شاهد احتلال
-8-
جميل محسن: في العام 1948 قتل اليهود "20" واختطفوا "30" من ابناء قريتنا "الغبّية"
ولد في العام 1928 في قرية من قرى الساحل الفلسطيني.. وشرد عنها في العام 1948 مع من شردتهم عصابات الاحتلال الصهيوني فعاشوا مرارة النكبة والتشرد إلى الآن… يعيش الآن في مخيم البقعة في بيت متواضع ينتظر العودة.
"انا جميل عبد الرحمن موسى محسن، من عشائر عرب التركمان، ولدت في العام 1928 في قريبة الغبية – قضاء حيفا والتي كان يبلغ عدد سكانها عام 1948 500 نسمة.
في العام 1948 دارت اشتباكات بين المناضلين الفلسطينيين وعصابات الإجرام الصهيونية. وعندما دخل جيش الانقاذ اشتبك هو ايضا مع العصابات الصهيونية، ألا ان الاشتباك لم يدم طويلاً وحصلت هدنة مدتها 48 ساعة تمكنت خلالها العصابات اليهودية من اعادة تجميع صفوفها ونقل جرحاها والتزود بالسلاح لتعود للمهاجمة من جديد بقوة وشراسة اكبر من ذي قبل.. لم يكن لدى المناضلين الفلسطينيين ألا اسلحة خفيفة ومعظمها غير صالح.
اذكر انه في هذه المعركة استشهد المرحوم عبد القادر الرزي من نفس البلد وأصيب علي الهنداوي وعلي الحسين بجراح وبعد الهجمات الصهيونية الوحشية المتتالية علنيا مع الفارق في التسليح لصالحهم رحلنا إلى قرية المنسي قضاء حيفا واقمنا فيها يومين.
هاجم اليهود قرية ابو شوشة المجاورة والتي كانت تسكنها عشائرة الشقيرات وقرية ابو زريق التي كان يسكنها عرب الطواطحة وقتل اليهود الكثيرين منهم فقد بلغ عددهم حوالي 20 شهيدا واختطفوا 30 آخرين.
ثم رحلنا إلى قرى اللجون ومصمس ومشيرفة وجميعها قرى مجاورة لقريتنا الغبية.
كانت هجرة صعبة وقاسية، لا طعام ولا ماء حيث لم نتمكن من حمل أي شيء معنا.
واستمرت الهجرة فقد توجهن بعد ذلك إلى قضاء جنين حيث ذهب قسم منا إلى قرية رمانة وقسم آخر إلى قباطية وهناك جاءت وكالة الغوث الدولية، احصونا وسلمونا بطاقات تموين وصرفوا 10 كيلوا طحين للنفر، لكن ما لبثت الوكالة ان قطعت هذه المعونة.
في العام 1953 رحلنا انا وعائلتي إلى الكرامة للعمل في المزارع هناك وعشنا فيها 20 عاماً "حياة مثل القطران".
في العام 1967 رحل بعض من هاجروا إلى عمان وبعضهم الآخر إلى اربد اما انا فرحلت من الكرامة إلى الجويدة واقمنا فيها ثلاثة اشهر مريرة حيث سكنا الكهوف إلى ان اخبرنا الناس أن الوكالة اقامت مخيما للمهجرين في البقعة فانتقلنا إلى هناك. كل حياتنا كانت تعيسة ونكرة.. كنت اعمل بعشرة قروش يوميا واحياناً بخمسة قروش لأعيل ابنائي الستة.
واود ان اذكر ان اول شهيد من قريتنا في العام 1948 كان ابن خالتي محمد شهاب العلي وآخرين لحقوا به منهم محمود عبد الرحمن نبهان في نفس القرية ومحمد اشتيوي ابو الرب من المنسي وجمعة الجندي وحمود السليم من المنسي.
ارضنا احسن ارض، فهي كلها مرح تمتد من جنين إلى بوابة حيفا كلها لعشيرتنا عرب التركمان.
اما العشائر التي كانت تسكن المرج فهي:
1- عرب العوادين – سكن في لد العرب
2- الشقيرات – قرية ابو شوشة
3- عرب الطواطحة – قرية ابو زريق
4- عرب العلاجمة – قرية المنسي
5- عرب ابن سعيدان قرية المنسي
6- عرب الضبايا + بني غرة – قرية المنسي.
هذه العشائر السبع تشكل بمجموعها عرب التركمان.
والله انني مستعد للعودة إلى بلدي لو اعيش في كهف أو مغارة.