بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تكبد من كان قبلنا مجهوداً كبيراً في تعليم أبناءهم سائر العلوم , وأول ما كانوا يحرصون عليه هي استقامة ألسنتهم باللغة العربية الفصحى, وإبعادهم عن أسباب اللحن , فكانوا يذهبون بهم إلى البوادي خوفاً من أن تعلق ألسنتهم بشي من لحن الحاضرة , نتيجة لتكالب الأمم وضياع الهمم!
قال مسلمة بن عبد الملك : اللحن في الكلام أقبح من الجدري في الوجه
وقال أبو الأسود الدؤلي: أنى لأجد للحن غمزاً كغمز اللحم
• كراهيتهم للحن الكلام:
تحدث القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق عند عائشة ( أم المؤمنين ) رضي الله عنها , وكان كثير اللحن –يخطئ في كلامه- وكانت أمه أم ولد
وكان بحضرتهم أخ ٌ له من أم أخرى فغضبت عائشة رضي الله عنها عندما سمعته ,
فقالت : مالك لا تحدث كما يتحدث ابن أخي هذا ؟؟
أما أنى قد علمت من أين أتيت ؟
هذا أدبته أمه وأنت أدبتك أمك؟؟
(الآداب الشرعية لابن مفلح 3/80)
ولهذا لما وضعت أبواب النحو كما حكي ذلك المبرد حدثنا المازني قال :
السبب الذي وضعت له أبواب النحو أن بنت أبى الأسود
قالت له : ما أشدّ الحر ؟
قال : الحصباء بالرمضاء!!
قالت : إنما تعجبت من شدته !!
فقال : أوقد لحن الناس؟
فأخبر بذلك عليا رضي الله عنه فأعطاه أصولا بني فيها .
(سير أعلام النبلاء للذهبي 4/83 )
• حفز الأبناء منذ صغرهم لقول الشعر:
وفى حفزالأطفال منذ صغرهم للشعر تعويد لهم على إلقاء الشعر واستعذابه
فتستقيم ألسنتهم وتكثر مفرد اتهم اللغوية.
كان العباس يرقص قثم:
ياقثم ياقثم يا ذا
الأنف الأشم
ياشبه ذي الكرم
كانت هند بنت عتبه ترقص معاوية وتقول:
ان يك ظني صادقاً في ذا الصبي
ساد قريشاً مثلُ ما ساد أبى
رأيت الحسن يرقص ابنه ويقول :
يا رب لاتعجل به المنية ** حتى أرى قبته مبنية
فيها فتاة طفلة هنيه ** ولادّة الغلمان بربرية
• نظم القصائد لهم:
وقد بلغ الآباء مبلغا عظيما في نظم الشعر شوقاً إلى أبنائهم في حال فراقهم لهم طلباً للرزق ,مما لايدع مجالاً للشك أن العرب كانوا رحماء بأبنائهم!! وليسوا جفاة غلاظ كما أشيع عنهم فها هو أحدهم ينظم ويقول :
طربت إلى الأصيبية الصغار ** و هاجك منهم قرب المزار
وكل مسافر يزداد شوقاً ** إذا دنت الديار من الديار
• مخاطبتهم والحديث معهم:
ولا نتعجب بعدها إذا قرأنا بعض الآثار عن فصاحة صغارهم :
قال معاوية لعمرو بن سعيد وهو صغير :
إلى من أوصى بك أبوك؟
قال : أوصى إلىّ ولم يوص بى !
(عيون الأخبار 1/253)
دخل المعتصم على الأمير فمازح ابنه هذا وهو صبى فقال :
يا فتح !أيما أحسن دارى أم داركم ؟
فقال الفتح: دارنا إذا كنت فيها , فوهبه مئة ألف
(سير أعلام النبلاء12/230)
توقيع : ابو عبيدالله
لَجَلْسَة معْ أديبٍ في مُذاكرَةٍ ** نَنفي بِها الهَمَّ أو نستذكر الأدبــا
أشهى إليَّ من الدنيا بما جَمَعَتْ ** ومثلها فضَّةً أو مثلها ذهَبـــــا