|
العيشُ في تِلكَ الحياةِ مُحَيِّرُ |
و هُمُومُها في كُلِّ يومٍ تَكْبُرُ |
تَربُو اْلهُمُومُ تصيرُ بُنْياناً على |
صَدْرِي ، و ناراً في الفُؤادِ تَسَعَّرُ |
مَا إِنْ يفيقُ اْلعَقْلُ مِنْ أَحْدَاثِهَا |
حَتَّى يَرَىَ أُخْرَىَ تَهِلُّ و تَظْهَرُ |
عَامٌ يَرُوحُ و تَنْقَضِي أَيّامُهُ |
و يَجِيءُ آَخَرُ بِاْلخَفَايَا يَزْخَرُ |
عامٌ مَضَى و اْلقَتْلُ تَرْعَى خَيْلُهُ |
فِينَا ، و أَشَْباحُ المَنَايا تَسْكَرُ |
و نَظَلُّ نَرنُو لِلْجَدِيدِ ، لَعلَّهُ |
يَمْحُو خَطَايَا سَابِقِيهِ و يَغْفِرُ |
فيخيبُ ظنُّ مُؤَمِّلٍ ، و يَخُونُهُ |
سَعيٌ ، و كَمْ ضَلَّ الطريقَ مُفَكِّرُ |
عامٌ مَضَى،و جَحَافِلُ اْلتَّخْرِيبِ فِي |
أَرْضِ اْلعِرَاقِ،و لَيْسَ فِيِنَا مُنْكِرُ |
جَاءَتْ كَأَسْرَابِ الجَرَادِ ، سِلاحُهَا |
جُوعٌ يُمَزِّقُهَا و حِقدٌ أغْبَرُ |
و يَقُودُهَا بُوشُ اْلذي إِرْهَابُهُ |
مَا كَانَ يَجْهَلُهُ لَبِيبٌ مُبْصِرُ |
حَرْبٌ لأَجْلِ صَلِيبِهِ قَدْ شَنَّهَا |
و لَهَا يُكَرِّسُ جُهْدَهُ و يُسَخِّرُ |
ضَجَّتْ بِهَا اْلبَيْدَاءُ و البحرُ اْشتَكَى |
و اْلتَاعَتْ اْلدُّنْيَا و أنَّ اْلأَخْضَرُ |
حَربٌ على اْلإِرْهَابِ ، ذَاكَ شِعَارُهَا |
و المُسْلِمُونَ لَهَا وَقُودٌ أَحْمَرُ |
بالأمسِ " جَيْحُونَ" اْستُبيحَ وَقَارُهُ |
و اليومَ دَنَّسَ دِجلَةَ اْلمُسْتَعْمِرُ |
و غَداً إِلَى اْلنِّيلِ اْلعظيمِ مَسِيرُهُ |
يسبي الحرائِرَ في البلادِ و يأسِرُ |
حتَّى إذا الأنهارُ غرباً حُوِّلَتْ |
أو غِيِضَ مَنْهَلُنَا و جَفَّ اْلمَصْدَرُ |
قِيِلَ اْخسَئوا يا حَالِمِينَ بِشَرْبةٍ |
فَاْلمَاءُ مِنْ فَضَلاتِنَا يَتَقَطَّرُ |
أواهُ يا قدسَ اْلعُرُوبَةِ كَمْ بِنَا |
مِنْ حَسْرَةٍ بَيْنَ اْلحنايا تَنْحَرُ |
"شَارُونُ" دَنَّسَ حُرْمَةَ اْلأقْصَى،و لَمْ |
يَأْلُ اْلجُهُودَ و رَاحَ مِنَّا يَسْخَرُ |
فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْكَ يَا عَامَ اْلأسَى |
يُخْتَارُ مِنْ بَيْنِ اْلدِّمَاءِ اْلأَطْهَرُ |
عَيْنُ "الأبتْشي" تَنْتَقِي بِبَرَاعَةٍ |
أَهْدَافَهَا و مِنَ الفَضَاءِ تُفَجِّرُ |
