الحقيقة
حمل عكازه وانساح في سيره متجولا في حقول القمح التي يبست بفعل الجفاف ، كان يرنو بحسرة إلى السنابل التي امتنعت عن الإنحناء لأنها فارغة ، والسيقان النحيفة اليابسة ، والتربة المتشققة من شدة العطش
ابتسم ابتسامة خفيفة وقال :
ـــ فارغة ! نعم فارغة وترفع رأسها عاليا !!!
انسال العرق من جبينه الأسمر ، مسحه بكم قميصه وهو يتجول في حقله وتتكسر نباتات الزرع تحت قدميه وتنكسر رؤوس السنابل المرفوعة تحت حذائه المرقع
ـــ ما لك يا أبا توفيق ؟
فاجأه جاره المتعلم الذي يعمل معلما في القرية ويمارس الزراعة كذلك في حقله
أجاب أبو إبراهيم :
ـــ ألا ترى فعل القحط في أرزاقنا ؟
ـــ نعم يا سيدي ولكنه عام ويمر ،
ونظر محدقا في عينيه وهو يعب دخان سيجارته فرأى فيها كبرياء الأرض ، وعمق المحبة ، والرضا بحمة الخالق فأراد أن يمازحه ،وغمز بضحكة قال :
ـــ يا ابا توفيق ألا ترى معي سهولة تكسير هذه السنابل ورؤوسها ؟
نظر إليه نظرة استفهام الإنسان الذي قارب أن يجيب عن السؤال وقال :
ـــ ماذا تقصد ؟
ـــ لأنها فارغة سهلة التحطيم
ضحك أبو توفيق ضحكة عالية وقال :
ـــ ما أكثر الرؤوس الفارعة التي تحتاج للتكسير
ضحك الجاران وكل منهما يصفق يد الاخر
رمزت عليا