت مواضيعها فهي من قصص العشاق إلى أحاديث السمر إلى أساطيرالجن، إلى أيام العرب ووقائع الفتوحات، إلى طرائف الحمقى والمجانين وكل ذلك لغايات (التاريخ / التسلية / التعليم / الوعظ / المناظرة) لكن كثرة المادة القصصية لدى العرب لم يوازها اهتمام بدراستها وضبط مفاهيمها وتدبر أساليبها بل وقع اللجوء في الغالب إلى دراسات غربية دخيلة على النص الأصلي يستلهمون منها الأفكار والمقاييس ولهذا نجد أن الأقصوصة كجنس هي في حد ذاتها من المفاهيم الوافدة الدخيلة على أدبنا كإبداع وكنقد وإنما تداخلت بأدبنا من خلال العلاقات الكنيسية والبعثات التبشيرية منذ عصور , إضافة إلى أهمية حملة بونارت على مصر 1798 موطن الأقصوصة الأول ودورالمؤسسات الفرنسية في تكوين البعثات التعليمية ورواد الترجمة.
*******************************************
وتقوم الأقصوصة على عدد من المقومات أهمها:
ـ == قصر النص : == مسحة أساسية تقوم على اعتبارين:
== كمّي : == بتقليص الفضاءين الزماني والمكاني وقلة عدد الشخصيات واختصار الأحداث ومحاور الاهتمام.
== كيفي : == وحدة الهاجس، وحدة الإنطباع،شمولية التأثير والإيحاء.
ـ == وحدة الموضوع : == كل العناصر يجب أن توظف لإبرازالاهتمام بمدا ر واحد وتكون كثرة العناصر الأخرى مجرد لبِنات أو عناصر خادمة للموضوع «إن الأقصوصة تتناول شخصية مفردة أو حادثة مفردة أو عاطفة مفردة أو مجموعة من العواطف أثارها موقف مفرد» ادغار اَلان بو.
ـ == الوحدة الزمنية : == التركيز على لحظة واحدة هي مدار الاهتمام وإليها تؤدي سائر الأزمنة (إن تعددت) وتعمق تأثيرها «لينتقل كاتب القصة القصيرة من الزمن كيف شاء وليجتز من الشهور والسنين ولكن الذي يجعل عمله قصة قصيرة رغم ذلك... الوحدة الزمنية (..) التي تربط بين لمساته المتباعدة في الزمان» عزالدين إسماعيل (الأدب وفنونه).
== ـ وحدة الشخصية : == وحدة الشخصية لا تعني وجود شخصية واحدة فيستحسن الاقتصار من الشخصيات على ما يخدم الرؤية العامة للقصة ويؤدي إلى خدمة إحساس أو موقف بعينه: إنه التركيز على لحظة أوإحساس أو جزئية هي في الحياة أشبه بقطعة الفسيفساء، لكنها القطعة التي يمكن أن يتبين الناظر إليها فناً كاملا أو سمة أساسية من سمات اللوحة في كليتها.
ـ== وحدة الإنطباع == : هو أساس الرؤية الجمالية في الأقصوصة وهو تضافر جميع عناصرالأقصوصة لبناء أثر واحد «إذا كان الفنان بارعاً فإنه لا يسلط أفكاره على الأحداث وإنما هو يتصور سلفا انطباعا يروم بلوغه ثم ينتقي من الواقع ويركب من الأحداث مايكفل له بلوغ التأثير المراد» إدغار اَلان بو.
ـ == وحدة الهاجس: == قد تتعددعناصر الأقصوصة (الحجم والشكل ومنطق البناء والغاية وطبيعة التأثير) لكن ما يجمع بينها هو صدور منشئها عن شاغل واحد يشدّها جميعا.
ـ == لحظة التنوير : == إنها لحظة الكشف أو اللحظة الجامعة حيث تتجلى الفكرة ويصل الإنطباع قمته هو وقوع تغيرجذري يرافقه اهتزاز أو ارتجاج أو مفاجأة وربما التقاء هذه الألوان جميعا.
