أبكيك ما أبكيك والصوان في جفني أبي
يأبى الوداع بغير قبلتك الأخيرة يا أبي
فأسابق الساعات في الأجواء سكرانا إليك
الموت يسبقني إليك ولم أقبل راحتيك
أنا لم أودع دفء صدرك لم أغمد لهفتي في ضحكة القلب الصبي
أنا لم أمرر فوق خدك مبسمي
أنا ما عرفت اليتم قبل اليوم عزاني وغذاني شراب الصبر في كأس الخبر
لا الشمس ذابلة ولا النجمات ذاوية ولا ذاب القمر
وحدي ولا أحد يموت فداء قبلة راحتيك
الله يرحم دمعتي الثكلى ويرحم راحتيك
وحدي وقابلة العذاب تزف لي حزن العمر
راح الذي لم يأل في سعديك أيام الدهر
وحدي ولا سهم يصيب ولا حجر
الصيف موعدنا فمن سيبارك العرس السعيد ببسمة وبدعوة ومن الذي سيلقن الأولاد درس النحو بعدك يا أبي
أبكيك شريانا تدلى من سحاب الدمع نهرا لا يغيض
والدمع أرخص من رثائك إذ يفيض
أبتاه من سيشد ظهري بالجلد
يا والدا لم يسل يوما ما ولد
كفاك نبعا رحمة خضراء يا تاجي الأغر
أنا لا أنام الليل يحدوني اشتياقي للسبل
ألوي على لا شيء يلقاني الأمل
ويلم شعثكما تراب واحد حتى النشور
فانعم بجيرته الكريمة في حبور
أبتاه يا ظل السماء الأرض أفناها الظمأ
أجدبت يا مولاي لا ري أعاقره وقد جاء النبأ
أسلمت للذكرى جفوني كي أراك
ورجوت رب العرش أن يسقي ثراك
ما عاد لي غير انتظار الموت كي يدنو نواك
علمتني سحر البيان الألسن البتراء ما عادت تجود
والأحرف العجماء تعصاني عنود
لوثت طهر الصفحة العذراء شعرا من كلام
لا الشعر أسكرني ولا الكلمات إذ عجز المدام
حملت ظهر البحر أسفار السلام
فيعود لي صفرا فأبدأه الملام
فيقول حيل اليوم بينكما وثنى بالختام
متفرد بالحزن لا سلوى ترد القهر لا صدر يطيق الصبر لا كف يكف القدر واقلباه أنعم بالقدر
لله حمد العارفين الله أرحم من قدر
أرشو الليالي أدمعا كي تنقضي
فترد لي كأس الدموع بعلقم السهد اللعين
أرسو على شط المنام لكي أرى الوجه الوضي
فعدا علي الموج ألقاني إلى عرض اليقين
قيثارة الأحزان لا تنوي السكوت
والهم يشدو بين أنحاء الضلوع
الموت حق نافذ فاخفض جبينك في خضوع
لا الدمع يهمي كي يسكنني ولا قلبي يصوت
ما عاد لي غير انتظار الموت ألمحه هناك
يوما سيأتيني فهل يدنو نواك
ما عاد لي غير انتظار الموت كي يدنو نواك