|
تمضي بكَ الأيامُ نحوَ بعــيدها .. |
.. تغريكَ بالأوهامِ في أرضٍ بوارْ |
بلْ لستَ تدري أينَ تصبحُ أين تـُمــسي .. |
.. ما النهايةُ لستَ تملكُ منْ خيارْ |
وتظنُّ أنـَّـكَ خيرُ خلقِ اللهِ منْ.. |
.. أهلِ اليمينِ موقراً فوقَ الوقارْ |
ولربـّما في الأصلِ تلفظـُكَ البعوضـةُ .. |
..مثلما تأباكَ أحذيةُ اليسارْ |
للمالِ تجمعُ كيْ يفوزَ بها غريــبٌ .. |
.. ربـّـما يأتي بعيدكَ في نهارْ |
متورثا حتـّى السّريرَ وثغرَ زوجكَ .. |
.. بعدما ضمتكَ أحضانُ الجِفارْ |
فانظرْ إلى موج البحارِ فكمْ سعى .. |
.. في كلِّ يومٍ ألفَ مدٍ وانحسارْ |
ماذا جنى منْ سعيهِ غيرَ العناءِ .. |
.. مضاعفا , هلْ قدْ أتى بالإزدهارْ |
يا سائرا فوقَ الثّرى كمْ ماكثٍ .. |
..تحتَ الثّرى ما بينَ فردوسٍ ونارْ |
قدْ كانَ قبلكَ سيـّدا بينَ الورى .. |
.. واليومَ أغلى منهُ ذرّاتُ الغبارْ |
عشْ ما تشاءُ فإنَّ رزقكَ واحدٌ .. |
.. منْ ثمّ تمضي تاركا أرضَ الدّيارْ |
وإلى ترابٍ آخرٍ إنْ كنتَ عبدا.. |
.. دونَ مالٍ أوْ عظيما ذا اغترارْ |
وكذلكَ الأعمارُ ليستْ تشترى .. |
.. كيْ تشتريها بالدّراهمِ والعقارْ |
ولكلِّ نفسٍ وقتـُها وزمانـُها .. |
.. والعمرُ كلُّ العمرِ لحظاتُ انتظارْ |
والمالُ ليسَ بثوبِ طهرٍ أو تقى .. |
.. ما كانتِ الأخلاقُ منْ صنعِ الخمارْ |
ما نفعُ ثوبٍ أبيضٍ متعطّرٍ .. |
.. إنْ كانَ يخفي تحتهُ جسدَ العـُـوارْ |
لا تعتلي في التّيهِ إنـّـكَ ميـّـتٌ .. |
.. والميـْـتُ قبلكَ فلتسلهُ عنِ الجـَــوارْ |
ما الفرقُ في الأجداثِ بينَ عظيمةٍ .. |
.. لمفكـّـرٍ أوْ بينَ أضلاعِ الحمارْ |
فالكبرَ دعهُ فإنـّـهُ لكَ مهلكٌ .. |
.. مهما بلغتَ ولا تملْ نحوَ الفخارْ |
ومنَ الخطايا والكبائرِ فاحترسْ .. |
.. والعُجبُ يلقي أهلهُ في الإنكسارْ |
كنْ في حياتكَ كالرّحيقِ معطّرا.. |
.. كنْ مثلَ غصنٍ غارقٍ بالإخضرارْ |
كالدّرِّ بينَ النـّـاسِ يلمعُ برقهُ .. |
.. متلألئاً كنْ كالنـُّـضارِ منَ السّوارْ |
والعلمُ يرفعُ منْ مقامكَ للعلا .. |
.. والجهلُ يأتي بالمهانةَ والصِّغارْ |
فاطلبْ جليسَ العلمِ واتبعْ ظلـَّـهُ .. |
.. منْ يقتربْ للزهرِ يجنِ منَ الثمارْ |
يا حائراً كلُّ الخلائقِ فـُـصّـلتْ .. |
.. في الكونِ منْ ربٍّ حكيمٍ ذي اقتدارْ |
فانظرْ عظيمَ الصُّـنعِ إذْ لمْ تمتزجْ .. |
.. فيهِ مياهُ النـَّـهرِ معْ ماءِ البحارْ |
يا حاملاً همّ الحياةِ وناسيا .. |
.. أنّ الذي رفعَ السّـماءَ بلا جدارْ |
وقضاؤهُ في الكافِ ثمَّ بنونهِ .. |
.. إنْ شاءَ ينمُ الزرعُ منْ دونِ البذارْ |
فاقنعْ بكلِّ قضائهِ أينَ المفرُّ .. |
.. منَ القضاءِ وهلْ ستملكُ منْ قرارْ |
واخضعْ لحكمِ جلالهِ طوعا وإيّـاكَ.. |
.. الصّدودَ حذارِ منْ هذا حذارْ |
واسمعْ لنصحي فالحياةُ تجاربٌ .. |
.. ما زلتَ تملكُ منْ حقوقِ الإختيارْ |
وتجاربُ الأيامِ أفقهُ واعظٍ .. |
.. فيها منَ العبراتِ أعظمُ مستشارْ |
هذي الحياةُ إذا علمتَ فإنـّها .. |
.. حسناءُ في وجهٍ شديدِ الإحمرارْ |
لا بدّ يوما أنْ يغادرَ حسنُها .. |
.. ويؤولُ لونُ الوجهِ نحوَ الاصفرارْ |
لا شيئ يبقى والنـّعيمُ مودّعٌ .. |
.. كلَّ الأنامِ إلى فناءٍ واندثارْ |
لا طبَّ ينفعُ والطّبيبُ مفارقٌ .. |
..عندَ المنيّةِ لا نجاةَ منَ البـَـوارْ |
والمالُ يفنى مثلُ صاحبهِ الذي .. |
.. خاضَ الملاحمَ حالما بالإنتصارْ |
ظنَّ انتصارا والحقيقةُ أنـّـهُ .. |
.. ما جاءَ إلاّ بالقليلِ منَ الغِـرارْ |
منْ ظنّ يوما أنّ ظهرَ الأرضِ لا .. |
.. يكفيهِ منْ تيهٍ ومنْ فرطِ افتخارْ |
فلسوفَ تكفيهِ بقايا حفرةٍ .. |
.. ولسوفَ يرضى مرغما بطنَ القفارْ |
كمْ سائرٍ نحوَ الهلاكِ برجلهِ .. |
.. كمْ طارقٍ بجهالةٍ باب الدّمارْ |
منْ غيرِ علمٍ أنّ فيهِ فناءَهُ .. |
.. والويلُ كلِّ الويلِ لوْ دخلَ المسارْ |
سهمُ المنونِ إذا أتى وحروفُ إسـمِكَ .. |
.. فوقهُ لا ترتجي حسنَ الجِوارْ |
فهناكَ بردُ الليلِ يسبحُ في الظّلامِ .. |
..وفي الدجى جارٌ وليسَ كأيّ جارْ |
وهناكَ لا خلٌّ أنيسٌ مؤنسٌ .. |
.. لا وجهَ غيداءٍ يلوحُ منَ الغِـمارْ |
فلقدْ تبدّلتِ الأسرّةُ والمقاعدُ .. |
.. والرؤى والدّارُ ليستْ أيَّ دارْ |
وهناكَ ليسَ سوى رجاءٍ للذي .. |
.. قهرَ الحياةَ بلحظةٍ دونَ اعتبارْ |
فلعلّ رحمتهُ تكونُ كما رجوتَ .. |
.. وعندها طوبى لمنْ سكنَ الدّيارْ |