( 11 )
وحده المتبصرُ بأوزانِ الدنيا من يُدرك جيداً بُعد المسافةِ بين رجلٍ وجد نفسه
الحلقةَ الأقل قوةً في السلسلةِ القوية و آخر رأى نفسه الحلقةَ الأقل ضعفاً في
السلسلةِ الضعيفة فأما الأول ستكون الأيامُ كفيلةً لجعله يتعلمُ من بقيةِ الحلقاتِ
كيف يصبحُ من بني جنسهم و أما الأخير فسيمضي العمر وهو يحسبُ أن ليس
بعد الحمامِ طيوراً تُجيد فن الطيران
( 12 )
إن التاريخَ الحقيقي في التواريخِ المزورة كالأبن الشرعي في أبناء الزنا
فالحقيقة مهما كثر مُدعيها لا تولدُ من عدةِ أرحامِ
( 16 )
لا يشكرُ الحرُّ الأبي ظالماً إذا عفا عنه دون إساءةٍ قد ارتكبها
فالعفوُ المحمود مِنّةٌ مادتها الحقُ و عفوُ الظالمٍ مِنّة مادتها الباطل
و ما بين العفوان قِصةُ شُكرٍ يجب أن يُؤدى و كرامةٍ تأبى أن تُذّل
(17 )
لقد حققتِ الحيواناتُ بفطرتها غايةَ الرغبةِ الجنسيةِ التي وُضعت فيها فاتخذت منها سبيلاً
لضمانِ استمرارِ نسلها ونوعها وجهلَ الإنسانَ رغم إكرامه بملكةِ الفهمِ دون سائر
الكائنات تلك الحقيقةَ الفطرية فانحرفَ بتلك الرغبةِ عن جريانها الطبيعي في الاجتماع
وصرّفها في مواضع أُخرى من شأنها أن تلبي نداء نزواته الطائشة وشهواته المتمردة
و أعملت الحيوانات سُنة القتل في شريعتها الغابية بدافع الرغبة بالحياة فحسب وسن
الإنسان قانون القتل وجعل من أسباب نفاذه الحسدَ والطمعُ والكراهية ورذائل أخرى
وبذلك نفهمُ كيف يتأتى للإنسانية أن تكون في بعض أحوالها كالأنعام بل أضل .......سبيلا
( 18 )
إن الدنيا تضحكُ هازئةً مُتهكمةً في وجه شُرفاءِ العالم عندما تجبرهم على لعبِ
دور الجمهور في مسرحٍ يلعب فيه السارقُ دور من يحذرُ الناس من الغرقِ في
دوامة ِ السرقة والكاذبُ دور الخطيب الدّاعي إلى تحري الصدق والظالمُ دور
من يحدثُ الناس عن عدالة السماء في أهلِ الأرض ثم لا يكون لهؤلاء الشرفاء
عند نهاية العرض سوى التصفيق من نوعٍ آخر في مسرح......قلوبهم
( 19 )
نحن كثيراً ما نصنعُ في حياتنا مُستحيلاتِ لأنفسنا عندما نرتضي أن يكون نصيبها
من قوةِ الإرادةِ ضعفها ومن ثباتِ اليقين شكه ومن شدةِ الإخلاصِ قلته وعندما نسمحُ
لها أن تركن إلى حُب الكسل وكُره العمل وزرعِ أشواك اليأس في بساتين الأمل وبذلك
لنا أن نتفهم أسباب ولادة الكثير من الممكنات في حياتنا من رحمِ تلك المستحيلات
( 20 )
إن أكثر أنواع الذاكرة قوةَ هي التي تتلقى رسائل القلب الحزينة ثم تُسارع إلى تخليصه من ثقلها
ومرارتها عبر إحراقها وذرها في عالم النسيان والعدم و أكثرها ضعفاً هي التي تقف عاجزةً أمام
رسائل قلب ٍ مكلومٍ بمن أحب حتى......... الثمالة
هذا وما الفضل إلا من الرحمن
يتبع إن شاء الله
بقلم.............ياسر ميمو