عندما أسافر على صهوةِ ذاتي وينفتحُ الفضاء الخارجي أمامي
يتقلص البونُ بين النور والظلام
تكبر سذاجتي إذ تصغر فظاعة العالم وتتجمَّل بالغموض
تنغلق نوافذ المنطق لتتركَ هامشا حرّا لسيادةِ العتمة
يُحيطني التيهُ ويّسْكنُنِي الشرودُ
أبحث عن وسيلةِ سفرٍ خرافيةٍ
تُشعِرُني بوطأةِ الزمن ولذةِ المغامرة
تَحملني فوق أضلُعِ المستحيل
تُشعرني بدفءِ الغابةِ وزَيْفِ المدينةِ
تُحَوِّلُ انكساري إلى رغبةٍ في الحياة أَستمِدُّ منها قوةً لأدُقَّ مِسمارا في خدِّ الخائن
وأكشفَ خيوطَ المؤامره
وأعلنَ عنْ مشروعٍ حرٍّ للمُواطَنه
لا أريد الموتَ الآن
لأنني بحاجة إلى مهلةٍ للمداوله
لن أموتَ قَبل استصدارِ حكمٍ ضدَّ مَنْ أَتْقَنَ فنَّ المُراوغَه
عندما أَغْلَقَ بابَ المُحاورَه ومَدَّدَّ حبلَ الخيبة وزَيَّنَ أسلوبَ الخنوعِ والتراجعِ
سفري في هذا الحاضر يُبَدِّدُ وَحْشتِي المسالمةَ بوحشةٍ قاتله
يُرِيقُ دمي هَدْراً ويُجدِّدُ صدى صوتي الصارخِ بِلا فائده
يُغَيِّرُ معالمَ الروحِ الحائرةِ بمزيدٍ من المَلامحِ الشائكه
أَمُرُّ على هَذِي الأمصارِ الساكنةِ وَبِوِجْداني تَسْتَعِرُ الأسئلةُ الثائره
هذه المَمالِكُ أَعَدّتْ للوحلِ والهلاكِ الولائمَ
وأَعلَنَت الأفراحَ بالرغمِ مِنْ لياليها الحالكةِ المالِحه
طَلَّقَتْ تاريخَها واستعارت ذاكرةَ الغُرْبةِ لِتُعَبِّرَ عن آمالِها المُبهمه
سافرْتُ والأملُ يَسبقُني وعُدتُ أَدْراجي والألمُ يَسْتعيرُ خطوِي
بُرْكانُ الفكرِ يُلْهِبُنِي وحروفٌ خَرْساءُ تُطَوِّقُنِي بعجزِ رِيشَةٍ عَرْجاءَ تُعانِدُنِي
بِماذا أُعَلّلُ النفسَ بعْد رحلةٍ قادَتْها إلى يقينٍ يَدْفَعُها لاستبدالِ تِبْرِ المحبَرَةِ
بِسيفِ الحقِّ وشَنْقِ الذُّلِّ والذِّئابِ المَهْووسَةِ الغادِرَه
ولكنَّ العجزَ يَشلُّها ويَلفظُها رمادا متناثرا
على ركامِ وطنٍ ينوحُ على أطلالٍ باليةٍ
وينوخ بعبءِ حاضرٍ في الضياعِ موغلٍ
لا لونَ يعيدُ للقلمِ الغاضِبِ نَشوةَ فرحَه التَّائهِ
ولا ملاذَ للحُرِّ في زمنِ تَقْديسِ الظلم ونَفْيِ العادِلِ
ولا عزاءَ للثكلى بَيْنَ قومٍ استَباحوا الكرامةَ واستَلَذُّوا طعمَ الرِّقِّ والهزيمةِ
باطني طوفانٌ وظاهري نارٌ
وقومي في سباتٍ يحلمون بصياغةِ عبارات التملقِ للعدوِّ الغاشِمِ
آه كيف يَغْدو لونُ نزْفِ الروحِ بشارةً وأُمنيةً مستحيلةً؟؟
سأستعير وسيلةَ سفرٍ وَرْدِيًّ عَبْرَ الزمنِ
وبِلَمْحِ البَصرِ أستبْدِلُ العتمةَ بالنورِ والألمَ بالأملِ
لن أكون " دونكيخوتيةً" مرَّةً أخرى
فَلْيَتَحَرَّرْ فِكْري ويَمْتَشِقَ سيفَ العدالةِ
لِتَتَبَدَّدَ طواحينُ الهواءِ بوسائلَ مُجْدِيةٍ لا تُخَيِّبُ الرجاءَ
فالنورُ لنْ يَعُمَّ إلا إذا تمَّتْ مُسايرةُ القلمِ بسيفٍ صارمٍ
وارْتَفَعَ المشعلُ بفكرٍ رائدٍ
يُعِيدُ لِلسَّرِيرَةِ صَفاءَها
ولِلْإِنسانِ طبيعَتَهُ الوديعةِ
بعدما يُجَرِّدَهُ مِنْ صِفَةِ الوَحْش الغاصِبِ