|
أُحَدِّقُ فِيَّ وَأَقْسُو عَلَيّْ |
وَأَسْمَعُ صَوْتَكَ يَلْحَنُ فِيّْ |
وَأُغْمِضُ عَينِي لأَهَرُبَ مِنِّي |
فَأَلْمَحُ عَيْنَكَ تَرْنُو إِليّْ |
وَتَهْمِزُ سُخْرًا لِمَنْ رَامَ طَعْنِي |
وَتَغْمِزُ عَنِّي بِطَرْفٍ خَفِيّْ |
لِمَاذَا التَّجَنِّي بِغِلْظَةِ قَلْبٍ |
عَلَى مَنْ رَوَاكَ نَدَى الحُبِّ رَيّْ؟ |
أَلَسْتَ ابْنَ قَلْبِي حَمَلْتُكَ غَضًّا |
ثَلاثَ سِنِين بِصَدْرٍ رَضِيّْ؟ |
مَخَضْتُكَ حُرًّا كَبِيرًا أَثِيرًا |
وَمَا كُنْتَ يَومًا بِعَينِي صَبِيّْ |
أَلَسْتَ الذِي إِنْ تَأَلَّمْتَ يَومًا |
غَسَلْتُ أَنِينَكَ مِنْ مُقْلَتَيّْ؟ |
أَلَسْتَ الذِي إِنْ شَكَا الحَرَّ حَرْفًا |
مَدَدْتُ المَشَاعِرَ مَاءً وَفَيّْ؟ |
أَكُنْتُ نَكَثْتُكَ فِي الدَّهْرِ عَهْدًا |
أَوِ ارْتَبْتَ - مَا عِشْتَ - مِنِّي بِشَيّْ؟ |
أَكُنْتُ التَقَيتُكَ مَا غِبْتَ عَنِّي |
بِغَيرِ الثَّنَاءِ عَلَى شَفَتَيّْ؟ |
فَأَينَ عُهُودكَ دَومًا بِحِفْظِي |
وَبِرِّي عَلَى الدَّهْرِ مَيْتًا وَحَيّْ؟ |
وَأَينَ وَأَنْتَ الذِي كُنْتَ فِيَّ |
النَّقِيَّ التَّقِيَّ الحَيِيَّ الحَفِيّْ؟ |
أَكُنْتَ سَرَابًا يُدَاعِبُ ظَنِّي |
فَمَا كُنْتُ إِلا بِظَنِّي الشَّقِيّْ؟ |
لِمَاذَا انْقَلَبْتَ عَنِ المَاءِ صَفْوًا |
لِتَشْرَبَ مِنْ أَنْفُسِ المَقْتِ قَيّْ؟ |
لِمَاذَا جَحَدْتَ هَدِيلَ الوِدَادِ |
وَشَنَّفَ سَمْعَكَ ذَاكَ الدَّوِيّْ؟ |
لِمَاذَا شَقَقْتَ ثِيَابَ وَفَاءٍ |
لِتُلْبِسَ نَفْسَكَ ثَوْبَ العَصِيّْ؟ |
لِمَاذَا طَرَحْتَ ذَكَاءَكَ أَرْضًا |
وَأَتْبَعْتَ خَطْوَ الذَّكَاءِ الغَبِيّْ؟ |
لِمَاذَا حَرَمْتَ اللِسَانَ نِدَاءً |
أُرَطِّبُ قَلْبِي بِهِ "يَا بُنَيّْ"؟ |
أَجِئْتَ تُعَالِجُ أَوْجَاعَ قَلْبِي؟ |
فَفِيمَ بَدَأْتَ العِلاجَ بِكَيّْ؟ |
أَتَفْجُرُ خَصْمًا بَأَضْغَاثِ ذَنْبٍ |
لِتَأْكُلَ لَحْمَ الأبُوَّةِ نَيّْ؟ |
أَلَيسَ التَّوَاطُؤُ فِي الغَدْرِ غَدرًا؟ |
أَتَشْكُو ابْنَ يُوسُفَ لِلعَلْقَمِيّْ؟ |
أَتَأْتِي العُقُوقَ وَتَسْخَطُ لَمَّا |
دَقائِقُ زَلَّتْ بِحَاتِمِ طَيّْ؟ |
لَقَدْ لُمْتُ نَفْسِي وَمَا كَانَ ذَنْبًا |
