ما قيل في توارد الخواطر بين الشعراء
سئل أبو الطيب المتنبي عن اتفاقات الخواطر، فقال: الشعر ميدان والشعراء فرسان فربما اتفق توارد الخواطر، كما قد يقع الحافر على الحافر. وسأل الأصمعي رحمه الله عمرو بن العلاء: أرأيت الشاعرين يتفقان في المعنى ويتواردان في اللفظ لم يلق أحدهما صاحبه، ولا سمع شعره؟ فقال له: تلك عقول رجال توافقت على ألسنتها.
ومن مشهور ذلك ما وقع في القصيدتين البائيتين لامرئ القيس وعلقمة، وكذلك اتفاقه مع طرفة في قوله:
وقوفاً بها صحبي عليّ مطيهم
يقولون لا تهلك أسى وتجلد
بينما قال امرؤ القيس البيت نفسه ولكن بدل وتجلد... وتجمل.
ومن توارد الخواطر أيضاً قول ربيعة بن مقروم:
لو أنها عرضت لأشمط راهبٍ
عبد الإله صرورةٍ متبتل
بينما قال النابغة: «صرورة متعبد». ويحكى الكثير عن توارد الأفكار بين الفرزدق وجرير. ومر رجل بالفرزدق بالمربد فقال: من أين أقبلت؟ فقال: من اليمامة. قال: فأي شيء أحدث ابن المراغة ـ يعني جريراً ـ فأنشده:
هاج الهوى لفؤادك المهتاج
فأجابه الفرزدق مكملاً عجز البيت:
فانظر بتوضح باكر الأحداج
فقال الرجل صدر البيت الثاني:
هذا هوى شغف الفؤاد مبرح
فأكمل الفرزدق عجزه:
ونوى تقاذف غير ذات حلاج
فقال الرجل:
إن الغراب بما كرهت لمولع
فأكمل الفرزدق:
بنوى الأحبة دائم التشحاج
فقال الرجل: والله هكذا قال أفسمعتها من غيري؟ قال الفرزدق: لا، ولكن هكذا ينبغي أن يقال، أما علمت أن شيطاننا واحد.
منقول عن الشابكة .