من "الفتاوى والرسائل الصغرى المسماة در الغمام الرقيق برسائل الشيخ السيد أحمد بن الصديق"، جمع وتنسيق وتخريج عبد الله بن عبد القادر التليدي
***
وأما نفي ابن تيمية للمجاز فهو مسبوق إلى ذلك من بعض أئمة اللغة، وله في ذلك رسالة خاصة. وهو مذهب وجيه مقبول، والذي حمله على ذلك كثرة التجاء المعطلة إلى المجاز وادعائه في تحريف الصفات والنصوص في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. وبيان هذه المسألة يستدعي بعض الطول، وليس مراده أن ينفي وجود استعمال المجاز في لغة العرب، ولكن المراد أن استعمالهم للحقيقة على نوعين أو طريقتين أيضا؛ فالأسد حقيقة في الحيوان، وإذا ضمت إليه قرينة فهو أيضا حقيقة في الشجاع، بمعنى أن العرب وضعت اللفظ للمعنيين على السواء وأرادت بكلتاهما الحقيقة إلا أن الثانية مشروطة بوجود القرينة التي تصرف اللفظ عن الحيوان المعروف إلى الإنسان الشجاع، وعلى هذا فكلمة اليد مثلا حقيقة في الجارحة، وحقيقة في الصفة الإلهية التي لا تدرك كنهها، وليست هي مجازا، هذا ما يرمي إليه ابن تيمية رحمه الله تعالى.