العري
كلمة تشد البعض حين تصافحها عيناه إما إنجذابا أو هربا وفي كلتا الحالتين يسيطر الموروث الثقافي والفكري علي الشخص حال تعرضه لسماع أو رؤية هذا اللفظ والعري ليس بالضروره كما يتبادر إلى ذهن الكثيرين عري جسدي يبرز نهدين أو فخذين بل إن العري الفكري أعمق بكثير وهو عري يهدم صاحبه لا كالعري الجسدي يفضح وحسب ، أذن فهو أشد وأنكي ، والعري الجسدي قد يضر صاحبه وحسب أما العري الفكري فهو ذو تاثير ممتد لا يكتفي بهدم صاحبه بل ويشوش علي كل مخالطيه ،
العري في اللغه هوالتجرد مما يستر الجسد ، وهو سلعه رائجه عند السفهاء والخبثاء علي السواء يقدمها أحدهما للاخر تحت مسميات عدة قد تكون المتعه أو التسليه أو الضروره وبتغافل وتواطئ كل الأطراف يتم تداول العري أيضا تحت مسميات وقوالب جاهزه تبرر له وتقنن شرعيته ولما لا وهو الحاصد الاكبر للملايين ،وحين نحاول إن نشرح تلك الظاهره أو ندرسها بتعمق وتفصيل نجدن أنفسنا وقد وقفنا حائرين فلا منطق لأن يتاجر بالعري شعوبا متقدمه وغنيه ومتحرره وينافسها في هذا شعوبا متخلفه وفقيره وأحيانا مستعمره أو شبه مستعمره ،
حين بدأ تغلل النت في شتي مناحي حياتنا حذر كثيرون من مغبة هذا الغول القادم ليقتحم علينا وعلي أولادنا خلوتهم وينشب أنيابه فيهم وهزء كثيرون من تلك التحذيرات غير أبهين بها ، وهونوا كثيرا من أمر خطرها خاصة وقد قنعوا بأن النت سيسيطر لا محالة علي كل شئون حياتنا ولن تمر سنوات كثيره حتي يصبح كل شيء يتم عن طريق هذه الشبكه التي تنموا كل لحظه ملايين المرات وأصبح الجميع مهووسا ومتعلق بها والجميع يتسابق للإفاده والاستفاده من خدماتها ،
ووجد كثيرين هذا المجال أسهل الطرق لتقديم العري كما يحلوا لهم ولن أقول إنها مؤامره بل هي شطاره أفاقين وجدوا ضالتهم وأرباحهم السهله في طرق هذا الباب الواسع والبسيط ودون إحتكاك باحد أو التعرض لمضايقات أو ملاحقات وهم يزعمون دوما إنهم إنما يقدمون خدماتهم للراشدين ، مع علمهم ويقينهم بإن ما يقدمونه إنما يستهوي الصغار والمراهقين والسفهاء وأن جل ما يجنونه من وراء مواقعهم واعلإنتهم إنما هو نتاج أقبال تلك الفئات العريضه علي ما يقدمونه لهم من سم في عسل ، خاصة وهم يعرفون جيدا كيف تدار امور النت وكيف يكسرون أي حدود أو عوائق توضع للحد من أثار تلك المواقع المدمره ولديهم شغف لأستكشاف هذا العالم الغامض والغريب والجديد ،
ولإن عالم العري ضيق بحدود يعرفها العاقل ويعرف إنها في الوضع الطبيعي لا تشغل إلا جزء يسير من حياتنا فإن شياطين الويب تفننوا في تقديم كل ما هو مثير وغير منطقي وغريب ليشدوا السفهاء كبارا وصغارا لمواقعهم وقد قرأت بحثا لطبيب كبير كانت خلاصه ما توصل إليه ان سبب كثير من حالات الطلاق بين الشباب وإنتشار الكثير من الامراض هو تعرض احد طرفي العلاقه لتلك المواقع وإدمانه