|
قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبَيبٍ مُرَحَّلِ |
بِأَرْضِ الْعِراقِ بَيْنَ زَاخُو وَ مَعْقَلِ |
فَمَيْسانَ فَالأَنْبَارِ كُلٌّ مُهَجَّرٌ |
يَحِنُّ إِلِى جَارٍ وَ صَحْبٍ وَ مَنْزِلِ |
يَمُرُّ عَلَيْهِ الْلَيْلُ وَ هْوَ مُعَذَّبٌ |
وَ يَذْكُرُ أَيَّامَ الصَفَا بِتَجَمُّلِ |
بِكُلِّ بَلادِ اللهِ تَلْقَى مُشرّداً |
يَنُوحُ وَ يَبْكِي مِنْ عَدُوٍّ مُضَلِّلِ |
وَ أَرْمَلَةٍ تَشْكُو مِنَ الْبُؤْسِ نارهوَ قَدْ أَحْرَقَتْ مَا عِنْدَهَا مِنْ مُحَصَّلِ |
وَ تُقْضَى الَّليَالِي بَيْنِ سُهْدٍ وَ لَوْعَةٍ وَ تَكْفلُ أَيْتَاماً بِغَيْرِ مُؤَمَّل |
تَلَوَّى كَمَلْدُوغٍ يُصَارِعُ مَوْتَهُ |
وَ تَشْهَقُ كَالْغَرْقَانِ يَهْوِي لِأَسْفَلِ |
وَأَطْفَالُهَا يَبْكُونَ خُمْصاً مِنَ الطَّوَى |
وَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ لُقْمًةٍ لِتَعَلُّلِ |
عَدُوٌّ بِأَرْضِ الرَّافِدَيْنِ مُحَكَّمٌ |
وَ يَنْفُثُ مِنْ سُمِّ الشِّقَاقِ لِيْخْتَلِي |
يُقَسِّمُ أَبْنَاءَ الْعِرَاقِ طَوَائِفاً |
وَ يَبْعَثُ فِيهَا كُلِّ حِقْدٍ مُزَلْزِلِ |
و لم أر في التاريخ شعبا مقاوما |
رمته يد الأعداء في كل مقتل |
و قد جرب الأعداء كل وسيلة |
و قد منع الأخيار عن عون مبتل |
و حطم جيش الإحتلال معالما |
و صرحا من المجد الطويل المؤَثَّلِ |
و قد أحرقت أحقاده كل أخضر |
من الخير يرجى أو هشيم مخلخل |
شواظ من النيران تسقط فوقه |
و تقذف آلات الدمار كمرجل |
و قد زرعوا أرض العراق قنابلا |
تسيل الردى في كل واد و جندل |
و قد أطلقوا كف الفساد فأنشبت |
مخالبها في سيبه المُتَأَمَّلِ |
أ لَسْتَ تَرَى في كُلِّ ناحِيَةٍ يد |
تُدَمِّرُ ما شادَ البُناةُ بِمِعْوَلِ |
تَمُرُّ عَلَى تِلْكَ المَغَانِي و قَدْ غَدَتْ |
خَرَائِبَ تُنْبِي عَنْ ضَغِينَةِ مُؤْثِلِ |
ففي كل شبر في العراق مصيبةٌ |
و في كلِّ بيتٍ نائِحٌ بَيْنَ ثُكَّلِ |
وَ لكِنَّمَا قَدْ سَطَّرَ الْمَجْدَ فِتْيَةٌ |
حَبَتْهُمْ يَدُ الْعَلْيَاءِ أَفْضَلَ مَنْزِلِ |
شَبَابٌ يَضُوعُ النَّصْرُ مِنْ ضَرَبَاتِهِمْ |
وَ قَدْ نَاجَزُوا الأَعْدَاءَ فَرْداً بِجَحْفَلِ |
رِجَالٌ لَهُمْ فِي كُلِّ مَكْرَمَةٍ يَدٌ |
وَ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ عِصْمَةُ المُتَبَتِّلِ |
يُفَدِّي بِلاداً قَدْ بَنَاهَا أَمَاجِدٌ |
وَ وَ مَا يُفسِدِ الْفُجَّارُ يَأْتِ بَأَفْضَلِ |
وَ قَدْ دَافَعُوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَ ثَائِرٍ |
وَ قَدْ صَمَدُوا فِي وَجْهِ رُعْبٍ مُجَلْجِلِ |
يُقَاوِمُ كَالطَوْدِ الأَشَمِّ أَشَاوِسٌ |
وَ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ عُدّةٍ وَ مُعَوَّلِ |
