إذا كان الحديث هنا عن مدى العلاقة الجدلية و التلازم بين العقلانية و الحقيقة و أن اكتشاف الحقائق العلمية و تطويرها أو نقضها يرتبط ارتباطا وثيقاً بالعلم و العقلانية فهذا الكلام صحيح جزئياً لعدة أسباب .
لأن هذا الارتباط لا يعني ابداً أن الأوساط التي تعيش حالة اطمئنان يوجد خمول في التفكير لدى أفرادها و تعتمد على القناعات المورثة و البديهيات المسلم بها و تستعمل الإجابات الواضحة و الجاهزة دونما تفكير.
ولو فرضنا جدلاً صحة ذلك فهذا يعني أن العلم الذي هو نتيجة التفكير يحتاج لبيئة من الشك و الخوف و عدم الاستقرار لكي ينمو و تبدأ العقول بالتفكير و هذا غير صحيح على الاطلاق .
بل العكس لكي يفكر الأنسان بطريقة عقلانية يحتاج الى الهدوء و الأستقرار والتأمل بعيداً عن تأويلات و أحتمالات الشك ببطلان الأمور في الكون الذي يراه أمامه.
ولا يمكن لأي نظرية انسانية من النظريات أن تتحول الى حقيقة مطلقة بل تبقى النظريات قابلة للنقض أو التطوير و التعديل وذلك مع التطور العلمي للإنسان و ازدياد الأكتشافات العلمية .إلا إذا توافقت مع تعليمات صانع الكون الله رب العالمين وقرآنه الكريم ,
حتى نظرية الجاذبية الأرضية التي اعتبرتها حقيقة علمية مطلقة في موضوعك كشاهد علمي لشدة وضوحها, بينما هي نظرية نسبية تختلف بتغير الزمان وحالة المكان فقد تتغير عندما يتغير الزمان لأن الجاذبية الأرضية ناتجة عوامل داخلية وخارجية ولسنا نعرف تماماً بشكل مطلق كيف قد تتغير هذه العوامل . منها على سبيل المثال دوران الأرض حول نفسها و هذا الدوران قد تتغير سرعته في المستقبل وقد تفقد الأرض جزء من أطرافها أو يزادا حجمها أو ينقص حسب التبدل الحراري و قد تتأثر بعوامل خارجية في المستقبل غير ثابتة كحركة الكواكب و المجرات الأخرى المؤلفة للأكوان.
و هذا كله يؤدي لتغير قانون الجاذبية الأرضية حسب المعطيات الجديدة و المتجددة في العوامل المؤثرة وذلك عبر مرّ العصور..
وقد نقضت نظريات مؤخراً كان يستحيل أن يتخيل عاقل أو عقلاني أنها غير صحيحة عندما كانت العلوم لم تصل لمستوى إدراك أعلى من تلك النظريات في سنين سابقة ..
أما كلامك بأن الفلاسفة المسلين قد أكدوا أن الانسان يشارك بقوته العاقلة الله في ادراك الحقائق فعلماؤنا الأسلاميون يتبرؤن من هذه الجملة (التي اندسّت بين السطور كما يدس السم في الطعام ).
و نرفض هذا التعبير جملة و تفصيلاً لأن فلاسفة المسلمين آمنوا أن الله لا شريك له ,لا في إدراك ولا في غير ذلك , وهذه المسائل التي تمس وحدانية الخالق عز وجل لا يقبل النظر فيها ولا حتى النقاش وإلا يعتبر ذلك شرك بالله الواحد .
كما وضح علماء الدين الاسلامي وكما هو واضح بنصوص القرآن الكريم .
والمثال الذي ذكرته عن التحايل على الحقيقة ليس تحايلاً على الحقيقة أبداً لأن الطبيب عندما قرر أن المريضة ستموت بعد أقل من نصف سنة حسب حالتها الراهنة عندما فحصها و هذه الحالة قابلة للتغيير لأي سبب سواء خارجي كاكتشاف دواء جديد أو داخلي كرفض جسمها الاستسلام للمرض فقد يطول عمرها وهذا الأمر يبقى بيد خالقها ولا يوجد عالم بالكون يستطيع تحديد موعد وفاتها بالتحديد و لا الطبيب لأنه يبقى إنسان معرض للخطأ و إلا لماذا لم يحدد اليوم والساعة التي ستموت فيها .
هذا من حيث المثال الذي طرحته للتحايل على الحقيقة فهذا تحايل نفسي بني على مجرد توقعات مادية و استنتاجاتها
قد تخطئ و قد لا تخطئ وقد تتبدل من شخص لآخر و من زمن لأخر .
أما مضمون التحايل الذي ذكرته على الحقيقة العلمية فليس الا عبارة عن تحايل العلم على فرضيات لأنه أدرك المبادئ التي تبنى عليها .
و الحقيقة العلمية التي لا تنسجم مع القرآن ليست حقيقة مطلقة. تتغير كلما تطور العلم .
و الحقيقة التي قد تراها اليوم صحيحة بشكل مطلق قد تصبح غداً خطأ كبيراً واضحاً.
و بمناسبة الحديث عن النظريات و الدين أود أن أوضح نقطة هامة.
إن أية نظرية تتعارض مع القرآن الكريم تعتبر خاطئة و عاجلاً أم آجلا يثبت العلم ذلك
و أن أيات القرآن الكريم عندما تتفق مع نظرية علمية فإنها تكون إثباتاً لصحة هذه النظرية و تجعلها حقيقة مسلم بها .
بينما العكس غير صحيح أي أنه لا تؤكد النظريات العلمية أن أيات القرآن الكريم كانت صحيحة إذا توافقت النظرية مع الأية. .فيبقى القرآن الكريم هو المرجع الأساس الذي تقاس عليه النظريات .فإذا توافقت معه فهي صحيحة و إذا لم تتوافق فهي خاطئة .
وهذا للتوضيح فقط .
ملاحظة للإدارة : الموضوع غير مطابق لشروط النشر بالواحة أصلاً. فهو يشير الى الفلاسفة المسلمين بجملة غير لائقة
يرجى حذف هذه الجملة من الموضوع .