ـ == خصوصية البناء : == هنا يظهر الفرق الأساسي بين الرواية والأقصوصة فالأقصوصة لا يبني فيها الصعود ثم النزول بل تبنى فيها لحظة النهاية منذ البداية فالنهاية ليست ملائمة بالضرورة لما سبق إنما هي معه في علاقة تناقض أو مفارقة أو إدهاش وهذا ما يعرف بالمفاجأة أو لحظة الإنقلاب.
ـ == شمولية التأثير: == بما أن الرواية لا تقرأ دفعة واحدة فانها لا يمكن أن تتسم بشمولية التأثير «ادغار اَلان بو» : «ان وحدة مقام القراءة مضافة إلى قصر النص تمكن القارئ من جميع المعطيات فتتولد لديه لذة انتشاء فكأنه إزاء لوحة شاملة تساعد رؤية كل عنصر من عناصرها على رؤية عناصر أخرى أولا وعلى رؤية جميع العناصر مجتمعة ثانيا».
ـ == صرامة البناء: == يقول اَرلاند: «إنّ الإطالة والزوائد والاضطراب أمور قد تنتاب العمل الروائي فيبقى رغم ذلك مثيراللإعجاب، أما في الأقصوصة فإن أبسط الأمور (مثل تغير اللهجة أو اختلال السرعةاختلالا طفيفا أو التواء العبارة أو رسم خط رسما أكثر وضوحا مما ينبغي (أو أقل) كافية للقضاء على الأقصوصة إن الأقصوصة لا ترحم».
ـ == أهمية النهاية : == النهاية في الأقصوصة ليست مجرد خاتمة... إنها المتحكم في طرائق الإنشاء وجميع الإيحاءات والروافد وهي مركز الثقل. «تتطلب الأقصوصة انقلابا حادا على نحو يجعل خطوطها الكبرى بينة واضحة» شليغل.
ـ == تماسك العناصر : == لابدّ أن تكون علاقة العناصر داخل الأقصوصة عضوية فتكون العناصر مترابطة وفق مبدأ التلاقي الذي يجعل كل اللبنات مهما بدت ثانوية ضرورية لبلوغ اللحظة الحاسمة لدرجة أن الاقصوصة على خلاف سائر الأنواع القصصية الأخرى ـ لا تقبل التمطيط أو التلخيص فهي كالقصيدة أو اللوحة «إذ الأقصوصة وحدة درامية غير قابلة للتجزئة ـ فلانري أوكنورـ فوحدة القصة هي التي تثير الانفعال وتؤدي المعنى والعمل القصصي في النهاية ليست وحدة مضمونية منطقية وإنما وحدة فنية تخيّلية.
ـ == التركيز: == هو أساسي في الأقصوصة وهو من مقتضيات ظهور المجال النصّي وضيق مجال الأركان القصصية «إن مادة الأقصوصة مختلفة تماما عن مادة الرواية ،فمادة الأقصوصة موحدة أما مادة الرواية فسلسلة من الحلقات أو الفصول. إن ما يعرض ويصوّر في الأقصوصة يفصل عما سواه (في الحياة) ويعزل عنه. أما الحلقات التي هي مدارالرواية فتلصق وتربط وتكون ممارستها بالتحليل والنشر والتفصيل أما ممارسة مادة الأقصوصة فتكون بالتركيز الدقيق الصارم، إن الأقصوصة نغم أو لحن منفرد ،أما الرواية فهي أشبه بسمفونية قوامها أنغام شتى (بول بورجيه).
ـ == الاسترسال الحاد السريع ==: يرى ايخنباوم أن الرواية تشبه نزهة طويلة هادئة في أماكن مختلفة، أما الأقصوصة فهي كتسلق صخرة أي أن التقدم فيه حاد مركّز لا مجال فيه للارتخاء أوالتباطؤ وهذا يقتضي اجتناب جميع وسائل التفصيل والزينة على نحو يجعل الأفكار مذببة واضحة.
