إنما يرتبط البحث العلمي في كل أمة بدورها الحضاري ، و الدور الحضاري مرتبط بسلطان الامة و نفوذها ، و في ذلك يقول الماوردي ، ما من دين زال سلطانه إلا طمست أعلامه و درست أحكامه .
و هنا تكمن المشكلة الرئيسية في البحث العلمي في الدراسات الاسلاميه حيث أن عصر التدوين كان في غياب الخلافة الراشدة ، و الافتراق بين السلطان و القران و أصبحت الكتابات في الدراسات الاسلاميه ، بين كتابات سلطانيه أو كتابات فرقيه أو زندقة .
و لذلك فان الدراسات الاسلاميه ، وقعت تحت تأثير الأهواء السلطانية مما افقدها الموضوعية و أغرقها في المتاهات النظرية الى جانب المزاجية الفرقيه و العصبيه المذهبيه و كان من جراء ذلك ان ابتلى المسلمون بتراث فكري مليء بالشوائب في كل المعارف الاسلاميه و اصبحت تلك الشوائب الفكريه من الركائز للبحوث في القضايا الشرعيه المتنوعه التي يصعب على الباحثين التخلص منها او تجاوزها .
و زاد الطين بله في العصور المتاخرة وقوع الدراسات الاسلاميه تحت هيمنة المناهج الغربيه و تحت تاثير الغزو الفكري الغربي و تحت تاثير المنهجيه المعاصرة خاصه في الجوانب الحياتيه المأطره بالاطار الثقافي و السياسي العلماني السائد في العالم الاسلامي و هذا كله جعل الدراسات الاسلاميه يلفها الغموض و الابهام و اصبحت مشتته للذهن معميه للحقيقه بدلا من كونها مثيرة للفكر و التفكير ، و أصبحت هيلاميه ، بدلا من ان تكون مركزة و أمام هذا الواقع ظهرت العديد من المشكلات البحثيه في المصادر البحثيه و في المراجع و ليست المشكله في الوسائل و الاساليب البحثيه ، و لا في المنهجيه المتبعه فيها و ابرز تلك المشكلات في تقديري هي كالتالي :
1 _ الكتبات الاسلامية تكرر نفسها بدون فائدة مرجوة .
2 _ انعدام المنهجية في الخطوات و الغايات و الاهداف .
3 _ انعدام الرؤيه المستقبلية في الكتابات الاسلامية حيث ان معظمها تاريخيه وصفيه ، و افتقارها الى طريق عملي في تطبيقها واقعيا .
4 _ انعدام الموضوعيه ، حيث ان الطابع الفرقي او المذهبي هو الطاغي على المصادر و المراجع في الكتاب الاسلامي .
5 _ انعدام العمق الفكري و الاستنارة ، و الإستعاضه عنها بالتقعر في الألفاظ حتى غدت في كثير من الكتابات الاسلامية اشبه ما تكون بالألغاز و الأحاجي .
6 _ أخذ الموضوعات تفاريق مشتته لا روابط بينها مما أفقدها الشمولية و الترابط كنسيج فكري واحد ، لها طابع الايديولوجيا الإسلاميةالمتكامله .
7 _ سيطرة الثقافة السائدة في العصر العباسي على التفكير الإسلامي ، حيث غدت الحقبة العباسية وكأنها النموذج الإسلامي الأمثل للإسلام في كل مباحث العلوم الشرعيه .
8 _ عدم وضوح الرؤيا لدى الكُتاب و المفكرين في غالبيه القضايا التي عولجت من وجهة نظر اسلامية .
9 _ النزعه الإستراضئيه هي الغالبه على الكتابة الاسلامية في كل عصر ، و في بعض الاحيان كان الكتاب الإسلامي يسترضي الأعداء و المغرضين .
10 _ عدم الدراسه الكافيه بما يكتب و لا ماذا يراد من الكتابة و اصبحت الكتابة غاية في حد ذاتها .
11 _ عدم الاهتمام بالاجرائات العملية ، و الميل الى التنظير .
12 _ الجمود و عدم التجديد في المنهجيه و في الوسائل و الأساليب و الأنشطةاللازمه في ابراز المفاهيم و الأفكار الاسلامية على نحو مؤثر و ملفت للنظر إليها .
13 _ الإعتماد على مصادر متحيزة ضد الإسلام ، بل معادية في جوانب عديده من الكتابات الإسلامية .
14 _ المنحى التلفيقي التوفيقي افقد الكتاب الاسلامي البلورة و الوضوح .
15 _ غياب روح الفريق في الكتابات الإسلامية مما جعل الكتابات متناقضة و متباينة في الموضوع الواحد ما افقد الثقه بالكتابات الاسلامية .
16 _ عدم التجديد و الإخلاص فيما يكتب حيث أن الباعث على الكتابة في الكثير من الكتابات الإسلامية ليس عقديا و انما دنيوي محض و هذا النمط من الكتابه افقد الباحثين الجديه و الأخلاص ، فجائت الأبحاث فجه و موضوعاتها تافهه و أفكارها لوثه و يدل على ذلك العديد من الأبحاث المعاصرة في العقود و المعاملات و حتى في العبادات و العقائد ، و التاريخ الاسلامي ، و السيرة النبوية ، و التفسير ، و غير ذلك من المساقات التعليمية في المعاهد و الجامعات و مراكز البحث العلمي .
و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم
8 / 5 / 2004