وَأَن يُكذِبَ الإِرجافَ عَنهُ بِضِدِّهِ -- وَيُمسي بِما تَنوي أَعاديهِ أَسعَدا
المعنى عند العكبري : ( يريد أن أعداءه يُرجفون وهو يكذّبُ إرجافهم بضد ما يقولون.
فهم يرجفون بقصوره: وهو يكذبهم بوفوره، ويرجفون بهزيمته، وهو يكذبهم بظفره
وهم ينوون معارضته فيتحرشون به، فيصير بذلك أسعد، لأنه يظفر عليهم، فيأخذ ما يملكون
ومن روى (تحوي) أراد أنه أملك لما في أيديهم منهم، لأنه متى أراد احتواه واستحقه ) .
معنى البيت رائع
1- يردُّ افتراءهم بضدّه
2 - ويمسي مسروراً بما بيّتوا
صورتان حملتا المعنيين , ولكنْ : هل كان المتنبي موفقاً في هذا البيت ؟ بالطبع لا !
أولاً -
اجتماع ألفاظه كان ركيكاً في الشطر الأول بسبب ( يكذب), مع أن ألفاظه كلَّها لم تكن غريبة ولا وحشية .
وكان بإمكانه أن يقول : ( وأن يدفعَ الإرجافَ عنهُ بضدِّه ) , فهكذا يستقيم البيت من ناحية اللفظ السليم .
ولا يخفى أن لفظ كلمة (يكذب) ركيك , وأن القارئ سيقرؤها أولاً بتشديد الذال , ثم سينتبه إلى أنها خفيفة , ثم سيفكرّ : هل الياء مفتوحة أو مضمومة , وهكذا , مما يجعل الكلمة برأيي تفسد موسيقى البيت ولفظه وتذهب به بعيداً عن معناه في القراءة الأولى .
ولكن : يكذب , أكثر بلاغة , لأن فيها نوعاً من الجناس المعنوي : يكذّبُ الكذبَ
فاختار المتنبي هنا البديعَ , وفضّله على سلامة اللفظ والنطق , وعلى وضوح الصورة .
ثانياً:
عطف مصدر مؤوّل ( وأن يكذب = تكذيبه ) على اسم صريح ( الطعن ) فيه بعض غموض وخاصة :
- أن المعطوف والمعطوف عليه وقعا في بيتين مختلفين , لا في بيت واحد
- أن بين الصريح والمؤوّل اعتراضاً بجار ومجرور
- أن البيت الثاني شابه غموض في المعنى وركاكة في لفظِ كلمةٍ افتتاحية .
مودتي