|
ألا يا نَسيمَ الْعِيْدِ أزْجِ الْمعانيا |
وغَنّي مِنَ الشَّوْقِ الطويلِ الْأمانيا |
وأَلْبسْ حَنينَ النَّفْسِ صَوْتَ قَصيْدَةٍ |
تُخَبِّرُ مَنْ حَنَّتْ لَهمْ بَعْضَ ما بيا |
فِإنْ ضاقَ بَحْرُ الشِّعْرِ عَنْ قَوْلِ شاعرٍ |
فما غَيْرُ صَوْتِ الشَّوْقِ يَعْكِسُ حاليا |
غَريبا وَما اخْتارتْ خُطاهُ دروبَهُ |
وما كانَ حبُّ الْمالِ إرْبا وحاديا |
وَلَكِنَّ في النَّفْسِ الْعَزيزَةِ هِمَّةً |
أَبَتْ ـإِذْ تعالتْ ـأن تَمُدَّ الْأياديا |
أتى مِنْ بلادِ النِّيلِ يَحْمِلُ حُلْمَهٌ |
كَقِنْديلِ ضَوْءٍ لَمْ يُبالِ الَّلياليا |
فإنْ فارقَ الْجِسْمُ المُعَنَّى بلادَهُ |
فما فارق الْأحبابُ روحي وباليا |
ولولا رِجالٌ في عُمانَ أَحِبَّةٌ |
لَكُنْتُ إلى الْمَوْتِ الْمُحَقَّقِ دانيا |
فيا أيُّها الْحُزْنُ الْمُسرْبلُ فانْجلِ |
فإنِّي إلى مِصْرٍ شَدَدْتُ الْقوافيا |
فَمَنْ كان في أكْنافِ مِصْرَ فلا يَخَفْ |
سوى ما يشاءُ اللّهُ أمرا موافيا |
وإنّي إذا ضَجَّ الْفُؤادُ بِغُرْبتي |
سَرَتْ مِصْرُ في قلبي وَنَفْسي دوائيا |
هي السِّحْرُ لَكِنْ سِحْرَها دونَ رُقْيَةٍ |
فَمَنْ مَسَّهُ مِنْ سِحْرِها هام شاديا |
فلا كان مَن بِالْحُبِّ يَشْكو صبابةً |
ولا كان مَنْ ينْسى هواها مُجافيا |
وَكَمْ مِنْ مُحِبٍّ عاشِقٍ رامَ حُبَّها |
فمازال مِنْ سُكْر الصَّبابةِ ظاميا |
فهلْ للْهوى إلّاكِ أشْرَفُ قِبْلَةٍ |
وهَلْ يُرْتَجى في التِّيهِ غيْرُكِ هاديا |
بلادٌ حباها اللَّهُ آيَ مَحاسنٍ |
ونَهْرا بأَسْبابِ الْمفاتِنِ جاريا |
وَذِكْرا يَدومُ الدَّهْرَ ... يَبْقى مُخلَّدا |
حواهُ كِتابُ اللَّهِ مَدْحا وزكَّيا |
وَشَعْبا إذا ساقَ الْقَضاءُ مَلُمَّةً |
ترى فِيْهِ جَبّارا على الْجُرْحِ عاليا |
هو الْماءُ عَذْبٌ في السَّلامِ مَذاقُهُ |
وَمِلْحٌ أجاجٌ إذْ يَهُبُّ مُعاديا |
وَدودٌ فَيَقْضي لِلْأخوَّةِ حَقَّها |
وإنْ يَجْفُ إخْوانٌ له ظَلَّ حانيا |
وَيَقْسِمُ مِنْ أَجْلِ الإخاءِ رَغِيفَهُ |
وَيَفْتَحُ دارا مِنْ ذراعيْهِ دافيا |
وَيَشْكُرُ مِنْ فَضْلِ الإلهِ قَليلَهُ |
ويَصْبِرُ إنْ ماجتْ يَدُ الضُّرِّ راضيا |
فإنْ جَدَّ جِدٌّ صار كالسَّيْفِ قاطعا |
وَحِصْنا مَنيعا لِلْعُروبةِ حاميا |
سلوا عَنْهُ في سَيْناءَ يَحْكِ تُرابُها |
وَيرْوِ بما يُذْكي النُّفوسَ الْعواليا |
وأَضْحَوْا لَغُفْرانِ الْيَهَودِ مهابَةً |
وصاروا لأَدْواءِ الْغُرورِ الْمُداويا |
هُمُ خَيْرُ أجنادٍ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ |
فَمَرْحى لِمَنْ كان الرَّسولُ مّزكّيا |
صُنوفٌ مِنَ الْأشواقِ تَسْكُنُ مُهْجَتي |
غَدَوْتُ بها لَحْنا سعيدا وباكيا |
ومازلتُ حَتَّى أَسْكَرَتْني مشاعري |
وألْبس عيدي ثَوْبَ مَلْهاةِ باليا |
فلا أنْتِ مِنْ يَسْلوكِ قَلْبٌ مُتَيَّمٌ |
ولا أنْتِ مَنْ يجفو الْفؤادُ ثوانيا |
فواللهِ ما يكْفيكِ ألْفُ قَصيدةٍ |
ولو زاد حَرْفي ظلَّ ظَمْآنَ صاديا |