مقتطفات من مقال لماذا حدث هذا في مخيّم اليرموك؟!
رشاد أبوشاور
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
في جنازة الشهداء بمخيم اليرموك ارتفعت هتافات ضد الفصائل وقياداتها، وعمد بعض الأشخاص إلى مهاجمة ماهر الطاهر القيادي البارز في الجبهة الشعبية، ولم يكتف هؤلاء بضرب بعض القياديين وشتمهم وطردهم من مسيرة التشييع الحاشدة، بل توجهوا حاملين (قنابل) المولوتوف وهاجموا(الخالصة) المقّر القيادي للجبهة الشعبية في المخيم، وقذفوه بالقنابل الحارقة، وهاجموا الموجودين وقتلوا بالسكاكين أحد القياديين واستولوا على بندقيتين ..وتواصلت الاشتباكات حتى الثانية والنصف من فجر الثلاثاء..وسقط حوالى عشرة قتلى، وعشرات الجرحى!
لا شك أن شعبية الفصائل بشكل عام متدنية، وقياداتها لا تتمتع بسمعة حسنة لأسباب كثيرة، ولكن ما حدث، برأيي، ليس سببه تدني الشعبية..ولا الحقد(الطبقي) بسبب الامتيازات التي يتمتع بها (بعض) القادة..وليس كلهم، فهناك قيادات تعيش حياة متواضعة في المخيمات مع شعبها، ومنهم ماهر الطاهر نفسه، والكوادر الموجودين دائما في مقّر (الخالصة) هم غالبا أسرى محررون قضوا أكثر سنوات عمرهم في معتقلات العدو.
هل حدث الانفجار الدموي بسبب سقوط الشهداء في الجولان؟
هذا وارد، فالجماهير الفلسطينيّة التي اعتادت تقديم التضحيات، وتوديع الشهداء بالزغاريد والورد، ربما لم تر أن أبناءها دُفع بهم للموت لأسباب تكتيكيّة تقف وراءها بعض التنظيمات.
من اتصلت بهم، وأنا أثق بهم، أكدوا لي أن لا أحد دفع بهؤلاء الشباب إلى الجولان، وأنه بعد وصول الأخبار عن سقوط شهداء اندفع الألوف إلى الجولان، وما عاد أي طرف قادرا على السيطرة على تدفق الجماهير التي اندفعت للجولان من عدّة محافظات.
مخيّم اليرموك يتداخل مع بلدية (الحجر الأسود) التي يقطنها ألوف السوريين، وهو محاط بمناطق أكثرية سكانها من السوريين النازحين إلى دمشق من المدن السورية.
هل هناك من يهمهم إقحام الفلسطينيين في الأحداث المتفجّرة شعبيّا في سورية؟!.
هنا أتوقف لأذكّر بتصريحات الدكتورة بثينة شعبان التي ادعت في أحد تصريحاتها المبكرة بأن المسلحين الذين اشتبكوا مع رجال الأمن خرجوا من مخيم الفلسطينيين في اللاذقية!
ثمّ سمعنا تصريحا للمعارض السوري هيثم المالح قال فيه (بحسد) شديد تفوح منه رائحة إقليميّة مريضة: الفلسطينيّون يشغلون أكثر من 70 ألف وظيفة في سورية!
الفلسطينيون يتحسسون جدا من استعمالهم (بيادق) شطرنج في الصراعات الداخلية، وبين نظم الحكم العربيّة، وهم ملّوا من مجاملات الفصائل وقادتها وصراعاتها، لذا فليس مستغربا أن ترتفع شعارات رافضة ومدينة لها.
لكن: هل يبرر هذا أن تهاجم الخالصة بالمولوتوف، وأن يذبح أحد المناضلين بالسكاكين، ويساء لسمعة المخيم، وتضرب هيبة التحركات الشعبيّة الفلسطينية التي جعلت من حق العودة هدفا مركزيا لكل الفلسطينيين حيثما كانوا، وتحويله لكلمة السّر التي تجمع كل أبناء شعبنا، وتلّف حولهم ملايين العرب خاصة في زمن الثورات المنتصرة والتي ستنتصر حتما!
وأعود إلى ما جرى في مخيّم اليرموك، ولست أُخفي أن هناك من يريد أن ييئس شعبنا ويربكه، ويفقده أي انتصار، ويغلق في وجهه الطريق الذي بدأ يسلكه معتمدا على نفسه من جديد في إعادة الحضور للقضية الفلسطينيّة، مستقويا بملايين العرب الذين بدأوا يتحررون بعد أن احتلوا الميادين والساحات..وأسقطوا بثوراتهم العظيمة نظم الاستبداد والطغاة.
أثق بأهلنا في مخيم اليرموك مخيم الثورة والشهداء، وأتوقع أن يتجاوزوا هذه (المحنة) وأن يضعوا أيديهم على أسباب ما حدث، بحيث لا يتكرر أبدا.