القردُ يَفْعَلُهَا و يَدْعَمُ فِعْلَهُ |
فِي بيتِهِ المُسْوَدِّ ذِئْبٌ أَزْعَرُ |
و نُسَاقُ خَلْفَهُمَا لِسِلْمٍ زَائِفٍ |
و نَقُولُ بِالسِّلْمِ (اْلسَّلِيِبُ) يُحَرَّرُ |
أوَ ما دَروْا أن الحُقُوقَ تَضِيعُ إِنْ |
أَصْحَابُهَا عَنْهَا غَفَوْا أَوْ أَدْبَرُوا |
و بِغَيْرِ حَدِّ اْلسَّيْفِ لَيْسَ يُعِيدُهَا |
قَلْمٌ يُوَقِّعُ خَانِعاً أَوْ دَفْتَرُ |
و بلا رُدَيْنِيٍّ فَلَيْسَ يَهَابُنَا |
مَنْ كانَ يَجْهَرُ بِاْلخَنَا أَوْ يُضْمِرُ |
يا أَيُّهَا اْلعَامُ الجديدُ تَرَفُّقاً |
بِقُلُوبِنَا ، إنَّ اْلقُلُوبَ تَفَطَّرُ |
ماذا تُخَبِئُ تَحْتَ طِمْرَيْ قَاِدمٍ |
غَيْرَ اْلأَسَى و نُيوبِ لَيْثٍ يَزأَرُ |
خَمْسُونَ أَعْلَنَتِ اْلمَجِيءَ فَأَرْسَلَتْ |
جُنْداً تُسَابِقُهَا إِليَّ و تُنذِرُ |
و النَّفْسُ فِي غَيٍّ تَتُوُقُ لِصَبْوَةٍ |
و لَقَدْ تُسافِرُ في الضَّلالِ و تُبحِرُ |
لَوْلا هِدَاَيَةُ خَالِقِ الدُّنْيا لَمَا |
كَفَّتْ ، فَفَاضَتْ بِاْلغِوَايةِ أَنْهُرُ |
خَمْسُونَ تَرْسُمُ للضياعِ خريطةً |
فوق الوجوهِ و بالدِّمَاءِ تُسَطِّرُ |
مَرَّتْ أَمَامَ اْلعَيْنِ مرَّ غَمَامَةٍ |
حَدَّقْتُ فيها شَاخِصاً أَتَذَكَّرُ |
فَرَأَيْتُ ما يُدمِي اْلعُيوُنَ مِنَ اْلبُكا |
و يُذِيِبُ قَلْبَ جلامِدٍ فَتَفَجَّرُ |
كمَْ فِي بِلادِ المُسْلِمِينَ مُشَرَّدٍ |
كَمْ دَمْعَةٍ فَوْقَ اْلخُدودِ تحدَّرُ |
كَمْ مِنْ أَسِيرٍ خَلْفَ جُدْرَانِ اْلأَسَى |
سَجَّانُهُ المُتَجَبِّرُ اْلمُسْتَكْبِرُ |
ما ذَنْبُ طِفْلٍ فِي حَدِيقَةِ بَيْتِهِ |
يَأْتِيِهِ مَوْتٌ غَادِرٌ و مُدَبَّرُ |
ما ذَنْبُ سَيِّدَةٍ تُهَدْهِدُ طِفْلَهَا |
تَدْمَى لَهَا عَيْنٌ و سَاقٌ تُكسرُ |
ماذا عليكَ و أَنْتَ تُوِقدُ شَمْعَةً |
يا عَامُ بِاْلفَرَجِ القَرِيِبِ تُبَشِّرُ |
قَدْ زَادَ شَوْقِي لِلسَّلامِ و لَهْفَتِي |
لِلْخَيْرِ فِي اْلدُّنْيا أَعَمُّ و أَكْبَرُ |
و خَلاصُنَا اْلإِسْلامُ يَجْمَعُ شَمْلَنَا |
فَهُوَ اْلأَمَانُ ، هُوَ اْلرَّبيعُ المُزْهِرُ |
رَبَّاهُ :قَلْبِي مُذْ عَرَفْتُ إلى الهُدَى |
درَْبِي ، بِذِكْرِكَ يا إلهي مُقْمِرُ |