(1)
إن ثراء اللغة العربية بديهة قد تغيب عن أذهان أبنائها غير المنشغلين بها، وهنا أنقل هذه الفقرة من كتاب "فقه اللغة" للثعالبي دليلا على هذا الثراء الذي لو عاد إليه أبناء العربية لاستفادوا به في مقابلة الاختراعات الحديثة، ولازدادت المعاجم المتخصصة نماء وانتشارا.
في هذه الفقرة نجد عشرين لقبا لليد نتيجة اختلاف ما تلامسه، ولو قوفنا عند القيد الذي وضعه الثعالبي من أنه اختار ما اطمأن إليه لعلمنا أن الباب طويل متسع، ولعلمنا أنه يصنع معجما قصيرا يشكل مجالا دلاليا منفردا.
(2)
الفصل الخامس والعشرون (في تَقْسِيمِ الآثَارِ عَلَى اليَدِ)
هَذَا فَن وَاسِعُ المَجَالِ، فَمِمَّا رُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ وابْنِ الأعْرابيّ واللِّحْيَانيّ وغيرِهمْ مِنْ قَوْلِهِمْ : يَدِي مِن كَذَا فَعِلَة، ثُمَّ زَادَ النَّاسُ عَلَيْهِ ألْفَاظاً كَثِيرَةً بعضُها على القيَاسِ وبعضُها على التَّقْرِيبِ. وَقَدْ كَتَبْتُ مِنهَا ما اخْتَرْتُهُ واطْمَأَنَّ قَلبِي إليهِ.
تَقُولُ العَرَبُ:
يَدِي مِنَ اللَحْمِ غَمِرَة،
ومنَ الشَّحْمِ زَهِمَة،
ومِنَ السَّمَكِ صَمِرَةٌ،
وَمِنَ الزَّيْتِ قَنِمَة،
وَمِنَ البَيْضِ زَهِكَة،
وَمِنَ الدُّهْنِ زَنِخَةٌ،
ومِنَ الخَلِّ خَمِطَة،
وَمِنَ العَسَل والنَّاطِفِ لَزِجَة،
وَمِنَ الفَاكِهَةِ لَزِقَة،
وَمِنَ الزَعْفَرَانِ رَدِعَة،
وَمِنَ الطِّيبِ عَبِقَةٌ،
وَمِنَ الدَّم ضَرِجَة،
وَمِنَ المَاءِ لَثِقَة،
وَمِنَ الطِّينِ رَدِغَة،
وَمِنَ الحَدِيدِ سَهِكَة،
وَمِنَ العَذِرَةِ طَفِسَة،
وَمِنَ البَوْلِ وَشِلَة،
وَمِنَ الوَسَخِ دَرِنةٌ،
وَمِنَ العَمَلِ مَجِلَة،
وَمِنَ البَرْدِ صَردَةٌ.