|
بوادٍ كفيف الزرع هل مرَّ طالعُ |
وأنبأني عن موسم الود راتعُ؟ |
وأعلم تشييع العناقيد مقبلا |
على فرصة قد هيأتها المنابع |
كأن عناقي،والشموع تنصلت |
من الرقص،من أحلى المواويل راجع |
وساقَ اعتباري للبساتين موعدٌ |
معافىً، به من رِدَّةِ اللون فاقع؟ |
وقودُ اصطباري أغمض النار جذوةً |
عن اليتم فاقتادته نحوي الطبائعُ |
غدي ـ يا رعاك الشعرـ ليست تعيقه |
عن السير في ركب الشروق المطالع |
يغوص بأعماقي النداء ويختفي |
على أقرب التفسير مني التراجع |
هل استقدمت كفاي للماء شهوة |
أباحت لها نزع الورود الموانع؟ |
إلى حيث تكويني من الطين حيرتي |
تعود، وروحي حيث طافتْ أتابع |
أفتِّشُ عنِّي بين موج مرتلٍ |
وبحرٍ على شطآنه التيهُ راكعُ |
هنالك في قبو الهموم وجدتني |
أسيرا وقيدي لم يزره التواضع. |
بلا أي تأنيب المواني تبخَّرتْ |
مناديلُ أغراهن بالجمر واقع. |
طفولةُ جرحي أكملتْ عِدةَ الشقا |
ولكنْ تُناغيها برشدي المباضعُ |
وحيدا بأقصى الغيم أقضي قصيدة |
لها الريح مهر والأعاصير شارع |
وأدري جهاتي ضيَّعتني وقبلتي |
شمالَ ارتكابي العشق عني تدافع |
بنفسي مرايا حين قابلتُ ضحكةً |
وجدتُ حطامي عنه تعدو المطامع |
أخاف على قمحيِّة الشعر أن ترى |
جفافي عليها ضفَّرتُهُ المنابع |
تبرَّأتُ من حق اعتراضي على النوى |
فأي اعتراض فيه تبدو المنافع؟ |
بما أنني وكلَّتُ إحدى قصائدي |
بحزني، لماذا تعتريني الروائع؟ |
حروفي سبايا أحرزت بعضها يدا |
وباقي إماء الشعر عندي ودائع |
تصدَّع شعري والقوافي تهدَّمت |
وحبري على الأطلال بيتاً يصارع |
وفي هامش الأحزان أودعتُ رحلة |
تنوء بها قبل الصروف الفواجع |
لصحراء موتي رافقتني جنايتي |
وحلمي وحيدا للكواكب راجع |
لمن يا هدى سلَّمتِ حتفي وفي المدى |
سؤالٌ فتيٌ ، كيف عيشي أصارع؟ |
لأخفض سقف البعد لا بد من فم |
إليه اعتذاري بالسكوت يسارع |
بماذا يقاس الموت واليأس طافح |
ومكيال صبري للمناديل خاضع؟ |
تنحَّى فمي عن مطلع اللوم فجأة |
وأعرف أن الشعر بالعُتْبِ ضالع. |
فهل بعد أن نام السحاب على يدي |
عن الغيم بالسهد الرطيبِ يدافع؟ |
شوارع وقتي بالحقائب زاحمت |
خطاي، وساعاتِ الغياب أقارع |
أقدِّمُ أوراق الجروح رسالة |
لأنثى لها بالقلب ختم وطابع |
أنقي فمي من أي معنى يشوبه |
غبار النوى كي يشهد الوصلَ واقع |
جهلت بأمر الصيف يمحوه موعد |
تحفَّت له، والشوك ينمو، الشوارع |
بأيدي سحاب عصمة الشعر والمدى |
طليق المعاني والشهود الزوابع |
لذا يقتضي التحليل فتوى وخلوة |
تؤثثها بالمفردات المراجع |
وعهدي بإعصار التذمر ساخن |
فكيف إذا ما آزرته التوابع؟ |
فيا رب هب لي من لدنك قصيدة |
تقيم لها عرسَ الحروف المطالع |
لساقية محتلة النوم جرَّني |
على حصرم الآلام كرمٌ مخادع |
وقدَّمَ لي همَّا يزيد مذاقه |
مرارةَ عمر عاقرتها المدامع |
يطارحني عقمَ الأحاديث هاجسٌ |
ضرير وينساني البصير المطاوع |
وبين النوى والخوف ضيَّعت جرأتي |
وتاهت بصحراء الكلام الذرائع |
أجاهد حتى يربك الشوق سمرتي |
وجوها توخاها من الشمس وازع |
وأمهلت حتف الكأس كرما تضعضعت |
له سلةُ الأوقاتِ والجني يافعُ |
لماذا يقيم الغيم للصيف كرمة |
وقد عفَّرتَها بالهموم المواجعُ |
أعرني شروقا صادق الضوء فالضحى |
عليل وداء الزيف شمسي تصارع |
وفي بدني خمسون حلما ممزق |
وفي جنبات النفس تلهو المقاطع |
لأي سقاء من أباريق وحشتي |
يحرض كوبَ الهم ضرٌّ ونافع؟ |
وها قد تبنَّى الماءَ رملٌ وأسفرت |
عن الملح أمواج لها المد خاضع |
أَجُرُّ على شوكِ الفراق هواجسي |
فتعلقُ بالشوق الأمينِ الدوافع. |
رأيت زمام النور في كف عتمة |
فأيقنت أني لا محالة ضائع |
نظامُ شموعي يذرع الليل دمعه |
وتهوي على خدِّ النهار المسامع |
فهل يستطيع الصبر ترشيد أدمعي |
وقلبي مكلومٌ وحزنيَ شاسع؟ |
خشونة حزني لفَّق العيد ثوبها |
وما أنا بالجرح المنعَّمِ قانع |
لمن يا هدى نعَّمتُ مشوار أدمعي |
وعشَّبتُ أوقاتي وليلي أصارع |
عليك سلام الياسمين وخلفه |
تؤم اقتداءً بالخدود المرابع |