متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
لكاتبه محمد محمد البقاش
توفيق زياد
وهذا توفيق زياد في ديوان: توفيق زياد، صفحة: 513 يقول:
((وإلى الأشجار أو العمدان وإلى الريح وجه الله العريان)).
هذه الفقرة قصد بها صاحبها الموسيقى، فقد ركب جملتين ظهر عليهما جمال
لفظي؛ وهو بديع، سجعه لفظا سليم، ولكنه معنى تالف وشاذ، فالوجه موطن
الخجل والحياء والفرح والابتسام والغضب والعبوس.. فهو صالح للاستعارة
والمجاز إن قصد به شيء من ذلك أو غيره مما لم أذكره، ولكن أن يؤتى
بالعري لوجه الله تعالى – وجه الله العريان – فلا يستقيم، ماذا يمكن أن
نستعير من ذلك حتى يستقيم لنا المعنى؟ لا شيء، حتى محاولاتنا تجميله
بكلام؛ لا يفيد، فوجه الله العريان من الظلم، العريان من البخل، من كل
الصفات القبيحة لا يستقيم لغة، ولا يتموضع في الذهن معنى، فهو كلام وإن
ركب على وجه سليم لا يستقيم بسلطان اللغة، ومحاولة الخروج عن سلطان
اللغة جائزة، ولكنها في غير حق اللغة العربية، فاللغات الأخرى اقتعدت
الرفوف بعدما نبتت فيها لغات جديدة مثل اللاتينية التي جاءت منها
الفرنسية والإسبانية والإيطالية إلخ.
هذا لا يكون في اللغة العربية، وأي محاولة بشأن ذلك فهي فاشلة، وكنصيحة
يمكن هؤلاء أن يبدعوا لغة جديدة خارج سلطان اللغة العربية، حتى لغة
البكوك لا تقبل بمحاولاتهم.
وإذن فقرته لغة لم تبن على الوجه اللغوي السليم، بنيت لفظا وتلفت
معنى، وما أكثر مثل هذا الكلام التالف.
وأما من جهة أخرى بالاستناد إلى وجهة النظر التي يتبناها الفرد المعتقد
في الله ووحدانيته وانتفاء الشبه له بذاته وصفاته، فليس هذا من ضمن
ثقافته، فهو دخيل عليه محارب له، وغير محترم لعقيدته بصرف النظر عن
حتمية كون الله تعالى ربا لتوفيق زياد رغما عنه، فذلك بديهي عند
العقلاء.
لئيم الحمل والوضع، دنيء الأصل والفرع من دب في اللؤم وشب لا يستغرب
منه ما جاء به، فهو كغيره بوق؛ النافخ فيه ضفدع المستنقعات..
بينما أنا في رواح
مررت على هذيان
في مطارح الهوان
سمعت الأعقل يقول:
" لا الله أختار ولا الشيطان
كلاهما جدار
وهل أستبدل الجدار بالجدار"
فقلت له:
وهل لديك خيار
يحميك من سفاهة الاختيار؟
مطارح الهوان بدينة
تكاد تطرح أجنتها
لا ينفع لولدانها اللبن
ولا الطعام ولا الماء الزلال
لا المرضعات محظوظات
ولا الأجيالَ تقطع الأجيالُ
مرضع ذكر بلا ثديين
ولا حَلَمتين
يدرّ لبنا من صنبور
يشربونه وبه يحيون
مجرى اللبن سَيْلته
منها قُذفوا ومنها الْتبنوا
يتلمَّظونه ويتمطَّقونه.
..................