بسم الله الرحمن الرحيم
دعونا أعزائي نبقي مع قصيدة ثانية للشاعرة روضة الحاج من السودان بعنوان
(من وفاء إدريس إلي مؤتمر القمة العربية 2006 ) :
وقبل أن توقعوا
وقبل أن تفاوضوا
وقبل أن تقايضو
وقبل أن تشاوروا ..تحاوروا ..تقرروا ..
وقبل أن تصورواالبيان في ختامه الأخير
تقبلوا تحيتي وعاطر السلام ..
تقبلوا دمي الذي جري علي الطريق حائراً غريب
تقبلوا مشاعري دفيئة كأنها الوطن
تقبلوا صراحتي ..
فعندما أيقنت أن ذلك الحزام بين سترتي وخطوتي
هو الثمن ..
دفعته
ولم تزل بخاطري الصويحبات ضاحكات
أسرارنا الصغيرة الحيية الخضراء
ملتقي البنات
دفاتر المحاضرات
وأنسنا أحلامنا وأمنياتنا المسافرات
لكنني
خُيرت يومهاً فاخترت سادتي الحياة !!
وقبل أن توقعوا
تقبلوا يديّ في الفضاء طارتا حمامتين
ثم حطتا علي جدار بيتنا القديم
دقيقة .. وطارتا إلي الأبد
هناك حددوا
لكل طائرين طلقة
وطلقة لكل طفلتين
وطفلتين للسلام
نعم
عليكم السلام
من وجه أميّ المصاب بالصمم
من قلبها المشلول
من وريدها المشحون بالبارود والسهر
من ثوبها المخبوء بانتظار عرسي القريب
من حزنها المنسوج لوناً زاهياً
علي بساط كل مؤتمر
تدوسه الأحذية اللامعةالسوداء والحمراء
والبيضاء والزرقاء
يذدهي ويذدهي ويذدهي
والآن قد كبر
بطول صبرنا وعرضه كبر
وصار نخلة وغيمة وخيمة وقاعة مدرسه
لكنه الأهم قد صار سادتي حجر
وقبل أن تفاوضوا
تذكرواصغارنا
واستحضروا ديارنا
ولترسموا علي جميع طاولاتكم نثارنا
مشتتاً علي الفضاء والدروب هائماً مُغربا
ولتسألوا الصغير من أطفالنا
يجيبكم :
القدس أو مماتنا خيارنا
وقبل أن تحاوروا
أقولها لكم
للآن لم أزل أراقب الفضاء في انتظار وعدكم
أن تفسحوا الطريق للمطر
ليغسل الجراح والدماء والدموع عن مدينة السلام
أن تصمتوا لينطق الكلام
أن تبحثوا عن وجه أميّ الرهين بالجليل
أن تدفنوا أبي
فلم يزل معلقاً بروحه العنيدة الطواف
بقبة ومسجد هما الحياة والتاريخ والمطاف
أن تسمحوا للدمع بالرحيل
أن تشكروا الحزن علي الوفاء
أن تعلنوا الحداد في مدائن العدم
أن تُبدلوا اللاءات كل خطوة طريقها نعم
وقبل أن تقرروا
تفرسوا الطريق مرتين
إلي الجنوب مرة ومرة إلي الشمال
مزارعاً تستوحش الغريب
لا الكفُ كفُ من يُحبها ولا العرق
تتوق للغناء في مواسم الحصاد
وللنساء جئن بالغداء ساعة النهار
وعدن بالحياة كلها ساعة الشفق
تتمتم الصباح والمساء
تعوذ بالرحمن ربها
من شر ما خلق
وقبل أن تفاوضوا
فلتشهدوا البكاء من بكاء حائط البراق
ولتسمعوا النخلات ينتحبن في العراق
ولتنصتوا
فرُب صوت للوجع
ولتنظروا
فرُب لون للرجاء
تحسسوا فربما لمستم الألم
قبيل أن توقعوا يا سادتي الكرام
تقبلوا تحيتي وعاطر السلام
روضة الحاج – الخرطوم