ـ == حدة المنقلب : == انها أساس الطرافة في الأقصوصة فمدار الأقصوصة يمكن أن يكون حدثا عاديا ومألوفا لكن بناء مادتها على نحو مخصوص يساعد على تعميق الاحساس بالنهاية ويفرض بديلا غير منتظر. «إن هدف الأقصوصة أن يوضع حدث (مهم أوتافه) تحت الضوء الكاشف الوهاج وهذا الحدث حتى وإن كان مألوفا يسير الوقوع في الحياة اليومية فانه يغدو في الأقصوصة عجيبا مدهشا وربما صار فذّا فريدا وذلك لأنه يتجه من نقطة ما من الاقصوصة وجهة غير منتظرة وهذا الاتجاه يساعد على نفس هذا الحدث في خيال القارئ وذاكرته ولا سيما إذا كان هذا الحدث مستعارا من الحياة اليومية» (غودان: الأقصوصة الفرنسية). الاتصال بالواقع: هذه السمة أساسية بحكم تزامن ظهور الأقصوصة الحديثة مع ظهور المنحى الواقعي في الفن عموما. يقول( موبسانلعل )أكثر الأشياء بساطة وتواضعا هي التي تؤثر فينا تأثيرا حادا عميقا «لكن (ايخنباوم) يقول «أما الاقصوصة فقائمة على الوحدة والبساطة أساسا مع التنبيه ههنا إلى أن البساطة لا تعني أن الاقصوصة ذات بناء بدائي ضعيف» نظرية الادب فكاتب الأقصوص لايترك مادته الاولية على حالها بل يعالجها معالجة فنية تجعلها جديرة بأغرب التأثيروليس في هذا الزام بالواقع بقدر ما هو توق إلى احداث انطباع لدى المتقبل، انطباعا متصلا أساسا بروح العصر ونبضه وقد نجد أقاصيص موغلة في الخوارق حتى عند (موبسان) وهومن اعلام الواقعية والطبيعة مثل: بل أنّ الرعشة الناشئة عن الخوارق هي سر اعجابه بالكاتب الروسي (تورجنياف) وهو يقول فيه «مع هذا القصاص نجد إحساسا حادا بالخوف الغامض إزاء ما لا يرى أو إزاء المجهول المختفي وراء الجدار أو خلف الباب أو وراء هذه الحياة الظاهرة المرئية، مع هذا القصاص تخترقنا فجأة أنوار مريبة لا تضيء إلا بالقدر الذي يزيدنا رعبا». أهمية الإيحاء: تتضافر هذه الخاصية مع ضمورالحيز النصي وهاجس التركيز وشحن اللغة بما ينبغي لإكساب العمل طاقة فنية صرفاً ومن هنا كثيرا ما لا تنتهي الأقصوصة بانتهاء نصها ففعلها يتواصل في مجال ذات القارئ. يقول ميشال برنود إنّ الأقصوصة ترتحل بك ارتحالا خفيفا , إنها لا تحتاج من الكلمات إلا عدد قليل لكنها بمثابة الطريق المختصرة إلى القلب». إن الأقصوصة هي نبض العصر لما فيها من قدرة على الإختزال وطرق لأهمّ القضايا في حيز نصي ضيق يقوم على نهاية مؤثرة ومقنعة لكن هذه المبادئ قابلة للتقليص والإندماج تحت عدد أقل وربما للاضافة بحكم تطور العصر وتطور الأجناس الأدبية.