وَلَكِنَّ نُبْلِي وَوُدِّي السَّخِيّْ |
وَخِلْتُ اعْتِذَارِي يُخَفِّفُ نَارِي |
فَلَمْ يُغْنِ عَنِّي وَزَادَكَ غِيّْ |
عَكَفْتَ تُرَوِّجُ مَا خِلْتَ جُرْمًا |
بِزَعْمِ الحُقُوقِ ، أَأَنْتَ الوَصِيّْ؟ |
تَقُولُ بِقَولِ الذِي اغْتَاظَ مِنِّي |
فَقَامَ يُشَهِّرُ فِي كُلِّ حَيّْ |
وَقُلْتَ: أَنَا البَرُّ أَحْفَظُ عَهْدِي |
وَغَيرِي المُنَافِقُ يُغْوِيكَ ، وَيّْ! |
أَفِي القَدْحِ قَصْدَ الأَذَى نُصْحُ بَرٍّ |
بِشَرْعِ الإلَهِ وَهَدْيِ النَّبِيّْ؟ |
وَقُلْتَ: سَقَانِي الإِهَانَةَ هَوْنًا |
سَأَسْقِيهِ سُمَّ انْتِقَامِي الفَرِيّْ |
أَتَجْحَدُ كُلَّ الذِي كَانَ مِنِّي |
وَتُسْرِعُ فِيَّ فَتَجْنِي عَلَيّْ؟ |
يَقُولُونَ: نَهْرُ القَصِيدَةِ زَيْفٌ |
فَلا تَشْرَبُوا حَرْفَهُ الكَوْثَرِيّْ |
لَقَدْ صَبَّ فِي فَيضِهِ بَعْضُ وَشْلٍ |
فَمَا هُوَ إِلا سَرَابٌ وَعِيّْ |
فَلَوْلا تَفَكَّرْتَ فِي الأَمْرِ مَحْضًا |
لَكُنْتَ رَأَيتَ الصَّوَابَ الجَلِيّْ |
فَكَيفَ يَصِيدُ الحَشَائِشَ لَيثٌ؟ |
وَكَيفَ يُرِيدُ الخَشَاشَ الغَنِيّْ؟ |
وَقَالُوا: اسْتَبَاحَ بُيُوتَ قُرَاهُمْ |
فَأَينَ القُرَى كُلُّهَا مِنْ دُبَيّْ؟ |
أَنَا عَبْقَرِيُّ البَيَانِ المُعَلَّى |
بِرَغْمِ الحَقُودِ وَرَغَمِ الغَوِيّْ |
أُدَاعِبُ حَرْفِي عَلَى وَقْعِ عَزْفِي |
وَأُشْهِرُ سَيفِي بِنَقْعِ الرَّوِيّْ |
جَثَا الشِّعْرُ وَالنَّثْرُ عَبْدَيْنِ عِنْدِي |
وَمَا كُنْتُ أَحْفلُ يَومًا بِأَيّْ |
ولَا كُنْتُ أَكْتُبُ لَوْلا اهْتِمَامِي |
بِإِبْرَاءِ ذِمَّةِ عَبْدٍ تَقِيّْ |
فَمَنْ ظَنَّ أَنِّي فَإِنِّي كَأَنِّي |
أَرَانِي بِفَنِّي الفَتَى اللَوْذَعِيّْ |
عَفَا اللهُ عَنْكَ ، سَتَعْلَمُ يَومًا |
بِإِثْمِ التَّجَنِّي عَلَى العُمَرِيّْ |
وَتَعْلَمُ سَاعَةَ تُبعَثُ حَيًّا |
بِمَنْ كَانَ أَهْلَ الصِّرَاطِ السَّوِيّْ |
فَجَرِّدْ لِسَانَكَ خِنْجَرَ غَدْرٍ |
لِتَطْعَنَ ظَهْرِي بِإِفْكِ الدَّعِيّْ |
وَمَهْمَا بَسَطْتَ لِقَتْلِي يَدَيْكَ |
سَأُهْدِيكَ رُوحِي عَلَى رَاحَتَيّْ |
لأَنَّكَ عِنْدِي - وَإِنْ مِتَّ – تَبْقَى |
بُنَيَّ الذِي كَانَ يَحْنُو عَلَيّْ |