خرجَتْ تتنزَّه,,
والغابةُ وِجهتُها.
في الغابَة ,,,تُحسُّ انَّها تأبَّطَت الكونَ كلّه.
الخريفُ في الغابَة ,,أجملُ لوحاتِها.
وعبيرُ الأرضِ الرَّطبةِ هناك,,, أحلَى وأشهَى عطورِها.
ودبيبُ الحياةِ في الغابَة ,,أطيبُ أنغامِها.
كانتْ تسيرُ بخطواتٍ بطيئةٍ تشْبِهُ الطيرانَ الصَّامت,
وكانَتْ عينَاها تجولُ فوقَ كلِّ شيءٍ مدهوشةً ملهوفةً,, كأنَّها ترَى كلَّ شيءٍ لأوَّلِ مرَّة,
تشمُّ الأزهارَ ,,ولا تقطفُها,
! تَعُبُّ من عبيرِ الأرضِ ,,,ولا تطأُها
تلامسُ الأغصانَ بشفتيها ,,,ولا تتذَوَّقُها.
/
/
خرجَ يدبُّ على الأرضِ بجسدِه الثقيل ,,مُتَتَبِّعاً خطى غريزةٍ ثقيلة,,
والغابةُ وجهتُه!!
في الغابَة ,,,يقدرُ أنْ يُشبِعَ جوعَه الأبديِّ ويَروي عطشَه.
الخريفُ في الغابَة ,,من أغنَى مواقعِ قدمَيه.
ورائحةُ الترابِ الرَّطبِ,,, تفتحُ شهيَّتَه على مصراعَيها.
كانَ يزحفُ على بطنِه وقدمَيهِ القصيرَةِ, زحفاً ثقيلاً كما الدبابةِ التي تزحفُ على الأشلاءِ الممزقةِ المهْروسَة.
عيناهُ تجولانِ فوقَ كلِّ شيءٍ, فيسيلُ لعابُه كثيفاً .
يلتهمُ الأزهارَ ,,ولا يحسُّ طعمَها أو يشتمُّ رائحتَها,
يلتهمُ الأغصانَ بكلِّ ما فيهَا وما عليهَا ,,ولا يستثنِي أيّ شيءٍ منَ الحيواناتِ الصغيرةِ أو الحشراتِ التي يوقعُها حظُّها العاثرُ به.
/
/
رأتْهُ,,,
فاخْتبأَت خلفَ شجرةٍ مورقة,وتمسَّكتْ بأَغصانِها.
غاصَ قلبُها النَّبيل,, وهيَ تراهُ منهمكاً بابتلاعِ أيّ شيءٍ وكلّ شيءٍ بشراهةٍ مقيتة.
سمعَتْ صوتَ الهديرِ المنبعثِ من فكَّيه,
فخالجَها الرُّعب.
همسَت ,,وقد تصاعدَت أنفاسُها حائرة
ـــ متى تشبعُ يا هذا؟؟
سمعَها
نظرَ بطرفِ عينِه المعكورةِ المجهدةِ,, فرآها
قهقَهَ بصوتٍ أجشٍ وقال
ـــ الهوائيَّةُ المشمئزَّةُ دائما؟ !!أما زلتِ على قيدِ الحياة ؟؟
قالت هامسَة
ـــ أقرفُ منْكَ وأكرَهُك ,,الموتُ أهونَ عليَّ من رؤيتِك,,
أتمنَّى قتلكَ الآن ,,أتمنَّى!!.
لكنَّها تعلمُ أنَّها لا تقدر,, والعكسُ هو الصحيح
/
/
انفجرَ صوتٌ مدوِّيٍ في الأفقِ القريب.
صوتٌ هائلٌ شقَّ عُبابَ الهواء.
ارتَفَعَت الأعناقُ لترَى الخبر.
كان صاروخٌ ينطلقُ بسرعةِ البرْق ,,وخلفَه تسرعُ يمامةٌ صغيرةٌ لاحقةً به,
كانت هذة الصغيرةُ تخفِّقُ بجناحَيها بقوةٍ وعزمٍ جبَّارَين,
لكنَّها سرعانَ ما خارَتْ قُواها ,فسقطَت على أوراقِ إحدى الشُّجيراتِ في الغابة,, مغمياً عليها.
/
قالَتْ لنفسِها ـــ يا للمسْكينةِ الصَّغيرة ,,أسرعِي يا هذةِ وأنقذيها!
/
قالَ لنفسِه ـــ أسرِعْ يا هذا والتقطْها قبلَ غيرِك !!فهيَ صيدٌ سهلٌ ولذيذ!
/
/
بخفةٍ,, وصلَتْ إليها,
مسَّدتْ رأسَها بحنان.
ـــ انهضِي يا صغيرتِي ,,أينَ كنتِ تذهبينَ بهذة السرعةِ الجنونيَّة ؟؟
فتحَت اليمامةُ عينيهَا ,,شقَّت شفتيهَا بصعوبَة ,,وبصوتٍ أشبه بصوتِ النائمِ قالت,
ـــ كنتُ أتْبَعُ ذلكَ الصاروخَ للفضاءِ الخارجِي!!
دُهِشَتْ!!
ـــ للفضَاءِ ؟؟؟,,,الخارجِي,,,؟؟ماذا تريدينَ هناكَ حتى تلقِي بنفسِكِ في هذةِ المغامرةِ القاتلَة ؟
/
/
استيقظَت اليمامةُ,, فرأتْها ورأتْه ,,خفَّقت بجناحيهَا وانطلقََت للغصنِِ الأعلى ,,
قهقهَت حتَّى انقلبَت على ظهرِها,, وقالَت ضاحكة
ـــ يا للصُّدفةِ الغريبة!!!
الأبيضُ النَّاصِع, والأسودُ الحالِك ؟!!!
ما جمعَ الضدَّينِ هنا ؟؟
القناعةُ, والطَّمع !!!!
سألوها ـــ من أنتِ ؟؟؟
رفعَت عنقَها ورأسَها ,,وفرَدَت جناحَيها ,وأخذَت نفساً عميقاً ,وعندَما زفرَتْه,
انْبثقَ بخارٌ كثيف!
تلاشى البخارُ, وتبددَ عن مسِلَّةٍ من نورٍ رأسُها في السَّديم .
قالَت,,, وصوتُها يهدرُ فخوراً ,,ردَّدَتْ صدَاه أشجارُ الغابةِ وتمايلَت لهُ طرباً,
ــــ أنا الطُّموح!
أنا الذِّي,,,,
يبهرُني الغيثُ إذا انهمر
أنا الذِّي ,,,,
يدهشُني الضوءُ إذا انكسر
أنا الذِّي ,,,,
يذهلُني الغابُ إذا انهصر
أنا الذِّي ,,,
خضتُ البحارَ
وركبتُ أمواجَ الخطر
أنا الذِّي,,,
بعدَ القديرِ
غيَّرتُ أقدارَ البشر!
ماسة