******************************************
أهم سمات القصة القصيرة
إن طبيعة الأقصوصة هي التركيز .. تدور حول حادثة أو شخصية أو عاطفة مفردة .. أو مجموعة من العواطف يثيرها موقف مفرد
ولذلك فهي لا تزدحم بالأحداث والشخصيات والمواقف كالرواية والقصة
ولا تجد فيها تفصيلات .. وجزئيات تتصل بالزمان والمكان أو الأحداث والشخصيات
ولا مجال فيها للاستطراد والإطالة في الوصف
ووحدة الحديث أساس فيها ,
ولهذا تكون كل عناصرها خاضعة لتصوير الحدث وحده حتى يبلغ غايته
بل نجد كل كلمة فيه تؤدي دوراً لا غنى فيه كلمة سواها
ولا يستعين كاتبها بالوصف لذاته .. بل للمساهمة في نمو الحدث
ولا بد من وحدة الزمن في القصة القصيرة حتى مع امتداد هذا الزمن .. لأنها تتناول فكرة واحدة أو حدثاً واحد أو شخصية مفردة
وإذا كثرت الشخصيات في القصة القصيرة لا بد أن يجمعها حدث واحد
وإلا انقطع تطور الحدث بتشتت ذهن القارئ بين شخصيات متباينة
وحين يكون الحدث مداراً للقصة القصيرة تكون له بداية ........ يسميها النقاد الموقف
وله وسط ........ ينمو من الموقف ويتطور الى سلسلة من المواقف الصغيرة التي تتشابك بين العوامل التي يتضمنها الموقف الرئيسي
ولكون له نهاية ....... تتجمع فيه العوامل والقوى في نقطة واحدة يكتمل بها الحدث ويسمي النقاد هذه النقطة لحظة التنوير
تعددت أنواع القصة بحسب اختلاف أساليبها ومواقف كاتبها فهناك
= من يعتمد على عنصر الشخصية اعتماداً كبيراً
= الاعتماد على الحدث
= الاعتماد على الجو .... وهو الاطار الذي يشمل الحدث والشخصية
= الاعتماد على أسلوب التحليل .. وهو عرض الدوافع التي تحرك الشخصية .. وذلك ما يسمى بحديث النفس
= الاعتماد على الوصف الخارجي .. وهو الاستعانة بالحوار وترك القارئ يتصور الدوافع النفسية
وهي جميع الأحوال تظل وحدة الانطباع مسيطرة على القصة القصيرة
*************************************************
الفرق بيت القصة والحكاية
القصة القصيرة :
سرد قصصي قصير نسبييا (قد يقل عن عشرة آلاف كلمة) يهدف إلى إحداث تأثير مفرد مهيمن ويمتلك عناصر الدراما. وفي أغلب الأحوال تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة في موقف واحد في لحظة واحدة. وحتى إذا لم تتحقق هذه الشروط فلا بد أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجه لها. والكثير من القصص القصيرة يتكون من شخصية (أو مجموعة من الشخصيات) تقدم في مواجهة خلفية أو وضع، وتنغمس خلال الفعل الذهني أو الفيزيائي في موقف. وهذا الصراع الدرامي أي اصطدام قوى متضادة ماثل في قلب الكثير من القصص القصيرة الممتازة. فالتوتر من العناصر البنائية للقصة القصيرة كما أن تكامل الانطباع من سمات تلقيها بالإضافة إلى أنها كثيرًا ما تعبر عن صوت منفرد لواحد من جماعة مغمورة. ويذهب بعض الباحثين إلى الزعم بأن القصة القصيرة قد وجدت طوال التاريخ بأشكال مختلفة؛ مثل قصص العهد القديم عن الملك داوود، وسيدنا يوسف وراعوث، وكانت الأحدوثة وقصص القدوة الأخلاقية في زعمهم هي أشكال العصر الوسيط للقصة القصيرة. ولكن الكثير من الباحثين يعتبرون أن المسألة أكبر من أشكال مختلفة للقصة القصيرة، فذلك الجنس الأدبي يفترض تحرر الفرد العادي من ربقة التبعيات القديمة وظهوره كذات فردية مستقلة تعي حرياتها الباطنة في الشعور والتفكير، ولها خصائصها المميزة لفرديتها على العكس من الأنماط النموذجية الجاهزة التي لعبت دور البطولة في السرد القصصي القديم. ويعتبر (إدجار ألن بو )من رواد القصة القصيرة الحديثة في الغرب . وقد ازدهر هذا اللون من الأدب في أرجاء العالم المختلفة، طوال قرن مضى على أيدي ( موباسان وزولا وتورجنيف وتشيخوف وهاردي وستيفنسن )، ومئات من فناني القصة القصيرة. وفي العالم العربي بلغت القصة القصيرة درجة عالية من النضج على أيدي يوسف إدريس في مصر، وزكريا تامر في سوريا ، وسمير البرقاوي في الأردن ،ومحمد المر في دولة الإمارات.