سِوَى اللهِ رَبِّ الْعَالمَِينَ يُعِينُهُمْ |
لَقَدْ أَرْهَبُوا أَعْدَاءَهُمْ بِتَوَكُّلِ |
أَذَاقَ جُيُوشَ الْمُعْتَدِينَ رَصَاصُهُمْ |
صَوَاعِقَ مَوْتٍ مِنْ كَمَيٍّ وَ أَعْزَلِ |
أَذَاقُوهُ مِنْ طَعْمِ الْقِتَالِ أَمَرَّهُ |
وَ شَدُّوا عَلَيْهِ مِنء جُنُوبٍ وَ شَمْأَلِ |
فَلَمْ يَدْرِ أَيَّ الوُجْهَتينِ ملاذَه |
وَ لا أيَّ دربٍ يَتَقِّي من مُجَحْفِل |
وَ قَدْ أَرْعَبَتْ جَيْشَ الْعَدُوِّ فِعَالُهُمْ |
فَكَمْ مِنْ عُتُلٍّ هَارِبٍ وَ مُجَنْدَلِ |
مُمَزَّقَةٌ أَحْشَاؤُهُ بِدُرُوعِهِ |
وَ تَأْكُلُهُ النِّيرَانُ مِنْ كُلِّ مَفْصَلِ |
وَ أَدْرَكَ مَا يَعْنِي النِّضَالُ حَقِيقَةً |
وَ قَدْ كَانَ فِي غَيْبُوبَةِ المُتَطَفِّلِ |
فَلا شَيْءَ يُنْجِي مِنْ كَمينِ مُقَاوِمٍ |
وَ قَدْ أُحْكِمَتْ أَسْبَابُهُ بِتَعَقُّلِ |
وِقَدْ أَذْهَلَ الأَعْدَاءَ صَلْبُ صُموُدِهِمْ |
فَلَمْ يَجِدُوا غَيْرَ الْفِرَارِ لِمَعْقِلِ |
وَ قَدْ هَاجَمَتْهُ الْعَادِيَاتُ بَأَنْكَلِوَ قَدْ كَانَ عَنْهَا فِي أَمَانٍ وَ مَعْزَلِ |
لَعَلَّ بِهِ حِصْناً يُحَصِّنُ جُنْدَهُ |
وَ كُلِّ أبيٍّ مُسْتَثَارٍ مُجَاهِدٍ |
يَصُولُ كَجَوْلانِ الرِّياحِ بِقَسْطَلِ |
وَ يَحْمِلُ رُوحاً فِي السَّلامِ عَزِيزَةً |
وَ فِي الْحَرْبِ قَدْ أَلْقَى بِهَا كُلَّ مَقْتَلِ |
يُسَاوِمُهُ الْمُحْتَلُّ بَيْعَ بِلادِهِ |
وَ هَلْ يَقْبَلُ الأحْرارُ مَجْداً بِأَرْذَلِ |
وَ تُسْلِمُهُ الأيَّامُ ظُلْماً إِلى الأَسَى |
وَ مَنْ تُسْلِمِ الأَيَّامُ لِلْحُزْنِ يُقْتَلِ |
تُضَرِّسُهُ الأَحْدَاثُ مِنْ غَيْرِ رَحْمَةٍ |
و ترميه شلوا للأسى المتطفل |
وقَدْ كَانَ لا يَخْشَى نُزُولَ خُطُوبِهَا |
وَ قَدْ كَانَ عَنْهَا فِي أَمَانٍ وَ مَعْزَلِ |
تَسَوَّرَتِ الآلامُ كُلَّ قِلاعِهِ |
وقَدْ هَاجَمَتْهُ الْعَادِيَاتُ بَأَنْكَلِ |
وقَدْ عَبَثَتْ فِيهَا النَّوَازِلُ بَعْدَهَا |
وَ قَدْ أَنْهَكَتْهُ فِي حِصارٍ مُكَبِّلِ |
فَمَا عَادَ يَدْرِي كَيْفَ يُوقِفُ زَحْفَهَا |
وَ كَانَتْ تُمَنِّيهِ الوُصُولَ لأَفْضَلِ |
وَ لكِنَّ أَبْنَاءَ العِرَاقِ بُنَاتُهُ |
سَيَبْنُونَ مَا هَدَّتْ يَدُ الْمُتَدَخَّلِ |
وَ تَشْمَخُ أَعْنَاقُ الَّذِينَ تَطَوَّعُوا |
لِقَطْعِ يَدِ الْعُدْوَانِ فِي كُلِّ مَحْفَلِ |
سَتَنْهَضُ يَا شَعْبَ العِراقِ وَ تَعْتَلِي |
مِنْ الْمَجْدِ هَامَاتٍ تَتُوقُ لِمُعْتَلِ |
وَ نَبْنِي عِرَاقاً بِالإخَاءِ مُحَصَّناً |
وَ نَحْصِدُ أَعْدَاءَ الْعِرَاقِ بِمِنْجَلِ |
سَلِيماً مُعَافىً لا يُدَنِّسُ أَرْضَهُ |
عَدُوٌّ مُدَاجٍ أَوْ عَمِيلٌ لَهُ جَلِ |
أَلَمْ تَرَ أَنْوَارَ العِراقِ مُطُلِّةً |
تُمَزِّقُ أَسْتارَ الْظَلامِ لِيَنْجَلِي |