علي متابعتها ، بل والإنكي من ذلك فقد توصل الطبيب من خلال بحثة الذي استغرق عدة سنوات إن تلك المواقع المشبوهه والتي ظهر منها الكثير باللغه العربيه يحتوي ليس فقط علي صور ومقاطع فيديوا إنما يحوي أيضا علي قصص تؤسس لزنا المحارم وتدعوا إليه ناهيك عن تقديم كل ما هو مسف ومنحط وسافل من تصرفات رجال ونساء يفترض إنهم إناس عاديون وإن ما يقومون به من تصرفات إنما هو شيء حادث ويحدث يوميا فيشب النشئ علي اعتبار إن هذه امورعاديه تحدث ولا ضرر منها ،
وقد خلص الطبيب في نهاية دراسته إلى إنه ليس هناك سبيل لمنع تلك المواقع من الظهور ومداعبة خيال السفهاء والصغار مهما حاولت كل دوله لان تلك المواقع تمتلك تقنيات تجعلها تتلون وتغير من جلدها وتهرب من كل حظر ناهيك طبعا عن التقدم التقني الذي صار يتمتع به كثيرون من الصغار في معالجة امر الحظر والذي بات من الماضي - ويحضرني هنا جملة مأثورة كانت كل الراقصات يقلنها بلا حياء حين يسألن عن سبب سلوكهن هذا الطريق مع ما فيه من مآخذ وحرمات كإنت هناك إجابه وحيده : هربت من قسوة أهلي ورقصت بشرفي ، وهنا تكمن المفارقه فهي وبرغم تعرية معظم جسدها تتحدث عن الشرف وتتمسح في الفضيله وهذا لا تفسير له إلا ما بدأت به كلامي وهو حدوث التعري الفكري والثقافي فنحن حين نصاب بالعري الفكري تكشف سوءة عقولنا ونفضح ، ولا نعد قادرين علي التمييز، فقط يكون جل اهتمامنا إن نحاول ستر انفسنا ، ولو كما روي علي سبيل التهكم من إن احدي نساء البدو أرتبكت بدخول بعض الرجال عليها وهي كاشفة لوجهها فرفعت جلبابها وغطت رأسها منهم وإنكشفت عورتها ، هذا يكون حالنا حين نكون مصابين أصلا بالعري الفكري والثقافي ونحاول إن ندافع عن أنفسنا فنزيد الأمر سوء،
المغزي هنا إننا يجب إن نحصن إنفسنا أولا ضد العري الفكري والثقافي وأنا اعرف إن البعض يمتلك حساسيه ضد الشرع والدين حين ندعوه إلى التمسك بتعإليم ومبادئ الدين لذا انا أدعوا الجميع إلى التحصن ضد العري الفكري الذي إنتشر كثيرا في أيامنا هذه وإنبري لرفع رايته كثيرون من الكتاب والشعراء والصحفيين بداعي الحريه والتفتح لإننا وببساطه لو تعلمنا وعلمنا أولادنا إن هذا التعري في غير موضعه (الذي هو بالضروره في خلوه وبين الزوج وزوجته وفقط ) إنما هو تعري عبثي ضرره أكثر من نفعه ، وإن الحياة تحوي الكثير مما يجب علينا التفاعل معه ، وتشتمل علي الكثير مما ينبغي إن ننجزه في رحلتنا القصيره في دنيانا هذه ، وإن المجد لم يكتب لعاهره أو ساقط بل كتبه فكر رجال ونساء عرفوا كيف يتعاملوا مع معطيات الحياة ويستروا عقولهم بثقافات وخبرات أسست لمجدهم وخلدتهم ، وهم لم يهملوا جإنب العاطفه أو الاستمتاع في حياتهم ولكنهم قدرو له قدره وعرفوا من خلال إعمال فكرهم في الامر كيف ينحوا العري جإنبا وكيف يسطرون صفحات من المجد ،
أشرف نبوي