الحكاية:
سرد قصصي يروي تفصيلات حدث واقعي أو متخيل، وهو ينطبق عادة على القصص البسيطة ذات الحبكة المتراخية الترابط، مثل حكايات ألف ليلة وليلة ومن أشهر الحكايات "حكايات كانتربري" لتشوسر. وقد يشير التعبير دون دقة إلى رواية كما هي الحال في حكاية (قصة) مدينتين لديكنز. الحكاية الشعبية : خرافة (أو سميديا: رد قصصي) تضرب جذورها في أوساط شعب وتعد من مأثوراته التقليدية. وخاصة في التراث الشفاهي. ويغطي المصطلح مدى واسعا من المواد ابتداء من الأساطير السافرة إلى حكايات الجان. وتعد ألف ليلة وليلة مجموعة ذائعة الشهرة من هذه الحكايات الشعبية. اللغة ونوعها ومستواها في العمل القصصي: فاللغة العامية لغة مبتذلة لا تقوى على إقامة معان ذات إيحاءات متعددة مؤثرة، كما هو الحال في اللغة الأدبية الفصحى.
************************************************** ******
عناصر القصة :
الفكرة والمغزى:
وهو الهدف الذي يحاول الكاتب عرضه في القصة، أو هو الدرس والعبرة التي يريدنا منا تعلُّمه ؛ لذلك يفضل قراءة القصة أكثر من مرة واستبعاد الأحكام المسبقة ، والتركيز على العلاقة بين الأشخاص والأحداث والأفكار المطروحة ، وربط كل ذلك بعنوان القصة وأسماء الشخوص وطبقاتهم الاجتماعية …
الحــدث:
وهو مجموعة الأفعال والوقائع مرتبة ترتيبا سببيا ،تدور حول موضوع عام، وتصور الشخصية وتكشف عن صراعها مع الشخصيات الأخرى … وتتحقق وحدة الحدث عندما يجيب الكاتب على أربعة أسئلة هي : كيف وأين ومتى ولماذا وقع الحدث ؟ . ويعرض الكاتب الحدث بوجهة نظر الراوي الذي يقدم لنا معلومات كلية أو جزئية ، فالراوي قد يكون كلي العلم ، أو محدوده ، وقد يكون بصيغة الأنا ( السردي ) . وقد لا يكون في القصة راوٍ ، وإنما يعتمد الحدث حينئذٍ على حوار الشخصيات والزمان والمكان وما ينتج عن ذلك من صراع يطور الحدث ويدفعه إلى الأمام .أو يعتمد على الحديث الداخلي … العقدة أو الحبكة : وهي مجموعة من الحوادث مرتبطة زمنيا ، ومعيار الحبكة الممتازة هو وحدتها ، ولفهم الحبكة يمكن للقارئ أن يسأل نفسه الأسئلة التالية : - - ما الصراع الذي تدور حوله الحبكة ؟ أهو داخلي أم خارجي؟. - ما أهم الحوادث التي تشكل الحبكة ؟ وهل الحوادث مرتبة على نسق تاريخي أم نفسي؟ - ما التغيرات الحاصلة بين بداية الحبكة ونهايتها ؟ وهل هي مقنعة أم مفتعلة؟ - هل الحبكة متماسكة . - هل يمكن شرح الحبكة بالاعتماد على عناصرها من عرض وحدث صاعد وأزمة، وحدث نازل وخاتمة .
القصة والشخوص:
يختار الكاتب شخوصه من الحياة عادة ، ويحرص على عرضها واضحة في الأبعاد التالية :
أولا : البعد الجسمي : ويتمثل في صفات الجسم من طول وقصر وبدانة ونحافة وذكر أو أنثى وعيوبها ، وسنها .
ثانيا: البعد الاجتماعي: ويتمثل في انتماء الشخصية إلى طبقة اجتماعية وفي نوع العمل الذي يقوم به وثقافته ونشاطه وكل ظروفه المؤثرة في حياته ، ودينه وجنسيته وهواياته .
ثالثا :البعد النفسي : ويكون في الاستعداد والسلوك من رغبات وآمال وعزيمة وفكر ، ومزاج الشخصية من انفعال وهدوء وانطواء أو انبساط . القصة والبيئة: تعد البيئة الوسط الطبيعي الذي تجري ضمنه الأحداث وتتحرك فيه الشخوص ضمن بيئة مكانية وزمانية تمارس وجودها
******************************************
مساحة القصة القصيرة
يقول ( فخري قعوار )
نجد أنه لابد للكتابة الأدبية من توفر الموهبة وسعة الإطلاع والإلمام باللغة والتمكن
من إستعمال اللفظة الموحية ، والموهبة لابد لها من التمرين المستمر ، فكم
من المواهب ضاعت في خِضـَّـم الحياة ، وبما أن القصص من فنون الأدب فيجب
أن تتوفر فيها العاطفة الصادقة ، على الكاتب أن يطلع على النتاجات الأدبية
المنوعة وخاصة في مجال القصة القصيرة التي تعتبر جديدة في عالمنا العربي
إذا ما قيست بالعالم الغربي.
وإذا بدأنا بمحاولة لتحديد مساحة القصة القصيرة أو عدد كلماتها، لوجدنا قصصاً يبلغ طولها عشرات الصفحات، ولوجدنا أيضاً قصة قصيرة لا يتجاوز عدد كلماتها خمسين كلمة.
الأولى تعدّ من حيث خصائصها العامة، قصة قصيرة، والثانية تعدّ كذلك، ونحن نستطيع أن نجد نماذج كثيرة جداً من القصة القصيرة ذات الصفحات العديدة في أدب آرنست همنغواي ومكسيم غوركي ويوسف إدريس، كما أننا نستطيع أن نجد نماذج كثيرة جداً للقصة القصيرة جداً عند أنطون تشيخوف ويوسف الشاروني وزكريا تامر. وهذا التفاوت في المساحة موجود في الأدب المحلي، ويستطيع المتتبع أن يلاحظ ذلك بيسر.
هذا عن مساحة القصة، أما عن بنائها الفني، فنحن لا نجد كذلك تعريفاً محدداً، إذ إن الكتب المدرسية، وأحياناً الجامعية، تحاول أن تُدخل في عقول الطلبة، أن القصة يجب أن تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ- بداية،
ب- وسط،
ج- نهاية،
انطلاقاً من أن البداية هي للتعريف بالمكان والزمان والشخوص، ثم السير بالحدث تدريجياً نحو وسط القصة، حيث تبلغ الأزمة ذروتها، ثم تتدرج من هناك نحو الحل أو ما يسمونه لحظة التنوير ، التي تمثل الخاتمة أو النهاية.
وحقيقة القصة القصيرة ليست كذلك دائماً، إذ نستطيع أن نكتب قصة تبدأ من حيث يجب أن تنتهي، ثم نعود بسرد الأحداث وروايتها إلى أن نصل إلى الخاتمة التي بدأنا بها. وهذا ما يطلق عليه اسم ( كف وَّفٌئ) ونلاحظه كثيراً في الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، كما نستطيع أن نكتب قصة قصيرة تبدأ من الوسط، ثم نرجع بها وبأحداثها إلى البداية، ومن ثم إلى الوسط مرة أخرى، ثم إلى النهاية. وباختصار يمكن القول إن الكاتب قادر على التصرف بشخوص قصته ومكانها وزمانها وحركتها بالوجهة التي يراها ملائمة أكثر لتشويق القارئ، وشده نحو متابعة القصة.
ونجد بعد هذا، أن التسلسل الذي نجده في بعض الكتب المقررة، ليس هو ما نجده عندما نطّلع على قدر كاف من النماذج القصصية لمجموعة من الكتاب المختلفين، أو لكاتب واحد أحياناً.
أما عن الحدث، فليس شرطاً أن يكون عنيفاً أو مفجعاً، كما نراه في قصص الكاتب الفرنسي جي.دي. موباسان، ومن بعده الكاتب المصري المعروف محمود تيمور.
لتيمور قصة قصيرة بعنوان حزن أب يرويها الكاتب على لسان الراوي الذي تابع سير الأحداث، وهي بإيجاز قصة الشيخ عساف الذي فقد إبنه عندما دهسته عجلات القطار، حيث تحول إلى كتلة من اللحم المفروم.
لماذا اختار هذه النهاية الدامية للقصة؟.
ولماذا لجأ إلى هذا العنف المفجع؟.
ثم، ما الذي يريد محمود تيمور أن يقوله لنا من خلال قصته؟.
اختار الكاتب هذه النهاية الدامية، كي يقول لنا إن حزن الشيخ عساف كان شديداً، وإن تعلقه بابنه كان مثالياً. وعليه، فهو يريد أن يقدس هذه القيمة الاجتماعية. وقد لجأ الكاتب إلى العنف الشديد ليجعل أحداث القصة ترسخ في أذهاننا مدة طويلة، وهي ترسخ في الذهن فعلاً نظراً لشدة كثافة العنف فيها. أما ما الذي يريد أن يقوله لنا محمود تيمور، فهو في تقديري، لا يتجاوز أن يكون دعوة للارتباط الحميم بين الابن وأبيه وبالعكس. ولكني أرى أن قصة كهذه، خرجت عن المغزى الذي يريده الكاتب، وتحولت إلى دعوة لكل الآباء الذين فقدوا أبناءهم، كي يموتوا بالطريقة نفسها. فالأب الذي مات ابنه دهساً، عليه أن يقتل نفسه تحت العجلات، والأب الذي مات ابنه يشرب الفليدول ، عليه أن يهبّ فوراً لشراء كمية مناسبة من هذه المادة السامة وشربها. .. وهكذا.
******************************
الرواية
الرواية نوع من انواع سرد القصص، تحتوي على العديد من الشخصيات لكل منها اختلاجاتها وتداخلاتها وانفعالاتها الخاصة، وتعتبر الروايات من أجمل انواع الأدب النثري. تمثل النوع الأحدث بين أنواع القصة، والأكثر تطوراً وتغييراً في الشكل والمضمون بحكم حداثته ووما لهُ صِلة بالرواية أو ما شبيه بها كفن السيرة وفن المقامةوإنْ كانا يعدان أساساً واحداً من الأسس التي قامت عليها الرواية العربية اليوم ذلك إنَّ ما احتواه هذا الفن من قواعد فنية يرجع إلى عهد قريب حين تعرف العرب هذا النوع الأدبي وأصوله كما ظهر مع بدء القرن الماضي إذ ترجم الكثير من القصص والروايات العالمية من الشرق والغرب.
تتناول الرواية مشكلات الحياة ومواقف الإنسان منها في ظل التطور الحضاري السريع الذي شهده المجتمع الإنساني خلال هذا القرن.
لقد شهد أوائل القرن العشرين محاولات بسيطة في كتابة الرواية العربية عالجت موضوعات تاريخية واجتماعية وعاطفية، بأسلوب تقريري مباشر. توخّت تسلية القارئ وتعليمه ثم تبعت ذلك محاولات فنية جادة في كتابة الرواية. منها:
رواية (زينب) سنة 1914 للدكتور محمد حسين هيكل
رواية (دعاء الكروان) للدكتور طه حسين
رواية (سارة) لعباس محمود العقاد
رواية (إبراهيم الكاتب) تأليف إبراهيم عبد القادر المازني، وغيرها في العراق وسوريا ولبنان.
وتعد رواية (جلال خالد) للقاص العراقي محمود أحمد السيد التي اصدرها عام 1928م من أولى المحاولات الناجحة في كتابة الرواية الفنية في العراق.وظلت وتائر تطور الرواية في الوطن العربي مستمرة لتصل في النصف الثاني من القرن العشرين إلى المستوى الذي جعل بعضها يقف مع أفضل الأعمال الروائية العالمية، وبرز في كتابتها أكثر من واحد من الروائيين العرب الذين طبقت شهرتهم أنحاء كثيرة من العالم وترجمت أعمالهم إلى لغات عديدة منهم: توفيق الحكيمونجيب محفوظويوسف أدريس.
أرجو أن تعم الفائدة للجميع
خالص احترامي للجميع
منقول للفائدة